اوروبا تحذر اسرائيل ألا تنشيء اتصالا بين القدس ومعاليه ادوميم.. هآرتس
بقلم: نير حسون وبراك ربيد
(المضمون: قدم الاتحاد الاوروبي احتجاجا رسميا على اجلاء البدو عن المنطقة "إي1" بين القدس ومعاليه ادوميم، وان اعمالا جديدة في شوارع المنطقة قد تمهد الطريق للبناء بين هاتين المدينتين - المصدر).
يزداد التوتر بين اسرائيل واوروبا: فقد قدم سفير الاتحاد الاوروبي في اسرائيل، آندرو ستاندلي، أمس الى وزارة الخارجية احتجاجا رسميا على اجلاء سكان بدو وهدم بيوت فلسطينيين في المنطقة "إي 1"، وهي منطقة تخطط اسرائيل لأن تنشيء فيها في المستقبل حيا يُحدث تواصلا بين القدس ومعاليه ادوميم. وعبر سفير الاتحاد عن قلق من ان الحديث عن استعدادات للبناء في المنطقة "إي 1"، وطلب الحصول على توضيحات. وسمع نائب المدير العام لشؤون اوروبا في وزارة الخارجية، رافي شوتس، من السفير ان الاتحاد قلق ايضا من زيادة عدد البيوت في الضفة التي هدمتها الادارة المدنية. ويأتي كلام ستاندلي بعد يوم من المواجهة الشديدة بين اسرائيل وبريطانيا وفرنسا والمانيا، حينما زعمت وزارة الخارجية ان هذه الدول الثلاث لم تعد ذات صلة.
في اثناء ذلك وبحسب اقوال خبراء بجدار الفصل في منطقة القدس، تزداد الشواهد على ان اسرائيل تهييء الظروف للبناء في المنطقة "إي 1". ويأتي معظم الشواهد من اعمال في نظام الشوارع المعقد الذي ينشأ في شرقي القدس وما حوله. وقد جددت اسرائيل في الاشهر الاخيرة بعد سنين الاعمال في شارعين في منطقة معاليه ادوميم. هذا الى انه افتُتح معبر جديد في شعفاط شمالي العاصمة. ويضاف الى كل ذلك قول رئيس بلدية القدس، نير بركات، انه يجب على اسرائيل ان تتخلى عن الأحياء الفلسطينية وراء الجدار. ويعتقد الخبراء ان الشواهد تترابط لتصبح اجراءا يُمكّن من وجود نظام شوارع منفصلة للاسرائيليين والفلسطينيين: فيكون نظام للاسرائيليين الذين يسافرون من الغرب الى الشرق – من القدس الى معاليه ادوميم، ومن الشمال الى الجنوب – من المستوطنات في السامرة الى العاصمة؛ ونظام ثان للفلسطينيين، من الشمال الى الجنوب – من رام الله الى بيت لحم، وفي المستقبل ايضا من الغرب الى الشرق – من الضواحي الجنوبية للقدس نحو أريحا وغور الاردن – في شارع يلتف على معاليه ادوميم.
انهم في الغرب على ثقة من ان البناء في "إي 1" سيحبط انشاء دولة فلسطينية
تثير المنطقة "إي 1"، التي تخطط اسرائيل لأن تنشيء فيها حي مبسيرت ادوميم، انتقادا في العالم منذ زمن طويل. فالولايات المتحدة تعارض بشدة انشاء الحي خوفا من ان يقسم الضفة الغربية الى اثنتين ويفصل عنها شرقي القدس – وهكذا تُحبط احتمالات احراز تسوية دائمة وانشاء دولة فلسطينية.
قال دبلوماسي اوروبي رفيع المستوى، ان الاحتجاج الذي قدمه السفير الاوروبي هو اجراء أجمع عليه رأي وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الـ 27 في جلستهم الأخيرة قبل نحو من اسبوعين. وتلقى وزراء الخارجية الاوروبيون تقريرا كتبه القناصل الاوروبيون في رام الله وشرقي القدس، بشأن وضع السكان الفلسطينيين في المنطقة (ج) في الضفة الغربية ممن يقعون تحت سيطرة اسرائيلية كاملة. وأشار التقرير الى زيادة عدد بيوت الفلسطينيين التي هدمها اسرائيليون، والى عُسر اقتصادي شديد للفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المناطق. وكذلك تلقى ممثلو الاتحاد الاوروبي في السلطة الفلسطينية واسرائيل معلومات من منظمات حقوق انسان فحواها ان اسرائيل تخطط لاجلاء نحو من 2.500 بدوي من قبيلة الجهالين عن مكان سكنهم في المنطقة "إي 1". وهذه المعلومات أثارت ريبة ان الحديث عن اعداد المنطقة للبناء حول معاليه ادوميم.
