خبر « إسرائيل » تدفع الثمن .. حسام كنفاني

الساعة 12:13 م|18 ديسمبر 2011

"إسرائيل" تدفع الثمن  .. حسام كنفاني

التحذيرات "الإسرائيلية" في الفترة السابقة من خطورة المستوطنين اليمينيين المتطرفين كانت كثيرة. أغلبها كان يصدر على خلفية انتخابية، بعدما احتضن اليمين "الإسرائيلي" مطالب المستوطنين واستخدمهم رافعة للوصول إلى الحكم في الانتخابات الأخيرة، وهو ما تظهّر في سيطرة اليمين بأشكاله كافة على المشهد السياسي في دولة الاحتلال، فيما بات الوسط واليسار على وشك الاندثار.

 

في الأيام الأخيرة، بات على سياسيي اليمين مواجهة ما صنعت أياديهم مع خروج المستوطنين المتطرفين عن دائرة السيطرة والهجمات التي شنوها على قواعد عسكرية "إسرائيلية"، إضافة إلى اعتداءاتهم على المساجد وأملاك الفلسطينيين. هجمات واعتداءات استدعت اجتماعات متلاحقة للحكومة "الإسرائيلية" لبحث هذا الوضع الجديد الذي تواجهه الدولة العبرية. ف"إسرائيل" منذ قيامها تعدّ نفسها لمواجهة هجمات الخارج، وهذه هي المرة الأولى التي تصبح فيها المواجهة داخلية في المجتمع "الإسرائيلي" نفسه.

 

 "إرهابيون"، التعبير استخدم "إسرائيلياً" هذه المرة ليس لوصف المقاومين الفلسطينيين، بل في مواجهة هجمات المستوطنين، وتحديداً جماعة "دفع الثمن"، التي تعد، بحسب محللين "إسرائيليين"، "منظمة يهودية سرية إرهابية تسعى إلى تغيير الوضع السياسي، وتدفع نحو حرب دينية"، وهو ما سبق أن حذرت منه السلطة الفلسطينية.

 

 "إسرائيل" في مواجهة "إسرائيل"، هذا التوصيف قد يكون مبالغاً فيه للنظر إلى الأحداث التي شهدتها دولة الاحتلال خلال الأسبوع الماضي، لكن لا شك في أن الأحداث هي بداية لمثل هذا الوضع، ومؤشر إلى أن الدولة الصهيونية ليست في منأى عن مخاطر "الاقتتال الداخلي"، ولا سيما بعدما سعت هي نفسها إلى تسليح هؤلاء المستوطنين في أماكن مختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة لمواجهة الفلسطينيين، وها هي اليوم في مواجهة هذا السلاح.

 

إنه "دفع الثمن"، لكن وفق مفهوم مختلف للمنظمة اليهودية السرية التي تنشط في الضفة الغربية. إنه "دفع ثمن" من نوع آخر، فالسلطات "الإسرائيلية" في طريقها إلى "دفع ثمن" سياساتها اليمينية التي ليست وليدة هذه الحكومة، بل هي نتيجة تراكمية لحكومات يمينية ويسارية أسهمت في تعزيز قوة الاستيطان والمستوطنين، وإن بنسب متفاوتة، والنسب لا تلغي النتيجة النهائية، وهي خروج هؤلاء عن دائرة السيطرة.

 

سبق لسلطات الاحتلال أن واجهت المستوطنين في "اشتباكات هامشية"، وتحديداً عند تنفيذ خطة "فك الارتباط" في قطاع غزّة، أو عند تفكيك مستوطنات عشوائية في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، غير أن الوضع الجديد مختلف، ولا سيما مع لجوء هؤلاء إلى سياسة الهجوم، وتوسّع رقعة نشاطهم إلى الضفة الغربية والقدس المحتلة، وحتى داخل الأراضي المحتلة في العام 1948. مواجهات واشتباكات تؤكّد أن "إسرائيل" دخلت في مسار "دفع الثمن".

 

صحيفة الخليج الإماراتية