خبر جيش التسييس الإسرائيلي- هآرتس

الساعة 09:22 ص|27 أكتوبر 2011

جيش التسييس الإسرائيلي- هآرتس

بقلم: يسرائيل هرئيل

تكتب كونداليزا رايس في مذكراتها ان اهود اولمرت عرض عليها خطة أصابتها بصدمة وهي ان يتم تقسيم القدس لعاصمتين، وأن يُنتخب رئيس بلدية المدينة المشتركة على حسب نسبة العرب واليهود من السكان. ويجب ان تُدير امور المدينة في المستقبل لجنة، كما بالغ رئيس حكومة اسرائيل، تشمل مندوبين من الاردن والسعودية والفلسطينيين والولايات المتحدة واسرائيل.

سألت رايس نفسها: "هل أسمع هذا حقا. هل يقول رئيس حكومة اسرائيل انه سيُقسم القدس ويُعين جهة دولية للرقابة على الاماكن المقدسة؟"، وليس هذا فحسب، أضاف اولمرت، بل سيستوعب في اسرائيل "عددا قليلا من الفلسطينيين". "هذا مدهش"، ردت وزيرة الخارجية دهشة. ومع هذه الاقتراحات، "التي أثارها رئيس حكومة اسرائيل مع هذه العناصر المدهشة"، مضت رايس الى محمود عباس وفاجأها "انه رفض".

قبل بضعة اشهر بثت شبكة "الجزيرة" نبأ ان اولمرت عرض على عباس خريطة تتنازل فيها اسرائيل عن 96 في المائة وأكثر من يهودا والسامرة وتعوض الفلسطينيين بأراض داخل اسرائيل، ووافق ايضا على اعادة عدد من اللاجئين. لكن عباس رفض كعادته وكعادة الفلسطينيين منذ كانوا. ووجد مؤيدو فلسطين في اسرائيل فورا مسوغات كثيرة لهذا الرفض من الباحث عن السلام. والآن ايضا حينما تُعرض عليهم كشوف رايس سيلقون التبعة كعادتهم على اسرائيل.

لكن ليس مواطنون في اسرائيل فقط يقومون عن يمين عباس. فقد تبين ان الجيش الاسرائيلي ايضا ينضم الى جمعية مؤيديه. ومن المؤكد ان هذا علامة تكريم على الأدلة القاطعة لرايس على رفضه العنيد كل مقترح تنازل اسرائيلي. ورد في صحيفة "هآرتس" في خبر رئيس (24/10) ما يلي: "يُصاغ في هيئة القيادة العامة رأي أنه يجب على اسرائيل أن تتخذ سلسلة تفضلات على السلطة الفلسطينية... منها اطلاق سراح سجناء وربما ايضا نقل اراض اخرى الى مسؤولية امنية فلسطينية".

اذا كان الامر كذلك فان الجيش الاسرائيلي يعبر عن موقف من قضايا عقائدية وسياسية هي الأشد اختلافا فيها ويوصي بأن يُنقل للفلسطينيين سيطرة ("أمنية") على اراض من الوطن.

هاكم قائمة جزئية للحقوق التي جمعها عباس والتي من اجلها يستلقي الجيش الاسرائيلي على الجدار: دفع اسرائيل الى زاوية دبلوماسية ذروتها التوجه الى الامم المتحدة؛ وعرض جنود الجيش الاسرائيلي على أنهم غُزاة قاهرون في الرأي العام العالمي؛ وإباحة التحريض المفرط الذي هو معاد للسامية في مرات كثيرة، في وسائل الاعلام وفي المدارس، وتسمية ميادين ومؤسسات رسمية بأسماء ارهابيين قتلوا جنودا ومدنيين.

ان "توصيات" الجيش الاسرائيلي في مجالات توجد فيها اختلافات عقائدية عميقة، تحظى بسبب سلامتها السياسية، بتأييد اعلامي جارف (يمكن ان نخمن أي ضجيج كان سينشأ لو أوصى الجيش الاسرائيلي بضم هذه الاراضي بدل نقلها الى السلطة). ان قادة الجيش المتعطشين، أكثر من الساسة في جزء منهم، الى احتضان وسائل الاعلام لهم، يحظون في الحقيقة بمديح في المقالات الرئيسة لكنهم يخسرون ثقة الضباط والجنود الذين قد يستصرخونهم غدا لمحاربة مخربين يوصون اليوم بالافراج عنهم "تفضلا على أبو مازن".

يُبدي رئيس هيئة الاركان الذي لا تلفه هالة قادة منتصرين في ميدان القتال، اذا لم نشأ المبالغة، يُبدي زيادة على "أُقعد ولا تفعل" في المجال العملياتي، ضعفا وعدم زعامة نحو من يقودون التسييس من تحت أنفه. وهو باعتباره القائد الأعلى مسؤول عن التوجه المدمر الذي يضر بالدافعية وقد يُقسِّم الجيش والعياذ بالله.