خبر تجميد أموال السلطة- يديعوت

الساعة 09:20 ص|27 نوفمبر 2011

تجميد أموال السلطة- يديعوت

بقلم: اوري مسغاف

التعليم مهنة صعبة، ولكنها مثيبة. أحب التعليم. أبناء المدرسة الديمقراطية "كهيلا" حيث أعلم ساعتين في الاسبوع عن بلاد إسرائيل، أحاول أن أربيهم على كسب العلم وتنمية حب الاستطلاع. في الدرس الاخير تحدثنا عن حرائق الغابة وسبل منعها. في إطار التعليم عن البلماخ، تابعت عمل اسحق رابين الشاب (قطع خطوط الهاتف بين بلدات لبنانية في 1941، بما فيها السير لعشرات الكيلومترات بالجراب بعد أن تمزق الحذاء).

طلابي للصحافة في كلية "سفير" قرب سديروت التقيتهم لاول مرة قبل نحو شهر. اصيبت بسحرهم على الفور. وأنا أحاول أن أغرس فيهم الرغبة والمهنية. أطلعتهم هذا الاسبوع الى مقال ذكر أحد الاقتباسات المحببة لي في العالم: "الحرب هي عمل جدي من أن يبقى في ايدي الجنرالات". المتحدث هو جورج كليمنسو، رئيس الحكومة الفرنسية في اثناء الحرب العالمية الاولى، وكان يسمى "النمر".

تعليم الابناء، وكذا تربيتهم يثير فيّ افكارا عميقة عن البلاد والدولة التي نعيش فيها. وفي الايام الاخيرة يكاد كل شيء يختصر في موضوع واحد: قرار الحكومة عدم تحويل أموال الضرائب الخاصة بالسلطة الفلسطينية. وأنا لا اتمكن من الكف عن التفكير فيه. وهو يقض مضاجعي.

أنا على علم بحقيقة أن الموضوع لا يعصف بالكثير منكم. أعرف المخاطرة في أن اكون قد فقدت في هذه اللحظة لاسباب مختلفة - التعب، عدم الاكتراث، التحيز السياسي – انصاتكم. ولكني ملزم بان أكتب عن الموضوع. في إسرائيل الحالية لا شك عندي بان السياسة هي عمل جدي من ان يُترك للسياسيين. المشكلة هي أن النمر الاخير في المحيط شوهد قبل بضع سنوات يتجول في الاودية من صحراء يهودا، وفقدنا منذئذ اعقابه. ليس هناك من ينهض ليزأر.

هذه القصة بسيطة جدا: السلطة هي  كيان سياسي بدون مطارات وموانيء. وبالتالي، وحسب اتفاقات اوسلو، تجبي اسرائيل عنها الجمارك المختلفة. بضع مئات ملايين الدولارات كل سنة، تشكل تقريبا ثلث مداخيلها. أجهزة الادارة والامن لديها لا يمكنها ان تؤدي مهامها دون هذا المال. لا لتعبئة سيارات الشرطة والدوريات بالوقود، ولا لتفعيل المكاتب ودفع الرواتب. وهذا بالضبط ما يحصل في الشهر الاخير – منذ أن قُبل الفلسطينيون في اليونسكو وحكومة نتنياهو أعلنت في رد على ذلك بانها تجميد تحويل الاموال.

من المهم الايضاح بان هذه ببساطة سرقة. سلب في وضح النهار. زعرنة بكل معنى الكلمة. ما يتم تأخيره في القدس هو مال فلسطيني. لا جدال في ذلك. ليس هذا مساعدة خارجية تمنحها اسرائيل لجارتها ولا صدقة منوطة بارادة المتصدق الطيبة أو بالسلوك القويم للحاصل عليها. فالجميع يعرف أن هذا هو الوضع، ولكن حتى سلسلة مناشدات من أفضل زعماء الغرب لا تقنع حكومتنا بالكف عن اللعب بالنار. وحتى المحاولات المتكررة، اليائسة لقادة جهاز الامن لادخال المنطق في جنون تجميد الاموال لا تترك عليها أثرا.

تحدثت هذا الاسبوع مع طلابي عن عناصر النظرية المضادة: محاولة للعرض في مقال الحجج المضادة للموقف الذي أعربت عنه هنا. وبالفعل حطمت الرأس ولم أجد حجة وحيدة من مجال الاخلاق أو المنطق تبرر هذا الجنون. والاحتمال الوحيد للعيش هنا بسلام وأمن في أي وقت من الاوقام منوط بوجود شريك فلسطيني معتدل يؤدي مهامه. الا اذا كان الهدف هو دفع الفلسطينيين الى أذرع حماس، اشعال انتفاضة ثالثة، دفع دم جديد الى المقابر العسكرية والمدنية، وبعد ذلك التعليم والكتابة عن عدالة طريقنا.