خبر انفصال- يديعوت

الساعة 10:12 ص|15 نوفمبر 2011

انفصال- يديعوت

بقلم: افيعاد كلاينبرغ

(المضمون: اليمين في اسرائيل يميل الى القضاء على قيم الديمقراطية والمساواة بواسطة سن قوانين في الكنيست ولن تجد هذه الحركة الرد الصحيح عليها إلا بنشوء كتلة برلمانية قوية تجابهها – المصدر).

يبدو أنه لا يمكن أن يكون جدل في نوايا اعضاء الكنيست من اليمين في مبادرات التشريع الاخيرة. فهم يريدون أن يحددوا من جديد قواعد اللعبة الديمقراطية في اسرائيل. فهم يرون ان دولة اسرائيل ديمقراطية فوق الحاجة وغير يهودية بقدر كاف. ان فوز اليمين في انتخابات 1977 منحه الهيمنة في المجال السياسي لكن هذه الهيمنة تركت حلبات اخرى في أيد "يسارية" كثيرا من وجهة نظر اليمينيين. ان السلطة القضائية ووسائل الاعلام لم تبادر الى متابعة أصحاب الرأي السياسي أو لم تفعل ذلك بالسرعة المطلوبة على كل حال.

على حسب قواعد اللعبة القديمة فان جهاز القضاء ووسائل الاعلام عناصر توازن. وعملها ان تراقب اعمال الاكثرية باسم مباديء حصينة بقدر كبير في مواجهة التقدير السياسي. فالقضاة يفترض ان يحموا حقوق المواطن حتى عندما يكون تحقيقها قذى في عين السلطة؛ ووسائل الاعلام يفترض ان تنتقد الحكومة باسم حق المواطن في نقاش عام مفتوح، نقاش ليس الجمهور بغيره سوى ختم مطاطي.

حتى الانهيار النهائي لليسار الاسرائيلي باعتباره قوة سياسية، بين 2001 (سقوط باراك) و2008 (انشاء حكومة نتنياهو الثانية)، قبل اليمين في اسرائيل هذا التوتر، عاضا على النواجذ لكنه قبل. ونحن موجودون الآن في ذروة المرحلة الثالثة من تاريخ اسرائيل (هيمنة اليسار حتى 1977، وتقاسم السلطة حتى 2008 وهيمنة اليمين منذ ذلك الحين). ويهب اليمين الاسرائيلي الآن لجعل كل القوى التي تقف في طريقه عقيمة. وهو لا يفعل هذا لأنها تمثل قوة داخلية (فقوتها في الحياة العامة الاسرائيلية محدودة جدا لأنه أي تأثير يوجد لجمعيات اليسار؟)، بل لأنها جزء من ثقافة عالمية شاملة تشكل هي لا الاخرى تهديدا سياسيا لليمين. أية ثقافة؟ انها ثقافة العالم الحر – ثقافة التعدد السياسي، وحقوق الانسان، وفصل الدين عن الدولة، ومقاومة الاستعمار.

ان الهجوم على "اليسار" هو انفصال عن هذه الثقافة واقتراب من الثقافة الضد: ثقافة طغيان الأكثرية، وتجاهل تصورات المساواة وحقوق الانسان باسم الحاجات القومية، والغاء الفصل بين الدين والدولة، وتخليد الاحتلال في الحالة الاسرائيلية. من يمثل هذه الثقافة الضد؟ ليس لها نموذج واضح. فهي تجمع بين كل من تهددهم الثقافة الاخرى التي هي ثمرة النضالات منذ مئات السنين التي انشأت الديمقراطية الليبرالية في الغرب. ويشترك فيها أجزاء كبيرة من العالم الاسلامي ومن الحركات الانجليكانية في الولايات المتحدة، ويشترك فيها مؤيدو بوتين في روسيا وزعماء الحزب "الشيوعي" في الصين. الأمة والتراث وقيم العائلة والأمن – والى الجحيم ما عدا ذلك. واليمين الاسرائيلي جزء من هذه الثقافة.

ان الانفصال عن المعسكر الديمقراطي يتم في الساحة البرلمانية. وهو يتم في ظاهر الامر باسم مباديء الديمقراطية. للبرلمان الحق في ان يسن قوانين بحسب تصوره العام؛ وفي اسرائيل، مع عدم وجود دستور قوي، فان هذه القوانين "قانونية" لمجرد حقيقة أنها تُسن.

كيف نواجه هذا المسار الثقافي – السياسي؟ ان رد الفعل الشرطي للمعسكر المناصر لقيم الديمقراطية الليبرالية هو ان يصرخ صراخا عاليا ويعلن بتهديد وجودي، لكنه يمتنع في نفس الوقت عن كل نشاط عملي قد يوقف المسار. فهو يشمئز من السياسة التي يستغلها اليمين استغلالا ناجعا جدا. فالسياسة قذرة، وسياسية جدا.

بيد أن المكان الذي سيجري فيه في السنين القريبة النضال عن أنفسنا ليس صفحات الأخبار بل الكنيست. فمهما تكن المظاهرات مؤثرة اذا لم تترجم الى نواب برلمانيين فانها تصبح سريعا ذكرى غامضة. وجمعيات "بتسيلم" و"نحطم الصمت" بل "سلام الآن" مهما تكن مهمة فليست سوى ملاحظة هامشية في قصة انفصال اسرائيل الثقافي. فالقيم التي ليس لها وكلاء في الكنيست تميل الى الاختفاء. والى ان يصبح في الكنيست كتلة كبيرة موحدة تمثل باخلاص المعسكر الذي ما يزال كبيرا والذي يؤيد قيم المساواة والحرية في العالم الحر، ستظل القافلة تسير على صوت نباحنا الآخذ في الضعف.