لو أنني فقط كنت لاعب كرة قدم -هآرتس
بقلم: عميره هاس
(المضمون: الدولة تمنع الطلاب من غزة الدراسة في الضفة الغربية لسببين: الاول امني والثاني الخوف من الوقوع في الحب والاستقرار في المنطقة. - المصدر).
ان الذي يوحد بين لوجين الزعيم، وهي طالبة حقوق، ومحمد، وهو طالب هندسة، وسعيد قديح، وهو شاعر – أنهم ليسوا لاعبي كرة قدم في منتخب فلسطين. فلو أن هؤلاء الفلسطينيين الشبان الثلاثة ذوي المواهب من سكان غزة كانوا لاعبي كرة قدم لحصلوا من السلطات الاسرائيلية على تصريح خروج من حاجز ايرز، والمرور عن طريق اسرائيل والبقاء في الضفة الغربية.
يوجد 16 شيئا في قائمة تصنيف ما يجوز له الخروج من غزة ودخول اسرائيل ويهودا والسامرة. وهي قائمة طويلة عن مكتب منسق الاعمال في المناطق، تشتمل على مئات معدودة من الناس (من بين مليون ونصف)، تُمكّنهم اسرائيل من قدر قليل من حرية التنقل. بين الطواقم الطبية والمرضى المحتاجين لعلاج ينقذ الحياة وأقرباء من المنزلة الاولى لمرضى أمراض شديدة، ومتعاونين (يسمون "مهدَّدين") وتجار، يبرز الرقم 15 في القائمة: "دخول لاعبي كرة قدم: يُسمح أن يدخل اسرائيل، حتى من اجل المرور الى يهودا والسامرة أو الى الخارج، لاعبو منتخب كرة القدم الفلسطيني والمنتخب الاولمبي الفلسطيني من اجل المشاركة في تدريبات المنتخب وألعابه، بحسب توجه من قبل وزارة الشؤون المدنية (الفلسطينية)".
لكن لوجين ومحمد وسعيد ليسوا لاعبي كرة قدم يهتم بهم اتحاد كرة القدم العالمي "فيفا". فسفرهم الى الضفة الغربية وبقاؤهم فيها ممنوعان. ولم يتبن أي اتحاد اكاديمي دولي حقهم المبدئي في حرية اختيار مكان دراستهم. ان سعيد قديح شاب يوازن دراسة الاقتصاد وادارة الاعمال في غزة بكتابة الشعر الذي يثير اهتماما في البلاد وفي الخارج، وقد دعته وزارة الثقافة الفلسطينية في رام الله الى سلسلة لقاءات وأمسيات شعرية. لكن "مركز توجهات الجمهور" في ادارة التنسيق والارتباط أبلغ "غيشه"، مركز من اجل الحق في التنقل، أنه "بعد الفحص عن أمر موكلكم تقرر رفض طلبه".
وقد خرج محمد، ابن التاسعة عشرة، في 2009 مرتين عن طريق ايرز الى الضفة ثم الى الخارج. وكان في وفد سلام من شباب اسرائيليين وفلسطينيين والتمويل امريكي. وقُبل هذه السنة لدراسة هندسة الآلات وعلوم الحاسوب في جامعة بير زيت. وقد سخر والده منه شيئا ما، كما قال في الهاتف من غزة، لوهمه الكبير بأن يُسمح له بأن يسافر 70 كم وان يدرس في جامعة فلسطينية مع فلسطينيين مثله، على مبعدة 4 كم عن المقاطعة حيث مقر رئاسة محمود عباس. وهنا ايضا "بعد الفحص عن أمر موكلكم، تقرر رفض طلبه".
ستُتم لوجين الزعيم في كانون الثاني ثماني عشرة سنة. كان معدلها في امتحانات الشهادة الثانوية العامة في السنة الماضية 98. وقد درست في ثانوية "العائلة المقدسة"، التي تأتي نفقتها من الفاتيكان، لكن الكثرة الكاثرة من طلابها الـ 1200 من المسلمين.
