خبر إيران وأمريكا ـ منافع ـ التصعيد في الخليج .. أيمن خالد

الساعة 08:58 ص|06 يناير 2012

إيران وأمريكا ـ منافع ـ التصعيد في الخليج .. أيمن خالد

تستفيد أمريكا من التصعيد في الخليج، بتسويق وبيع ما تبقى من ترسانتها المكدسة من الأسلحة في مستودعاتها، خصوصاً وأن هذه الأسلحة لن تستخدمها دول المنطقة بأكثر من الاستعراض العسكري المألوف في المناسبات، وفي أفضل الأحوال يمكن استخدامها للتدرب عليها أو في المناورات.

مثل هذه الصفقات تصب مباشرة في خدمة الخزينة الأمريكية، وتعيد تنشيط المؤسسة العسكرية الإنتاجية، والشركات المدنية الموازية، التي تنتج لصالح القطاع الحربي.

وتستفيد في قضية الدرع الصاروخية، وهي الدرع التي ستمنح أمريكا صهوة الجواد، وفكرة الدرع تعمل عليها الولايات المتحدة منذ سنوات، فالتصعيد والمناورات الإيرانية، تدفع القوى الغربية بمجملها نحو الاندفاع لإتمام هذا البرنامج، الذي أٌثيرت حول جدواه وأهميته الشكوك خلال الفترة الماضية، وسيبدو هذا الدرع الصاروخي بعد هذه الحقبة من التصعيد وكأنه ضرورة ملحة، ففي حين تعرضه أمريكا بأنه ضرورة إستراتيجية، ستختفي تحت وطأة ضجيج الإعلام الطبيعة السياسية لفكرة المنظومة الدرع-، والتي ستعيد برمجة العقل العالمي لإعادة استيعاب مفهوم الهيمنة الأمريكية، ولعل الدرع الصاروخية إذا تم رؤية ظلالها السياسية فسوف تذكرنا بفكرة حرب النجوم، والضجيج الإعلامي الذي ترافق في حينه، لكن هذه الاستعدادات ستكون ذات طابع ارضي لا فضائي.

وتستفيد أمريكا باستمرار توجيه العرب شرقاً، بما يجعل قضاياهم المصيرية، من فلسطين وصولاً إلى شؤونهم المنزلية، رهينة فرضية غير ممكنة، فالأمريكان يعرفون أكثر من غيرهم الحدود التي تقف عندها الجغرافيا السياسية الإيرانية.

بالنسبة للأمريكان، هم يعرفون أنهم وضعوا العراق وأفغانستان على سكة القطار المتجه إلى القرون الوسطى، ويعرفون أن ما خسروه في العراق من جنود تخسرهم أمريكا في شهر واحد من جراء حوادث الطرق، وهم يطبعون العملات كما يطبعون الصحف ولا يكترثون، ويعرفون أننا في العالم الثالث نحلم كثيراً بانهيار الإمبراطوريات فحسب، ونقرأ كثيراً في تفاسير الأحلام، وننتظر من الكوارث الطبيعية أن تغير وجه التاريخ كما نريد.

وباختصار ذلك كله، فإن أمريكا تعيد إنتاج اقتصادها بقوة، مستغلة الظروف الراهنة في الخليج.

في الجانب الآخر الإيرانيون:

تريد إيران من التهديد والوعيد أن تكون - بيونغ يانغ الخليج- وفي أقل التقديرات، تحلم أن تكون - كوبا الخليج العربي- وتعتقد أنها في كل الأحوال رابحة، لأن إيران ترى من وجهة نظرها أن أمريكا خسرت حربي العراق وأفغانستان ولم تعد قادرة على خوض حروب كلاسيكية، وتعتقد أيضاً أن فكرة الضربة الصاروخية لها غير ممكنة ما دامت القوات الأمريكية تحت مرمى الأسلحة الكلاسيكية ذاتها.

وتريد إيران أن تثبت أنها بديل إقليمي قادم للأمريكان الذين يستعدون للرحيل، وبالتالي تعتقد أن استعراض القوة العسكرية هو مسألة لا بد منها في هذا الطريق، خصوصاً في منطقة حيوية للعالم، يخشى الجميع فكرة الحرب فيها لما لها من تداعيات سلبية على الاقتصاد في مختلف الدول الصناعية.

وتريد إيران أن تعمل على رفع أسعار النفط في السوق العالمي لتبدو كلاعب أساس في تحديد الأسعار، وهو أمر استفادت منه جيدا مع أزمة النفط التي بدأت نهاية عام 2007 ووصلت في العام التالي إلى قرابة 150 دولارا للبرميل، ما جعل الدول المنتجة تستفيد من عائداته، وهنا تقف إيران ملوحة بهذا الصدد بأن برميل النفط قد يصل إلى 200 دولار.

وتريد إيران أيضا أن تصرف أنظار الداخل إلى الخارج، وهي تستعد لمرحلة برلمانية جديدة، فيها من الاختلافات ما يجعل اللعبة السياسية في الخارج أكثر جدوى.

إيران تقوم من خلال مناوراتها بلعبة سياسية بعضها سبق استخدمها له، والبعض الآخر هي محاولة استنساخ تجارب خارجية، وهذا يوحي أن لغة الإبداع الخاصة لكل دولة هي غير متوفرة في هذه الخامة من الاستعراضات، لكنها تعتقد أنها في كل ما تفعله لن تخسر شيئاً، فهي تجري مناورات فحسب.

بكل الأحوال, لدى الإيرانيون ما يفاوضون عنه، ولدى الأمريكان ما يبيعونه، ولدى العرب كتب تفسير الأحلام والدعاء على الظالم ودفع الفواتير أيضاً.

' كاتب فلسطيني