خبر بالصور.. حينما يبكي الشهيد الشهيد.. تبقى كلمة السر!!

الساعة 10:21 ص|08 ديسمبر 2011

فلسطين اليوم - غزة:

 

كــما لا يروي إلا الماء في البيداء بعد ظمأ...لا يروي قلوب الرفاق سوى ذكر الرفاق..ولأنهم خرقوا القلوب حباً، فالقلوب والهة إليهم سئمت طول الفراق ولا تلام إذا ما التاعت على الأحبة الراحلين واحترقت شوقا...و أي احتراقِ؟ على من عبدوا الدرب بالأرواح ،هدية قدموها بأطباق.. لوطن الأمجاد.

 

من أين نبدأ ومن أين نتحدث عن هؤلاء العظماء الذين نذروا أرواحهم ودمائهم وأشلائهم رخيصةً لرب الأرض والسماء.. أبطال ربحت بيعتهم مع الله، مجاهدون كانوا بالأمس بيننا واليوم ارتحلوا.. ركبوا مركب الجهاد والشرف والعزة والإباء، واثقين بنيل إحدى الحسنين إما النصر أو الشهادة.

 

كل الكلمات لا تستطيع أن توفي هؤلاء العظماء قدر حبة رمل اغبروا بها أقدامهم من سبيل الله، بالأمس كانوا يودعون بعضهم بعضا ويعاهدون الله بأن الأمانة الملقاة على عاتقهم سوف يحفظونها بأرواحهم ودمائهم وعظامهم.. مسيرة الشهداء مسيرة أزلية .. فهي طهر سرمدي يمتد من تراب الأرض إلى عنان السماء .. شهيد يسلم شهيد وكلمة السر أبدية.

 

هي مسيرة العظماء تأتي لتعانق التاريخ وتفتح صفحاته.. تتحدث عن بلال في بطحاء مكة يصرخ في وجه الباطل والزيف أحد..أحد.. ويطل عمار وعائلتهِ ليقدموا الواجب قدر الإمكان فيسفح دم سمية ليكون بداية المسير من مسير الدمِ والشهادة.. وهذا خباب وحمزة وأسماء كثيرة كتبت أسمائها بمداد الطهر والعنفوان..ويواصل التاريخ رحلته وتتواصل الأزمنة وتتلاقى الأرواح لتحط في نهاية الأمر في وكر الصراع وحتمية النهاية.

 

كانوا يبكون بكاء الرجال يبكون من سبقهم نحو علياء الشهادة، متمنين الالتحاق بهذا الركب والسباق في ذلك، طمعاً في جنة ورضوان الله عز وجل، في كل غزوة أو روحة في سبيل الله، كانوا يعدون أنفسهم ويخرجون إلى ساحات الوغى بشوق للقاء في دار الخلد وجنان الرحمن التي أعدها لهم، فمنهم من قضى ومنهم من ينتظر اللقاء بعد.

 

في وداع بعضهم بعضاً تنظر إلى صورهم وتدقق بها في كل لحظة وبصرك لا يكاد أن يغادر النظر إليها، وتقول في نفسك ما هي كلمة السر التي بينهم، ما هو العهد والقسم الذي بينهم، كيف يحدثون بعضهم بعضا في وداعهم لبعض.

 

وفي هذا المقام لا بد لنا وان نستذكر الكلمة الخالدة للشهيد المعلم المفكر "فتحي الشقاقي" رضوان الله عليه "هذه أرض الرباط إلى يوم القيامة ووحدهم الشهداء يشهدون نهاية الصراع"، فمازالت أفكار الشقاقي تترجم على أرض الواقع، وحده هو الشاهد على عنوان المرحلة وواقعها.

 

إسماعيل العرعير "أبا صهيب"... مجاهد من الطراز الأول.. لا يعرف للراحة طعم.. كان دوماً في خطوط الدفاع والمواجهة مع العدو الصهيوني في كل جولات التصعيد بين المقاومة والعدو.. فكان لا يهدا له بال إذا اقترف العدو جرائمه بحق شعبنا ومجاهديه.. وكان كذلك أول الملبين لنداء الجهاد والخروج إلى ساحات الشرف والعزة ليضرب العدو ويثخن به.

 

فعندما رحل مهجة قلبه ورفيق دربه الشهيد المجاهد "سعدي حلس" بكى "أبا صهيب" بكاء الرجال عليه، وعندما اقترب من جثمانه الطاهر قبل أن يوارى الثرى قبله من جبينه وعيونه تدرف دمعاً وألماً وحزناً على فراق اعز الأحبة.. قال له إسماعيل في أذنه "العهد الذي بينا سأحفظه بدمائي وأشلائي، حتى ألقاك في جنان الرحمن، فلن يطول اللقاء".

 

فكانت الأمنية التي تمناها والوفاء بالوعد الصادق الذي كان بينهما، فالوصية خطت بالدم الأحمر القاني، وكتبت حروفها في سجلات المجد والعزة والفخار، لتشرق في نفوس الأحرار انتصارا وبطولة وشموخا.   

 

أبا صهيب… بالأمس كنت بيننا واليوم ترحل عنا.. ورسالتك الأخيرة هي دمك… وتنتظر جوابنا دمنا.. هي فلسطين.. القدس.. والقدس جوهر التاريخ والتحدي... أبا صهيب رحلت عنا ولا ندري من سيرحل بعدك.. فدمنا مفتوح على كل الجبهات.. فها هو العدو يلاحقنا واحداً تلو الآخر في شوارع وأزقة وكهوف وطننا المبارك.. ها هو يفتش ما بين جلدنا ولحمنا بحثاً عن مقاوم.. وها هو يختال مغروراً في أرضنا وسمائنا وبحرنا، فليس من عوائق تمنعه من الوصول لمخادع نومنا من المحيط إلى الخليج.. ولكن نطمئنكم أننا سنبقى نقاوم ولن ننكسر ..إنها روح الإسلام التي لن تنكسر.. روح الإسلام الخالدة.

صور وداع الشهيد إسماعيل العرعير لرفيق دربه الشهيد سعدي حلس