"ألم تعلمي ان اسرائيل لا تسمح لطلاب من غزة بالدراسة في الضفة الغربية"، سألتها سؤالا استنكاريا. قبل ثلاث سنين قُبل أخوها البكر وهو طالب متميز ايضا لبير زيت. وعندما لم يُمنح تصريح الانتقال عن طريق اسرائيل سافر لدراسة الحقوق في لندن. وقد كانت لوجين في الضفة الغربية مرة واحدة فقط في حياتها: يوما واحدا إذ كانت في السادسة. ومنذ بدأت دراستها في الثانوية تقريبا فكرت في الدراسة في بير زيت. "سُجلت لأنه كان عندي أمل. فأنا لم أفعل شيئا، أنا شابة عادية وظننت ان أُعطى تصريحا". وقد انتظرت نحوا من شهر الى ان وصل الجواب الى "غيشه". وبالطبع: "بعد الفحص عن أمر موكلتكم، تقرر رفض طلبها". هل بكيت؟، "اجل"، اعترفت بابتسامة خجلة سُمعت جيدا في المكالمة الهاتفية الى بيتها في حي الرمال في غزة. بل انها أعلنت في البيت أنها لن تذهب للدراسة مطلقا. لكنها اقتنعت آخر الامر بأن تبدأ دراسة الحقوق في "الأزهر".
ليس هذا سوء طوية أو كسل من رجال الارتباط في غزة (او المسؤولين عنهم) الذين يعطون أجوبة جاهزة كهذه. فهم يطبقون السياسة فقط. هذه سياسة الفصل بين غزة والضفة الغربية، لا تسمح للسكان في هذين الشطرين من ذات الوحدة الجغرافية (حسب اتفاق اوسلو) بالاختلاط. ومرة اخرى يقال هنا (للمرة المليون): هذه سياسة قطيعة عمليا بدأت قبل 15 سنة من صعود حماس الى الحكم في 2006. من حديث مع رجل الذراع التنفيذي لسياسة العزل، تعرفت على الاساسين في قاعدة حظر سفر الطلاب. الاول، كما هو متوقع، امني. "الطلاب في كل العالم هم من النوع الثائر".
وبالفعل، في رد الدولة على الالتماس الذي رفعته مؤسسة "غيشا" في 2007 في قضية الطلاب الذين تسجلوا للدراسة في جامعة بيت لحم (الالتماس الذي رفضته محكمة العدل العليا) سبق أن كتب بان الجامعات في الضفة تشكل دفيئة لنمو منفذي العمليات. اللغة والمنطق هما لغة ومنطق المخابرات الاسرائيلية اللذين لا يشكك قضاة محكمة العدل العليا فيهما. ومع ذلك، فقد أوصت المحكمة باقامة "آلية تفصيلية لفحص حالات من هذا النوع". ربما لهذا السبب فانه في الجواب الجاهز لهؤلاء الشباب الثلاثة الكفؤين يشار الى أن قضيتهم "تفحص".
ولو كان هناك فحص بالفعل، لبين بالتأكيد أن الشبان الثلاثة الكفؤين اولئك ليسوا خلية محتملة للقاعدة. وعندها كان الاساس الثاني لسياسة العزل، والذي لا يعلن على الملأ: "التخوف من الاستقرار" مثلما وصفه لي رجل الذراع التنفيذي للجهاز. فالجامعات في كل العالم هي دفيئة للتعارف، الحب والزواج. وعندها، فان تخوف الجهاز الاسرائيلي هو أن ينقل الغزيون مركز حياتهم الى الضفة الغربية، فيجدوا فيها عملا ويربوا فيها اولادهم ويستقروا فيها. الامر الموازي: التخوف من استقرار العسقلانيين في تل ابيب او في حيفا.
ذات التخوف من الاستقرار هو الذي قبع في أساس رفض طلب ايهاب، الذي كتب عنه هنا الاسبوع الماضي (غزي، طالب ماجستير في الولايات المتحدة، يريد أن يتزوج من حبيبة قلبه التي تسكن في الضفة الغربية). الكتابة بان اسرائيل تمنعه من الزواج هي دقة ساخرة، قيل لي. فخطيبته يمكنها أن تسافر الى الاردن كي تتزوج منه هناك، او الى الولايات المتحدة. ومع ذلك فان قضاة محكمة العدل العليا الذين سمعوا التماس "غيشا" في قضيته الاسبوع الماضي، اوصلوا الدولة باعادة النظر في موقفها.
الدولة (أي الجيش الاسرائيلي ووزارة الدفاع/ مكتب منسق الاعمال في المناطق) ردت بالفعل يوم الخميس الماضي: "يشرف الملزمون بالرد الاعلان بانهم مستعدون لاقرار طلب الملتمس رقم واحد للدخول من الاردن الى المناطق عبر جسر اللنبي لغرض زيارة محدودة الزمن. دخوله سيتاح بضمان كفالة بمبلغ 10 الاف شيكل للتأكد من خروجه من المناطق في الموعد المذكور في الالتماس". عندما سيتزوجان وينجبان الاطفال، سنحرص على الا يستقرا في الضفة الغربية.