تهديدات في الهواء -يديعوت
بقلم: رامي طال
ان تصريح وزير الدفاع الامريكي، ليئون بانيتا بأن قنبلة ذرية في يد ايران هي "خط احمر بالنسبة الينا" وأنه "اذا اضطررنا الى ان نهاجم لمنع هذه الامكانية فسنهاجم"، وتصريح رئيس هيئة الاركان الامريكي، مارتن دامبسي الذي حذر ايران بقوله "لا تخطئوا تقدير تصميمنا"، استُقبلا في اسرائيل، الرسمية وغير الرسمية معا، في ابتهاج، يبدو انه أصبح يوجد عندنا من ينتظرون سماع نتائج القصف المرجو.
لكن أيها الرفاق هدّئوا النفوس، فاحتمال ان تهاجم الولايات المتحدة منشآت ايران الذرية ليس صفرا في الحقيقة، لكنه صغير جدا. وأكثر منطقا من ذلك ان نفترض ان بانيتا، وهو رجل سياسة خالص، أراد ان يصد هجمات مرشحين جمهوريين للرئاسة يتهمون – بغير حق كليا – الرئيس اوباما بسياسة خارجية مهادنة لأعداء الولايات المتحدة، وربما تسللت الى رأسه ايضا فكرة عن الصوت اليهودي في الانتخابات التي ستُجرى بعد أقل من سنة. ويُسمع دامبسي ايضا صوت أسياده المدنيين الذين يطمحون الى تخويف ايران لكن مع الامتناع عن الحرب.
لا شك في ان الولايات المتحدة لا تريد ان ترى ايران مع سلاح ذري وستفعل الكثير لمنع هذا، الكثير لكن لا كل شيء. والولايات المتحدة مثل اسرائيل التي دخلت لبنان في 1982 ونجحت في ان تهرب من هناك مذعورة في سنة 2000 فقط، ما تزال تحمل ندوب الحرب المأساوية التي لم يكن اليها داع في العراق التي انسحب منها الآن آخر جندي امريكي. وايران حبة جوز كسرها أصعب من كسر العراق.
لكن حان وقت ان نسأل أنفسنا هل تتطابق مصالحنا ومصالح الولايات المتحدة في الشأن الذري الايراني؟ والجواب الحق بالنفي. فالولايات المتحدة، وبحق لا ترى وجود سلاح ذري في يد ايران تهديدا وجوديا بل خطرا على مصالحها الحيوية في المنطقة، وقبل كل شيء على النظام في السعودية وامارات النفط. وفي مقابلة هذا تعرض اسرائيل القنبلة الايرانية باعتبارها تهديدا وجوديا لها وهذا غير صحيح.
من المحقق ان ايران كانت تريد ان ترى اسرائيل تختفي، لكن لو ان ايران كان لها الآن 50 قنبلة ذرية وقدرة على اطلاقها على أهداف اسرائيلية فمن المؤكد بنسبة تكاد تبلغ 100 في المائة أنها كانت تحجم عن فعل هذا. لماذا؟ لأنها تُقدر ان لاسرائيل قدرة على "ضربة ثانية"، أي القدرة على محو ايران عن وجه البسيطة حتى لو تلقت قبل ذلك ضربة ذرية. وفي هذا الشأن، لا يهم أهذا التقدير صحيح أم لا. ان الذي يهم هو كيف ترى القيادة الايرانية اسرائيل. ومن يزعم ان القيادة الايرانية غير عقلانية يخطيء ويُضلل. فمنذ سيطرت على ايران في 1979 الى اليوم عملت بصورة عقلانية تماما.
قرر بن غوريون في 1957، وهذا الهدف ازاء ناظره (أي الردع الناجع) ان يستغل الفرصة التي كانت كما يبدو فرصة لمرة واحدة، وأرسل نائبه في وزارة الدفاع شمعون بيرس ليشتري من فرنسا مفاعلا ذريا. ومن شبه المؤكد ان بن غوريون وهو عبقري سياسي أدرك ان السلاح الذري مثل شمع عيد الأنوار – نراه جيدا (وإن لم نصدق وجوده رسميا)، لكن لا نستعمله.
ان الضجة التي تثيرها اسرائيل في العالم على المشروع الذري الايراني صحيحة وعادلة. وينبغي ان نأمل ايضا ان تكون لنا مشاركة قوية في التفجيرات الغامضة التي تُخرب المنشآت والمصانع الايرانية المتصلة بهذا المشروع، ولكن هجوما عسكريا جليا أمر يختلف تماما.
في هذا الوضع، يوجد منطق كبير في الأخذ باستراتيجية "أمسكوني وإلا..." ونشر اشارات الى استعدادات وتأهب وتدريبات وتجارب عسكرية وما أشبه، الغرض منها اخافة العدو. فلا سبب يدعو الى ان ينام خامنئي واحمدي نجاد في هدوء، بل من المرغوب فيه ان يعيشا في خوف دائم. لكن في موازاة هذا يحسن ان نعلم نحن، الجمهور الاسرائيلي، الحقيقة الصادقة وهي ان ايران مع قدرة ذرية عسكرية هي تطور سيء ومُضر لكنها ليست تهديدا وجوديا. وبحساب واع يحسن بنا ألا تدخل الولايات المتحدة مغامرة عسكرية في ايران فانها ستخرج منها مع عدة ندوب لكننا قد نجد أنفسنا جرحى بجراح أبلغ كثيرا.