خبر فلسطين كاملة برغم أنف الانتقاص ..ديمة طارق طهبوب

الساعة 11:02 ص|14 ديسمبر 2011

فلسطين كاملة برغم أنف الانتقاص ..ديمة طارق طهبوب

 قبل عامين، ثارت ثائرة الاسرائيليين، مواطنين ومؤسسات و وزارات، على خطأ تقني لم يُظهر كلمة إسرائيل على الخارطة الملاحية في بعض طائرات شركة الطيران البريطاني بي أم أي BMI العاملة على خط لندن-تل أبيب بينما ظهرت كلمة حيفا باللغة العربية، واتهم المسؤولون شركة الطيران بالتعمد في إخفاء دولة إسرائيل، وهو الخطأ الذي سارعت الشركة بالاعتذار عنه مبررة الأمر على أنه مجرد خطأ غير مقصود سببه عدم قيام الشركة باستبدال الخرائط بعد شراء الطائرات من شركة كانت تعمل في الشرق الأوسط، وأضاف المسؤولون أن الشركة ليس لديها أي أجندات سياسية ولا تنوي إغضاب إسرائيل وإلا لما كانت استثمرت المبالغ الطائلة في تشغيل خط تل أبيب، وقال مدير وزارة النقل الاسرائيلية إنه من غير المقبول إطلاقا أنهم شطبوا إسرائيل من الخارطة، مما اضطر شركة الطيران وسط عاصفة الاحتجاجات والإدانات الإسرائيلية والتهديد بالمقاطعه والاتهام بمعاداة السامية، الى سحب الطائرتين من خط تل أبيب واستبدالهما بطائرتين جديدتين تُظهر إسرائيل على الخارطة دون الإشارة الى فلسطين أو أي من الأسماء العربية للمدن.

 

وفي تصعيد وتأكيد آخر لهذه النظرة الإسرائيلية الاستثنائية للوجود والحق العربي الفلسطيني انتشرت في قطارات الأنفاق في العاصمة لندن اعلانات لوزارة السياحة الإسرائيلية ملصقات تروج للسياحه في إسرائيل، وتُظهر خريطة إسرائيل تضم الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان، دون أي اعتراض عربي أو فلسطيني وبتسهيل من الشركات الإعلانية البريطانية.

 

يحرص الإسرائيلييون على بيان موقفهم فيما يظنونه أبسط التجاوزات لكيانهم وسيادتهم وهويتهم، ومطالبة المخالفين بالاعتذار وتصحيح موقفهم، ويتجاوزون كل الاعتبارات السياسية والقانونية والانسانية في إثبات وتحصيل ما يرونه حقا لهم، بينما نفرط نحن طواعية بحقوقنا وذاكرتنا وأسمائنا.

 

لم يمنع إسرائيل شروعها المزمع في عملية السلام وتوقيعها للمعاهدات من التمسك بما تراه كيانها السياسي غير القابل للتجزئة أو التنازل عنه، بينما نسارع عن التخلي عن فلسطين حتى ولو برمزية الخرائط وأسماء المدن والقرى، وتقسيمها الى كانتونات رقمية تذكرنا بكوارثنا وهزائمنا: فلسطين 67، فلسطين 48، الضفة، القطاع، ونخاف أن تظل تصغر وتتلاشى لتصبح فلسطين ليست أكثر من المقاطعة في رام الله.

 

مفزع فوق حد الاستنكار ما حصل لخارطة فلسطين في دولة قطر في افتتاح دورة الألعاب العربية حيث قُدمت منقوصة بالضفة وغزة، مفزع أن يقوم العرب باغتصاب فلسطين وتقطيع أوصالها، مفزع أن يصدر الجرم من قطر وهي التي تقوم بدور عربي ريادي في كل قضايا العرب على المستويين الرسمي و الشعبي، إن حصل بقصد فتلك مصيبة، وإن حصل بجهل وتقصير فالمصيبة أعظم.

 

غريب لماذا لا تحصل الأخطاء إلا مع فلسطين ولا تنسى إلا مأساتها كلما شغلنا شاغل ولو كان بحجم الرياضة أفيون الشعوب وملهاتهم الدائمة.

 

لقد مرت ستين سنة وفوقها ثلاثة وغير الكل حتى رؤوس العرب خريطة فلسطين في عقولهم وممارساتهم ومعاهداتهم ومناهجهم إلا أن الشعوب ما زالت تراها بالرغم من أنف غوغل الأرضي من بحرها الى نهرها فلسطين التاريخية التي وضعها المجاهدون على قمة أولويات العالم وخرائطهم.

 

يا قطر ربما أُكلت يوم أَكلت خريطة فلسطين...

 

وصدق من قال بعض الأخطاء تقع في مقتل لا ينفع معها اعتذار.