عن مذبحة الشعب الارمني -إسرائيل اليوم
بقلم: يوسي بيلين
(المضمون: دعوة الى الاعتراف بكارثة الارمن في اسرائيل وخاصة ان العلاقات اليوم بين اسرائيل وتركيا في الحضيض - المصدر).
"الاربعون يوما لموسى داغ" – كل من كان هذا الكتاب في القائمة الالزامية لكتب طفولته علم ان الاتراك قاموا بمذبحة شعب للارمن اثناء الحرب العالمية الاولى في 1915. وصف الكتاب الرائع لفرانس ويرفل قصة بطولة 5 آلاف ارمني تم اجلاؤهم الى "جبل موسى" جنوبي تركيا، وبعد 53 يوما كان يمكن ان يموتوا فيها هناك أنقذتهم دول اوروبا التي أرسلت اليهم سفنا حملتهم في الطريق الى الحرية.
لم تُدخل الدولة العثمانية الارمن أفران غاز. لكن اجلاءهم المجنون كان بمثابة حكم بالاعدام على مليون ونصف مليون انسان. والذي فاجأ العالم ان ادارة كمال أتاتورك تبنت التوجه الاستعماري، وحاربت كل محاولة لوصف كارثة الارمن بأنها كذلك. وليس كتاب ويرفل محظور النشر في تركيا فحسب، ففي منتصف سنة 1939 حينما أرادت قاعات بث "ام.جي.ام" انتاج فيلم على أساس "الايام الاربعين لموسى داغ"، ببطولة كلارك غيبل، نجح الاتراك في استعمال الضغط على مدير قاعات البث وجعلوه يُبطل الفكرة.
حاربت تركيا التاريخ وما تزال حتى الآن بنجاح لا يستهان به. فأكثر محاولات عرض اجلاء الارمن بأنه كارثة لم تنجح. ويصعب ان نُخطر بالبال كم من الوقت والمال بذل الاتراك في الـ 100 سنة الاخيرة لتشويه التاريخ ولمنع العالم ان يعرض بصورة حقيقية ما حدث في 1915. ان القانون الذي جاز في البرلمان الفرنسي وبمقتضاه من ينكر كارثة الارمن تنتظره سنة سجن وغرامة مالية مقدارها 45 ألف يورو، هو الاخفاق الدبلوماسي التركي الأكبر في هذا المجال. وليس عجبا ان رد تركيا (برغم ان القانون لم يُجز بعد في مجلس الشيوخ الفرنسي) كان اعادة السفير من باريس.
ينبغي ألا ننكر أننا كنا مقصرين ايضا. فعلى مدى سنين ساعدنا تركيا على هذا الجهد الهاذي لمنع انشاء متاحف لتخليد ذكرى الضحايا الارمن ومنع قرارات مجلس النواب الامريكي وبرلمانات مختلفة في العالم في هذا الشأن.
منعت حكومات اسرائيل قرارات كنيست تخلد ذكرى الكارثة الارمنية وأوضحت لكل من أراد ان يعرض الحقيقة ان الشراكة بين اسرائيل وتركيا مصلحة قومية حيوية. وفي كل سنة في يوم الكارثة الارمنية (24 نيسان) تثير كتلة ميرتس في البرلمان اقتراح قرار للاعتراف بهذه الكارثة، الى الآن فشلت هذه الجهود. قبل 18 سنة حينما أجبت باسم الحكومة على اقتراح بهذا الشأن وتحدثت عن "الكارثة الارمنية" أُغلقت في وجهي أبواب تركيا مدة بضع سنين. وكانت تلك معضلة غير سهلة بين حقيقة تاريخية وبين مصلحة اسرائيلية شرعية في ألا نفقد تركيا.
ليس للازمة بين اسرائيل وتركيا جوانب ايجابية كثيرة. كان يمكن ويجب انهاؤها، ووقع خطأ شديد حينما رفضت الحكومة مصالحة المحامي يوسف شخنوبر الذي أرسلته.
لكن ما بقي شعور الالتزام الاسرائيلي لتركيا منخفضا كما هو اليوم فانها فرصة لنا لنعترف رسميا بالكارثة الارمنية حتى لو لم يصحب انكار الكارثة الارمنية عقاب كما فعل مجلس الشعب الفرنسي.