قبل نحو من اسبوعين من الاحتجاج الذي قدمه سفير الاتحاد الاوروبي، أرسلت مفوضة الشؤون الانسانية في الاتحاد الاوروبي، كريستلينا غيئورغيفا رسالة الى وزير الدفاع اهود باراك، عبرت فيها عن قلق عميق من اعمال اسرائيل في المنطقة (ج) – ولا سيما كل ما يتعلق باجلاء السكان البدو عن المنطقة (ج1). وكتبت المفوضة الاوروبية ايضا أنها تخشى أن يكون اجلاء البدو يرمي الى التمكين من انشاء حي جديد في منطقة معاليه ادوميم.
عنصر أمني: "اجلاء البدو عن المنطقة "إي 1" – عمل مقر قيادة فقط"
زارت المفوضة الاوروبية اسرائيل قبل أكثر من نصف سنة والتقت مع باراك ومنسق الاعمال في المناطق اللواء ايتان دانغوت. وتقول جهة امنية ان دانغوت تلقى في الاسابيع الاخيرة عدة توجهات من جهات دولية تتعلق باجلاء البدو عن المنطقة "إي 1"، لكنه أوضح في جميع الأحاديث عن الحديث عن فحص أولي فقط باعتباره جزءا من محاولة تنظيم مناطق سكن البدو في الضفة. وقال ان دانغوت أوضح أنه لا توجد أية نية لاجلائهم في الزمن القريب.
"يوجد فرق كبير بين ما يعتقد الاوروبيون انه يحدث وبين الواقع"، قالت الجهة الامنية. "الحديث عن عمل مقر قيادة في مهده. لن نُجلي في هذه الاثناء أحدا ولا يوجد أي تدبير أو مؤامرة اسرائيلية. فاسرائيل دولة ذات نظام، وحينما توجد خطط لن نخفيها على أي أحد وسنُبلغ الجهات الدولية". وأضاف العنصر الامني انه لا توجد أية صلة بين احتمال اجلاء البدو الذين يسكنون المنطقة "إي 1" وبين بدء البناء هناك. "لا توجد رخص للبناء هناك ألبتة وليس هذا الموضوع على مائدة وزير الدفاع"، قال.
يبدو حاجز شعفاط الجديد أشبه بمحطة أخيرة بين دولتين
افتتح في الاسبوع الماضي دون أي احتفال، المعبر الجديد في شعفاط شمالي القدس. والمعبر أو الحاجز الذي حل محل الحاجز العسكري القديم أشبه بمحطة نهائية بين دولتين من ان يكون حاجزا أمنيا، وهو يمتد على مساحة كبيرة ويشمل خمسة مسارات تفتيش لسيارات ومسارا معوجا للمارة. في الايام التي سبقت الافتتاح وبعده ايضا انبعثت عن المعبر المنمق رائحة قذارة لا تُحتمل نتيجة استعمال جنود حرس الحدود آلة القذارة لتفريق المتظاهرين الفلسطينيين المعارضين للحاجز الجديد. يبدو في هذه الاثناء ان المظاهرات كانت عبثا لأن الحاجز يعمل كما ينبغي، بل ربما حسّن حياة السكان الفلسطينيين من القدس الذين يسكنون في شعفاط وجاراتها، وقصر زمن دخولهم الى المدينة وخروجهم منها.
ينضم معبر شعفاط الى معابر حدودية كبيرة اخرى أُنشئت في السنين الاخيرة في منطقة القدس. وتخدم المعابر في الأساس سكانا يبلغ عددهم 70 ألفا من الفلسطينيين من أصحاب الساكنية الاسرائيلية ممن فصلهم الجدار عن القدس. وقد أصبحت هذه الأحياء جيوب فوضى وجريمة بلا سلطة ومع بنى تحتية منهارة. ويريد رئيس بلدية القدس ان يفصل هؤلاء السكان الآن عن المدينة.
"يجب ان تكون الحدود البلدية لبلدية القدس ومسار جدار الفصل متشابهين كي يمكن ادارة المدينة بصورة حسنة"، قال بركات في الاسبوع الماضي في مؤتمر معهد الامن القومي. وقد جاء أمس عن مكتب بركات أنه صاغ خطة "بتبديل المسؤولية عن اعطاء الخدمات للسكان بين البلدية والادارة المدنية في التماس بين الجدار الامني والحدود البلدية".
