خبر قبل ان نتخلى عن اسرائيل.. هآرتس

الساعة 09:01 ص|06 يناير 2012

قبل ان نتخلى عن اسرائيل.. هآرتس

بقلم: الكسندر يعقوبسون

        يقول أ. ب يهوشع ان تقسيم البلاد الى دولتين ربما لم يعد عمليا، وانه لن يكون مناص من دولة ثنائية القومية ("مقدمة لدولة ثنائية القومية"، "هآرتس" 30/12). لا عجب من ان يثير استمرار مشروع الاستيطان افكارا كهذه. فهذا بالضبط هو هدفه، أي منع تقسيم البلاد بانشاء كتلة حرجة من المستوطنين لا يمكن اجلاؤهم. والهدف ان يُدفن احتمال تقسيم البلاد بمرة والى الأبد، ولا يتعلق هذا الامر ألبتة بسؤال هل يوجد اليوم احتمال عملي للتوصل الى تسوية؟ لكن لماذا يجب علينا ان ندع مؤيدي مشروع الاستيطان يحققون هدفهم؟ حتى لو لم يحدث اخلاء للمستوطنات فلا يعني هذا ألا يوجد تقسيم للبلاد. لماذا نوافق على ان تحدد المستوطنات مصير البلاد ومصير الشعبين؟ ولماذا لا نقضي بأن اليهود يستطيعون البقاء في الجانب الفلسطيني من الحدود التي ستُحدد، باعتبارهم قلة يهودية في الدولة الفلسطينية؟ ان حل دولتين للشعبين مع أقليتين قوميتين عن جانبي الحدود هو الحل المناسب من جهة مبدئية. وهذا الخيار يثير صعابا مختلفة من جهة عملية. لكن أليست جميع الخيارات الاخرى أكثر اشكالا؟.

        وفيما يتعلق بخيار "دولة واحدة" – أي أساس لفرض انه اذا نشأت دولة واحدة من البحر الى النهر ستكون ثنائية القومية لا عربية مسلمة ببساطة؟ هل لأنه سيكون هذا مكتوبا في دستورها؟ ألم نر من قبل دساتير مختلفة الأنواع. كي تكون هذه الدولة ثنائية القومية حقا لا يكفي ان يتخلى اليهود الاسرائيليون عن دولة يهودية بل يجب ان يتخلى العرب الفلسطينيون ايضا عن دولة عربية. ولم يفعل أي عربي هذا حتى الآن.

        ستكون "الدولة الواحدة" دولة ذات أكثرية عربية في قلب العالم العربي الذي تُعرف كل دوله رسميا بأنها دول عربية. وستنشأ الأكثرية العربية فيها سريعا ولو كان ذلك بسبب عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين لن يُمكن منعهم. وفي تسوية الدولتين يمكن ويجب ان يُقضى بأن يعود اللاجئون الفلسطينيون الى الدولة الفلسطينية لكن اذا كانت "دولة واحدة" فهل يمكن ان نفترض بجدية ألا يعود اللاجئون اليها؟ هل من المحتمل ان يوافق الشعب الفلسطيني زمنا طويلا على ان يكون الوحيد بين جميع الشعوب العربية الذي لا تُعرف دولته رسميا بأنها دولة عربية وأنها جزء من العالم العربي؟ هل سيتخلى طوعا عن عروبة فلسطين – لا لمصلحة أكراد أو بربر بل لمصلحة الصهاينة؟.

        ان العروبة المعلنة لجميع دول المنطقة تعبر عن اجماع هو الأوسع. وليس هذا مسألة تصور سياسي فحسب بل تعريف هوية لا تنكرها أية مجموعة ذات شأن من الرأي العام العربي، وليس الحديث بالضرورة عن اضطهاد أقليات غير عربية وغير مسلمة. فلا يوجد اجماع عربي عام يؤيد اضطهاد الأقليات. لكنه يوجد اجماع عربي عام على عروبة كل دولة فيها أكثرية عربية. وبعبارة اخرى فان التخلي عن الصبغة العربية لـ "الدولة الواحدة" وعن انتمائها المعلن للعالم العربي سيعتبر غير شرعي في البلاد وفي المنطقة، ولن يصمد زمنا طويلا. قال عزمي بشارة في المدة الاخيرة ان "الدولة الواحدة" في فلسطين يجب ان تكون جزءا من العالم العربي. وهي في الحقيقة لا تستطيع ان تكون جزءا من عالم آخر.

        ان حل وجود أقلية يهودية في دولة فلسطينية يثير صعابا ومعضلات، لكنه في الوضع الذي نشأ في هذا المجال، وبمسؤولية كاملة من حكومات اسرائيل لا اليمين وحده، فان هذا هو الحل الأقل سوءا بين جميع الحلول التي تؤخذ في الحسبان – فهو أقل سوءا من احتلال عسكري لا ينتهي، فهذا الخيار الذي سينتهي الى تمييز عنصري يلبس زي الاحتلال مرفوض ومعيب. وليس هو ذا بقاء من جهة سياسية ايضا في الأمد البعيد في رأيي.

        ان حل وجود أقلية يهودية في دولة فلسطينية أفضل ايضا من دولة عربية مسلمة في البلاد كلها تتنكر بلباس دولة ثنائية القومية (في بدايتها). وهو أفضل من جر جموع المستوطنين بالقوة من بيوتهم اذا كان هذا أمرا ممكنا أصلا. سألت ممثلا رفيع المستوى من المستوطنين مؤخرا عن هذا الحل وأجاب بأنه يعترف بحق الدولة في ان تقرر الانسحاب من المناطق، لكنه لا يعترف بحقها في اجلائه عن بيته. من المناسب على الأقل ان يوزن هذا الحل بجدية قبل ان نتخلى عن دولة اسرائيل.