د. أيوب عثمان يكتب.. أَضْرِبوا، أَضرَبنا.. أوقِفوا الإضراب، أوقفنا: ماذا جرى يا نقابة؟!
بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان
عضو مجلس نقابة العاملين المنتخب
كاتب وأكاديمي فلسطيني – جامعة الأزهر بغزة
في العشرين من هذا الشهر (ديسمبر 2011) نشرت النقابة على موقعها الالكتروني مادة احتواها الضعف ولفَّها الانكسار فيما طفح منها القلق ونزَّ منها التوجس والخوف من سرعة الانهيار، فيما كانت مسؤولية العمل النقابي الواعي تفرض على النقابة أن تقوم بنشر هذه المادة في اليوم السابق، الاثنين 19/12/2011، الذي شهد في الجامعة إضراباً أكاديمياً وإدارياً شاملاً، استجابة لطلبها الذي أعلنت عنه للعاملين من على موقعها.
كان أهم ما جاء في هذه المادة أن "وفداً من مجلس النقابة قد عقد مع الدكتور/ عبد الرحمن حمد، رئيس مجلس الأمناء، اجتماعاً حضره كل من الدكتور/ جبر الداعور والأستاذ/ ناهد مغاري، وأن الدكتور/ حمد قد أبدى خلال الاجتماع تفهماً للعديد من القضايا المطروحة، وأنه قد وعد خيراً! وأن مجلس النقابة سيضع العاملين في صورة الأوضاع أولاً بأول، وأن مجلس النقابة سيبقى وفياً للجامعة والعاملين، وأن عهده معهم هو عهد الأوفياء."!!! وهنا، ألزم نفسي – إن كنت الوفي لها والصادق معها قبل سواها – بأن أترجم صادقاً ما عاهدت الله والجامعة ونفسي وناخبيّ عليه، الأمر الذي يحرضني على ألا أبقي التساؤلات الآتية حبيسة صدري:
التساؤل الأول: حيث تقول النقابة نصاً وحرفاً بأن وفدا منها قد عقد مع الدكتور/ عبد الرحمن حمد، اجتماعاً بحضور كل من الدكتور/ جبر الداعور والأستاذ/ ناهد مغاري، فإن هذا يعني أن الاجتماع الذي تم عقده كان اجتماعاً رسمياً، فهل كان للاجتماع الرسمي هذا جدول أعمال رسمي، وهل تم توثيق هذا الاجتماع بمحضر رسمي؟ وهل انتهى الاجتماع إلى حلول على مستوى رسمي للقضايا المطروحة الخاصة بالجامعة والعاملين؟ وأليس من حق العاملين أن يعرفوا كل الذي جرى؟! وأليس واجباً على نقابة انتخبها العاملون أن تطلع العاملين على تفاصيل التفاصيل المتصلة بجامعتهم وقضاياهم؟!
التساؤل الثاني: وحيث إن الدكتور/ عبد الرحمن حمد، قيل عنه قبل اليوم، وأكثر من مرة، أنه "أبدى تفهماً للعديد من القضايا المطروحة" ثم سرعان ما عاودت النقابة هجومها عليه، فهل إظهار الدكتور/ حمد تفهماً تجاه بعض القضايا صار أمراً يستأهل، في السياق الذي نحن فيه، أن تعلن النقابة عنه، وأن مجرد إبداء التفهم صار إنجازاً يطوي صفحات لتبدأ بعد الصفحات صفحات؟! أليس حقاً للعاملين أن يفهموا هذا التفهم الذي أبداه الدكتور/ حمد، كما تقول النقابة؟! أليس حقاً للعاملين أن يفهموا كيفية فهم هذه النقابة لتفهم الدكتور/ حمد؟!
التساؤل الثالث: وحيث إن الدكتور/ حمد وعد خيراً، أليس حقاً للعاملين أن يفهموا ولو إشارات أو مبشرات عن وعد الخير هذا؟! وأليس حقاً لهم أن يفهموا كيف تتفهم نقابتهم وعد الخير؟! أليس حقاً للعاملين أن يفهموا ماذا قال الدكتور/ حمد ليكون وعده وعد خير؟! ما الذي جعل النقابة تؤمن أن ما جرى هو في حقيقته وعد خير؟!
التساؤل الرابع: ألم يكن حقاً للعاملين أن يعرفوا مساء يوم الإضراب الشامل، كعادتهم، (الاثنين 19/12/2011) عما إذا كان عليهم أن يستأنفوا العمل في الجامعة تماماً كما كانوا قد أبلغوا وأكثر من مرة في يوم الإضراب وقبله بيوم أن الالتزام بالإضراب واجب وضروري؟! وألم يكن واجباً ملزما ً لهذه النقابة أن تبلغ العاملين مساء يوم الإضراب بما يتوجب عمله صباح اليوم التالي الثلاثاء 20/12/2011؟! ألم يتصل العشرات والعشرات من العاملين برئيس النقابة مستفسرين عما إذا كان واجباً عليهم أن يعودوا إلى العمل؟! وألم يتصل العشرات والعشرات أيضاً على كل عضو من أعضاء النقابة حول الأمر ذاته؟! ما السر الكامن وراء هذا الغياب الغامض للنقابة؟!
