جهاز قضاء مستقل في الضفة -هآرتس
بقلم: تسفي برئيل
(المضمون: المستوطنون ومؤيدوهم يُخضعون القضاء والسلطات الاسرائيلية لاملاءاتهم ويتحايلون على القانون بصورة دائمة - المصدر).
لا يعرف الابداع حدودا، ومثال على ذلك الفكرة الجديدة التي هي نقل بؤر استيطانية غير قانونية من مكان غير قانوني الى مكان غير قانوني آخر. من ارض فلسطينية خاصة الى ارض فلسطينية "تملكها" الحكومة. ومن منطقة محتلة الى منطقة محتلة اخرى وكأن الحديث في الحقيقة عن إحلال قانوني لهذه البؤر الاستيطانية. هذا نوع لعبة كراسي موسيقية يربح الجميع فيها ولا يبقى أحد بلا كرسي. في رمات جلعاد ستُنقل تسعة كرفانات بضع عشرات من الأمتار وتصبح جزءا من المستوطنة "القانونية" كرنيه شومرون، وفيما يتعلق بالبؤرة الاستيطانية غير القانونية ميغرون، يقترح الوزير بني بيغن نقل مبانيها الى منطقة "قانونية" اخرى على مبعدة بضع مئات من الأمتار عن موقعها الحالي.
"ان الابداع والحكمة اللذين بهما أدارت الحكومة بواسطة الوزير بيغن الحوار، الى جانب عظمة الروح واخلاص النفس اللذين أبدتهما عائلة زار وسكان رمات جلعاد، هي الطراز للحكمة المطلوبة لاستمرار تطوير الاستيطان في رمات جلعاد واماكن اخرى ذات خصائص مشابهة". هكذا لخص عضو الكنيست عتنيئيل شنلر (كديما) هذا الاختراع. ونقول بالمناسبة انه ما يزال لا يوجد اتفاق في ميغرون. فهناك لا يوجد مغفلون وإطراء "عظمة الروح واخلاص النفس" لن يُحمسهم. لأنه اذا تم تبني النقل طريقة، والعياذ بالله، فان شخصا ما يسأل لماذا لا تُنقل جميعها الى منطقة قانونية حقا، لنفترض الى داخل دولة اسرائيل.
ان نقل مبان على حساب دافع الضرائب الاسرائيلي ليس مصالحة وليس إحلالا. فهو يتابع ايهام قانونية الاستيطان. وكأنه يوجد حقا قضاءان يهوديان في المناطق، الاول قانوني والثاني ليس كذلك. وليس هذا دوسا على قضاء المحكمة العليا في آب الماضي الذي قضى بأنه ينبغي هدم البيوت في ميغرون حتى مطلع آذار. والنقل ينقل الاختلاف في البناء غير القانوني من الصعيد القضائي الذي قال قوله ليعيده الى الصعيد السياسي. وحسبنا ان نرى جوقة مستعملي الضغوط وفيهم رجال دين وناس من الحياة العامة وساسة يحاولون منع النقل أو عرضه على الأقل على أنه تخلي يُظهر ارادة جيدة كي ندرك ان النضال ليس عن بيوت بل عن مط حدود القانونية في مكان القانونية فيه مخترعة.
وهناك مثال آخر للابداع المخالف للقانون وهو اقتراح القانون الذي بادر اليه زئيف ألكين (الليكود) ويعقوب كاتس (الاتحاد الوطني) ودافيد روتم (اسرائيل بيتنا)، ويقضي بأن هدم البيوت سيتم فقط بحسب قرار حكم جازم أصدرته محكمة مخولة ان تبحث في قضايا الاراضي. لا المحكمة العليا التي لا تبحث في الأدلة ولا قائد عسكري هو السيد على الارض. لكن لا يكمن الشأن المهم في هذا، هذا الى ان رئيس الحكومة ايضا، بتوصية من المستشار القانوني للحكومة، رفض بحث اقتراح القانون السيء هذا.
ان هذه البدعة تنقل الى أيدي المستوطنين القوة ليلائموا لأنفسهم السلطة القضائية التي تريحهم ولالزام الحكومة ان تُجر وراء اختيارهم. وليست هذه الصيغة التي فُصل القانون بحسبها جديدة. فقد بدأت باصطلاح منظم اشتمل على تعبيرات مثل "وضع اليد على الاراضي" و"مصادرة الاراضي" و"اغلاق المناطق" ثم استمر الى تعبير "المستوطنات القانونية" و"تثخين مستوطنات قائمة" وانتهى الى المصطلح البطولي "بؤرة استيطانية" الذي انقسم الى "قانونية" و"غير قانونية". وهي مصطلحات كان الغرض منها جميعا ان تكذب على القانون وان تُملي على المحكمة العليا لغتها وان تنقل السيادة من الحكومة والجيش الى المستوطنين. وهي مصطلحات أصبحت علامات طريق في المنزلق الدحض الذي أصبحت فيه دولة ذات سيادة تابعة لجالية يهودية تُملي عليها قوانينها ولغتها.
ستكون سنة 2012 اذا سنة "البؤرة الاستيطانية المنقولة"، التي تذيب فيها مصطلح "بؤرة استيطانية غير قانونية" وتضع نهاية لحياته. اجل، يجوز لنا ان نتأثر بصورة عمل اللغة الخاصة التي تم ابتداعها من اجل المستوطنات وكأنها قانون أو محكمة على الأقل. بقي فقط أمر هامشي يتعلق بمكانة المحكمة العليا التي أصبحت تسويفا في ارض المستوطنين. لكن يمكن ان يوجد لهذا حل ايضا. فلماذا لا يتم انشاء جهاز قضائي يهودي مستقل في المناطق يشمل محكمة عليا؟ فهناك سلطة تنفيذية، والسلطة التشريعية الاسرائيلية أسيرة المستوطنين أصلا، فلا تنقص سوى سلطة قضائية. ولن يكون هذا عملا غير قانوني بل سيكون في الحاصل العام نقلا.