بركات يريد التخلي عن الأحياء الفلسطينية وراء الجدار
يمكن في الظاهر إتمام هذا الفصل بسهولة نسبية. فمكانة ساكنية الفلسطينيين في شرقي القدس معلقة بالمكانة القانونية للمنطقة، أي ان تغيير الحدود البلدية للمدينة سيلغي نظريا بمرة واحدة ساكنية الفلسطينيين ويُحسن بصورة عجيبة الميزان السكاني للقدس من جهة الأكثرية اليهودية. لكن كل من يعرف هذه القضية يحذر من ان الامر ليس سهل جدا. لأن قرارا كهذا سيُحدث هجرة سريعة باتجاه واحد الى داخل القدس من قبل عشرات آلاف الفلسطينيين الذين سيخشون ان يفقدوا مكانة الساكنية ومعها الحقوق الاجتماعية والقدرة على العمل والدراسة في المدينة. "نحن أبناء القدس، وتعودنا على القدس، فاذا حدث وضع كهذا فان الجميع سيريدون الانتقال الى داخل القدس وسيسكن الناس الشوارع ايضا"، يقول حلمي برق، مدير مستشفى ولادة في حي كفر عقب وراء الجدار.
لكن هناك من يرون الحاجز الجديد وكلام بركات جزءا صغيرا فقط من الصورة العامة التي ترسم في هذه الايام في المنطقة بين القدس والضفة الغربية. يزعم العقيد (احتياط) شاؤول اريئيلي، العامل في مجلس السلام والامن وهو من قادة مبادرة جنيف، ان الحكومة تنفق مئات ملايين الشواقل على خطة تُمكّن من انشاء مبسيرت ادوميم في المنطقة المسماة "إي 1"، وقد أُنشئت في تل "إي 1" بنى تحتية بنفقة ضخمة – شوارع وكهرباء وميادين وساحات للتطوير. والجميع مستعدون لبناء الحي، لكن البناء في المنطقة توقف بسبب ضغط امريكي منذ 2007. والامريكيون والفلسطينيون غاضبون بصورة خاصة زاعمين ان البناء في "إي 1" سيقسم الضفة الغربية في واقع الامر الى كتلتين ولن يُمكّن من انشاء دولة فلسطينية ذات امتداد مناطقي معقول.
وبحسب زعم اريئيلي وآخرين تريد اسرائيل ان تحل االمشكلة بنظام نقل عام مطور يُمكّن من ارتباط سريع بين رام الله وبيت لحم من جهة، وارتباط سريع بين معاليه ادوميم والقدس من الجهة الاخرى. وقد جُدد في الشهور الاخيرة العمل على نظام الشوارع هذا في موضعين – في الشارع الموصل الجديد الى معاليه ادوميم وفي منطقة متسودات ادوميم حيث أُنشيء قبل بضع سنين الشارع المقسوم بسور في الوسط – الجانب الشرقي للمستوطنين والجانب الغربي للفلسطينيين.
يبنون شوارع لدحض زعم انه لا يوجد امتداد فلسطيني
ان نقطة لقاء هذا النظام هي انعطافة الزيتون في شارع القدس – معاليه ادوميم. ستكون للانعطافة الجديدة المحكمة التي أُكملت تقريبا أهداف ثلاثة – تمكين سكان معاليه ادوميم من وصول العاصمة بلا حاجز، وتمكين المستوطنين من شمالي يهودا والسامرة من وصول القدس بسرعة وبلا حواجز، والتمكين من ترابط المواصلات الفلسطينية بين جنوبي الضفة وشمالها.
هذا الترابط سيُمكّن اسرائيل من ان تزعم ان البناء في "إي 1" لا يضر بالامتداد الفلسطيني. "انهم يُعدون النظام لهذا الامكان – أما متى سيتخذ قرار استعماله فغير واضح"، يقول اريئيلي، "يكفي ان توجد عملية تفجيرية على شارع القدس – معاليه ادوميم حتى يقولوا انه أمني ويغلقوا الشارع. هذا عمل معقد يحرق بحرا من المال وبحرا من الناس لخدمة خطة تعتمد على فرض عمل هاذ يقول ان القدس التامة ستظل في سيادتنا وأن منطقة معاليه ادوميم الكبيرة ومنها "إي 1" ستظل في سيادتنا".
قال احمد أبو لبن، وهو من العاملين في جمعية "عير عاميم" (مدينة الشعوب) انه لا يمكن ان نفهم بصورة اخرى نظام الشوارع سوى انه يُمكّن من تقسيم الضفة الى اثنتين: "لم يبنوا هذا لتقسيم الضفة بل بنوه للحفاظ على امتداد مناطقي بين معاليه ادوميم والقدس ولتمكين المستوطنين من سفر متصل الى القدس بلا حواجز، وهم بالفعل قسموا الضفة الى اثنتين".
يرفض رئيس بلدية معاليه ادوميم، بني كشرئيل، استنتاج اريئيلي، ويقول ان الاعمال في الشارع لم تُجدد وانه لم يوجد تقدم منذ سنين في الاعمال في الشارع الجديد الذي بقيت كيلومترات معدودة منه غير ممهدة. "ليس للشارع أي علاقة بالبناء في "إي 1" "، يقول كشرئيل.
لم يرد عن وزارة الدفاع أي رد.