التساؤل الخامس: لماذا لم تنشر النقابة للعاملين مساء يوم الإضراب الشامل (الاثنين 19/12/2011) المادة الهزيلة التي نشرتها في اليوم التالي الثلاثاء 20/12/2011، حيث انحسرت ضرورتها وتآكلت أهميتها من حيث توجيه النقابة للعاملين حول استئناف العمل أو الاستمرار في عرقلته صباح الثلاثاء 20/12/2011؟!
التساؤل السادس: هل تملك النقابة الجرأة فتصارح العاملين بالحقيقة مهما كانت مرارتها، فالحقيقة التي أعنيها والتي أطالب النقابة بجرأة الإعلان عنها هي حقيقة ذات مذاقين: أولهما مذاقه مر ومرير، وثانيهما مذاقه حلو ومبشر وجميل. أما المذاق الأول فهو مر ومرير تتذوقه النقابة، وأما المذاق الثاني، فهو ما يؤمَّل أن تتذوقه هذه الجامعة المعذبة والغيارى المنتمون لها من طلبتها والعاملين فيها!!!
التساؤل السابع: إذا كانت النقابة قد زينت بهذه المادة القلقة والهزيلة والمنكسرة موقعها الالكتروني منذ صباح الثلاثاء 20/12/2011، فلم لم تنشر النقابة أي جديد في السياق ذاته بعدها، وقد مضى على نشرها حتى الآن سبعة أيام؟! ألم تقل النقابة أنها ستضعنا في صورة الأوضاع أولاً بأول؟! وألم تقل النقابة أيضاً أن عهدها مع العاملين هو عهد الأوفياء؟! "وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا".
التساؤل الثامن: أليس واجباً على من يصف عهده بأنه عهد الأوفياء بأن يكون وفياً فيبلغ العاملين عن محطات واجتماعات وكولسات تتعلق بهم، سواء كانت تلك المحطات والاجتماعات قبل اجتماع وفد مجلس النقابة مع الدكتور/ حمد أو بعده؟! ألا يفهم أصحاب عهد الأوفياء أن الطريق المستقيم أقصر من ذاك الملتوي؟!
التساؤل التاسع: هل راجعت النقابة و/ أو أعضاؤها و/ أو ما كان يصدر عنهم من نعوت لمجلس الأمناء ورئيسه لتجد اختلال التوازن وانعدام الثبات؟! أيجوز لك إن أنا منحتك أن تقول في ما يناقض قولك إن أنا منعتك؟!
التساؤل العاشر: ما الذي جرى يا رئيس النقابة؟! لماذا جيشت للإضراب ثم سرحت جيشك؟! هل أنجزت؟! ما الذي أنجزته؟! من يعوض خسائر الجامعة بكل مكوناتها عن التعليقات الكلية والجزئية في أيام الاثنين 26/9/2011، الثلاثاء 27/9/2011، الأحد 20/11/2011، الاثنين 21/11/2011، الثلاثاء 21/11/2011، الاثنين 19/12/2011، دون أن ننسى أنك – كقولك – طلبت من العاملين وقف خارطة الطريق التي دشنْتها نحو سلسلة الإضرابات يومي الأربعاء والخميس 23 و 24/11/2011 نظراً لتدخل القيادة الفلسطينية، وبعض أعضاء من مجلس الأمناءـــ ما الذي حدث من إنجاز طوال الفترة الماضية الواقعة بين وقفك للإضراب – احتراماً للقيادة الفلسطينية وبعض أعضاء مجلس الأمناء وإعلانك الإضراب من جديد لاستئناف الفعاليات النقابية التي كنت – كقولك – قد أوقفتها نظراً لتدخل القيادة الفلسطينية؟!
وبعد: فإنني أستأذن كل مُنْتَمٍ لجامعة الأزهر غيور عليها، العودة إلى مقالة سابقة عنوانها: "إذا.. وماذا... ولماذا.. يا نقابة العاملين؟!"، بغية مراجعتها مع التركيز على سؤال للنقابة كنت قد اختتمت المقالة بها فقلت: ما الذي سيكون إن كان للإضراب أن يستمر؟! وما الذي سيكون إن كان للنقابة أن تتراجع، لاسيما وإن للتراجع فنوناً ومآرب ودروباً لا يستغلق على جمهور الجامعة فهمها!!!
وآخـر الكلام: ألم تكن النقابة هي التي ختمت إعلانها الصادر في 15/11/2011 بقولها إن "مجلس النقابة لازال عند موقفه باتخاذ إجراءات نقابية غير مسبوقة خلال الأسبوع القادم في حال لم يتم إنهاء كافة القضايا العالقة العامة منها والفردية سواء كانت مرتبطة بإدارة الجامعة أو مجلس الأمناء"؟! وبما أن الإضراب قد تم إيقافه وانتهى دون أن نفهم ــــ نحن العاملين ــــ من النقابة عن مسوغات وقف الإضراب شيئاً، فهل نخطيء ـــ نحن العاملين ـــ إن فهمنا أن القضايا جميعها قد تم حلها فصار الإضراب خارج المطلوب؟! هذا هو آخر سؤال في هذه العجالة نرفعه لك يا سيادة رئيس النقابة... يا من كنت تستمتع وأنت تقول: "إغلاق الجامعة في إيدي (ودِيِّتْها بَسْ مَسِجْ للعاملين)"؟!