خبر الحركة السلفية..فرع القدس- معاريف

الساعة 08:53 ص|22 ديسمبر 2011

 

 

الحركة السلفية..فرع القدس- معاريف

بقلم: ريمون مرجية

الكثير من الكلمات كتبت في الفترة الاخيرة عن السلفيين المتطرفين في مصر، الذين فازوا بأكثر من ثلث الاصوات في الجولة الثانية من الانتخابات ويدعون كل الوقت لاقامة دولة الشريعة الاسلامية. ولكن السلفيين، الذين يعود اصلهم الى العربية السعودية، يوجدون هنا أيضا، قريبا جدا من منازلنا جميعا. في قرية عناتا، في شرقي القدس يوجد مركز سلفي وفيه أيضا روضة أطفال ومدرسة ابتدائية.

في الشهر الاخير حاول الكثيرون الحديث معهم بينما نظراؤهم في القاهرة يحظون بانجازات في صناديق الاقتراع الا انهم في الطائفة الصغيرة ادعوا بانهم ليسوا حزبا سياسيا ورفضوا الخروج الى الاعلام. اما الحقيقة فهي ان هذا هو أساسا عدم ثقة. هذا الاسبوع دخلنا الى أحد دروس الشيخ شاكر العالم، شخصية معروفة في الطائفة. وقد جرى الدرس في المسجد الكبير في البيرة قرب رام الله. في احدى الزوايا الهادئة في المسجد جلس الشيخ العالم وحوله نحو عشرة اشخاص معظمهم بلباس تقليدي بما في ذلك الجلابية والعمامة، وبالطبع اللحى الكثيفة.

"السلفية هي دعوة الى العودة الى أسس الدين، الطريق المباشر للاسلام. من الصعب جدا اليوم العودة الى الاسس"، يعلن الشيخ في بداية الدرس الذي يتم في نهاية صلاة العصر. المحيطين به ليس فقط التلاميذ الذين يواظبون كل اسبوع بل وأيضا زوار بالصدفة التقوا حديث الشيخ وانضموا الى الدرس.

العالم على علم بالاهتمام الاعلامي بالحركة ويبدو أنه مبتهج للفكرة. "الصحفيون يلحون عليّ منذ شهر، يريدون مقابلتي. بصدق أقول لكم: "سؤالهم الوحيد هو من أنتم وماذا تريدون عمله بنا. هم يخافون منا"، يقول وابتسامة تعلو وجهه مثلما تعلو وجوه الحاضرين.

"هم يرون في السلفيين خطرا بسبب الحركات السلفية الجهادية. نحن نرى مثلا في الملك الاردني عبدالله الثاني حاكما شرعيا. ولكن مع ذلك عندما أزور المملكة فان المخابرات الاردنية تحقق معي على الفور رغم أني لم أقل كلمة ضد الملك".

يعارض نصرالله

في المرحلتين الانتخابيتين اللتين اجريتا في مصر حتى الان فاز حزب السلفيين بأكثر من ثلث أصوات الناخبين. اذا اضفنا الى ذلك تصريحاتهم عن دولة الشريعة وتصريحات اخرى تدعو الى العودة الى دفع الجزية من أبناء الاديان الاخرى، ترتسم صورة مقلقة، صورة تطرح تساؤلات عن نوايا السلفيين بصفتهم هذه. هنا الوضع مختلف، يوضح السلفيون. "من ناحيتنا الانتخابات ليست أداة شرعية لتعيين رئيس مسلم"، يقول العالم لتلاميذه. "الانتخابات محظورة حسب الشريعة. فقط في حالات معينة، الانتخابات مسموح بها. وحتى في حينه فانها تعتبر أهون الشرور".

العالم لا يبلور مفاهيمه حسب مواقف الحزب السلفي في مصر. وحتى في "الايضاح" الذي نشرته الطائفة قبل اسبوعين جاء أن الانتخابات محظورة حسب الشريعة. وماذا بالنسبة لدفع الضرائب؟ "لا يمكننا ان نفتي في هذا الموضوع. نحن لسنا الحكم، وفي زمن النبي – الاسلام حكم".

الشيخ العالم لا يضن في الانتقاد لنصرالله ومنظمة حزب الله. ويشير العالم فيقول: "لقد وقفوا ضد الانظمة في مصر، في اليمين وفي البحرين. وفقط في سوريا وقفوا الى جانب الاسد. ولهذا فان السلفية تدعو الى تعزيز السنة".

"ما لنا والسياسة"

التيار السلفي بدأ طريقه في العربية السعودية بعدة واعظين اشهرهم هو الشيخ محمد عبدالوهاب (ولهذا يسمى السعوديون الوهابيين). منذئذ وحتى اليوم ارتبط التيار السلفي بالسعودية، وهذا يتسبب بغير قليل من الانتقاد لهذا التيار على خلفية المواقف السياسية لعائلة سعود الحاكمة. "في أحد الدروس توجه اليّ شخص وسألني: "ما رأيك بالقاعدة العسكرية الامريكية في السعودية. ابتسمت واجبته: ما لك والسعودية. اهتم بنفسك فقط. انت تعيش حسب اسس الاسلام"، قال العالم مستذكرا تلك الحادثة.

ويحرص العالم على التشديد على ان ليس للطائفة أي صلة بالسياسة. "نحن بصعوبة نصل الى 400 شخص في كل الضفة الغربية"، يقول. "ونحن نركز فقط على دعوة الناس الى أسس الدين، الى الاباء الصديقين". وليس صدفة أن الطائفة السلفية لا تعتبر جهة خطيرة في السلطة الفلسطينية. حتى وزير شؤون الدين في السلطة، محمود الهباش، عقد زيارة الى مكتبهم في عناتا. للطائفة السلفية في عناتا لا يوجد زعيم، وهم يسمون أنفسهم تلاميذ. معلمهم، الشيخ علي الحلبي، فلسطيني في الاصل يعتبر اليوم الاب الروحي للطائفة، يعيش في الاردن.

ليس فقط في شرقي القدس يوجد سلفيون. في قطاع غزة أيضا توجد طائفة اكثر ترتيبا مع مؤسسات وجمعيات. ولكن رغم حكم حماس، زعيمهم، الشيخ ياسين الاسطل، لا يخفي عطفه على السلطة الفلسطينية. وفي بيان نشرته مؤخرا هنأ "سيادة الرئيس محمود عباس والشعب الفلسطيني على تحرير الاسرى". في بيانه لا ذكر لحماس.

في اثناء الدرس يشرح العالم لتلاميذه الفكرة خلف تأييد رئيس السلطة الفلسطينية والملك الاردني: "نحن نرى في الحكام في الدول العربية حكاما مسلمين وليسوا كفارا. ولهذا ليس لنا مصلحة في تغييرهم، بل اجراء حوار بروح الاسلام الذي يؤمنون به".