خبر أنظمة الردة العربية المتصهينة ..أكرم عبيد

الساعة 09:19 ص|22 أكتوبر 2011

أنظمة الردة العربية المتصهينة ..

 تحول الجامعة العربية لغرفة سوداء للتأمر على قوى المقاومة والصمود والممانعة وفي مقدمتها سورية

أكرم عبيد

بعد أكثر من ستين عام على تأسيس الجامعة العربية ما زالت تدور في حلقة مفرغة بسبب عجز النظام الرسمي العربي الذي يتعامل مع الحدث في إطار الجامعة العربية بردة فعل جوفاء لا تتجاوز حدود الشجب والإدانة والاستنكار لعدم توفر الإرادة الوطنية والقومية الصادقة لمعظم  هذه الأنظمة المهرولة التي تعمدت  تهميش  دور وأداء هذا الإطار العربي المشترك الذي يستطيع مواجهة  المخاطر التي تتهدد الأمن القومي العربي إذا ما توفرت الإرادة الصادقة والحد الادني من دعم مؤسساتها وتفعيل اتفاقياتها وفي مقدمتها اتفاقية الدفاع العربي المشترك وغيرها

لكن رياح الأنظمة العربية المتصهينة ما زالت تجري بما لا تشتهي سفن شرفاء الأمة وقواها المقاومة للمشاريع والمخططات الاستعمارية القديمة الجديدة وفي مقدمتها ما يسمى النظام الشرق أوسطي بدءاً من العدوان على العراق واحتلاله عام  وتدمير بناه التحتية والمجتمعية وارتكاب جرائم الحرب بحق أبنائه مرورا بالتواطؤ على تقسم السودان ومجاعة الشعب الصومالي إلى المواقف المشبوهة والمتآمرة على المقاومة في لبنان أثناء عدوان تموز عام 2006 وحصار قطاع غزة المقاوم الذي تعرض لعدوان الكانونين نهاية العام 2008 بداية العام 2009 وتجاهل الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة والمساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية وبناء جدار الفصل والعزل العنصري إلى تشريع العدوان على الجماهيرية الليبية واحتلالها من قبل الحلف الأطلسي بعد تشريع مجلس ثوار النيتو العميل مرورا بالفتنة المذهبية في مصر العروبة وإذلال الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته بعد تقديم طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحدود عام 1967 وفرض المزيد من الضغوط عليه من قبل العدو الصهيوأمريكي واللجنة الرباعية الدولية وعملائهم الصغار في المنطقة للعودة للمفاوضات العبثية الفاشلة لفرض شروطهم واملاءاتهم لانتزاع الاعتراف بما يسمى يهودية الدولة في ظل غياب الدور الحقيقي للجامعة العربية

 لذلك ليس غريبا ولا مستغربا أن تنتقل المواجهة الخارجية مع سورية من الميدان الإعلامي والدبلوماسي إلى الجامعة العربية بعد دعوة  مجلس التأمر الخليجي وزراء الخارجية العرب لعقد جلسة طارئة لبحث الأزمة في سورية ومحاولة تجميد عضويتها في الجامعة العربية كمقدمة للاعتراف بما يسمى ( المجلس الوطني السوري المعارض ) للرد على الهزيمة الصهيوامريكية في مجلس الأمن الدولي ومحاولة اختراق الجدار السوري الصامد لتحقيق ما عجز عن تحقيقه العدو الصهيوأمريكي من بوابة الجامعة العربية لتدويل الأزمة والتدخل العسكري الخارجي في سورية لاستهدافها  وإحراج الأصدقاء الروس والصينيين بعد الفيتو المزدوج الذي افشل مشاريعهم ومخططاتهم العدوانية لفرض السيناريو الليبي  مرة أخرى  

مع العلم أن ما يسمى ( بالمجلس الوطني السوري ) المصنع بمقاييس ومفاهيم صهيوامريكية الذي يروجون للاعتراف به ما زال يرفض الحوار مع الشرعية الوطنية والدستورية للبلاد لأنه بصراحة لا يملك مشروعا وطنيا حقيقيا ولا يملك قاعد جماهيرية ورأي عام لان وجوده ارتبط منذ ولادته القيصرية في اسطنبول بأجندة صهيوامريكية تستقوي بالعدو الخارجي وهذا ما يميز المعارضة السورية الوطنية الحقيقية بين الداخل والخارج

 ومن الملاحظ أن هذه الدعوة الخليجية المشبوهة ترافقت مع تصعيد المواجهة الأمريكية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد اتهامها بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن

وبصراحة لم يكن تقاطع الدعوة مع الاتهام الأمريكي للجمهورية الإسلامية الإيرانية مجرد صدفة أو موقف عابر لان الهدف واحد تتطلع إليه الإدارة الصهيوامريكية التي تتعمد فرض المزيد من والاملاءات والضغوط على معظم الأنظمة العربية المهرولة وفي مقدمتها مجلس التأمر الخليجي للنيل من صمود وصلابة سورية لفك ارتباطها بقوى المقاومة من فلسطين إلى لبنان والعراق ومع الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحليف الاستراتيجي لسورية

وبالرغم من إفشال المشروع المتصهين وكشف وتعرية أهدافه بفضل رفض عدد مهم من وزراء الخارجية العرب الذين رفضوا الفكرة من أساسها واقترح البعض منهم تشكيل لجنة وزارية تلتقي مع القيادة السورية لطرح المقترحات التي تم التوافق عليها في بيان وزراء الخارجية العرب الذي تحفظت عليه سورية وردت على دعوة الاجتماع الطارئ بلسان سفيرها في الجامعة يوسف الأحمد بكلمة قوية مثلت كل الحقيقة المستمدة من ارض الواقع وليس من خلال الدعاية والفبركة الإعلامية المتصهينة التي تتعمد اخذ سورية لمستنقع الذل والإذعان والتفريط والاستسلام الذي يسعى أعداء الأمة لتحقيقه بأدوات عميلة رخيصة ومأجورة

 وبالرغم من ذلك وافقت القيادة السورية على استقبال وفد الجامعة العربية برئاسة قطر متمسكة بالحوار الوطني الشامل بمشاركة كل أطياف المجتمع السوري بمختلف انتماءاتهم بحضور الجامعة العربية في سورية وفق ضمانات وآليات شاملة يتم الاتفاق عليها كما قال السفير يوسف الأحمد في سياق كلمته الهامة

مع العلم أن بيان وزراء الخارجية العرب يفتقد للموضوعية ويتدخل في الشؤون الداخلية السورية كبلد عربي سيادي مستقل وعضو في الأمم المتحدة

وقد أثارت الدعوة الخليجية في هذه الظروف العربية الصعبة جملة من التساؤلات ومن أهمها :

أولا – هل الدعوة لانعقاد مجلس وزراء الخارجية العرب الطارئ جادة في حل المشكلة في سورية أم تعقيدها ؟؟؟

وهل هم حريصون حقا على دماء السوريين وحقوقهم في الإصلاح والحرية والديمقراطية كما يتشدقون وأين حقوق الإخوة الخليجيين وخاصة في البحريين والسعودية التي يجلدون فيها المرأة إذا قادت سيارتها في شوارع السعودية

ثانيا –  لماذا انعقد الاجتماع الوزاري العربي برئاسة قطر مع العلم أن دولة فلسطين هي التي تسلمت رئاسة هذه الدورة قبل أيام  وتم تسليمها لقطر في خطوة مشبوهة وغير مبررة ولها ثمن سياسي ومادي مأجور على حساب شرفاء الأمة بشكل عام وعلى حساب الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية العادلة وحقوقه الوطنية ومقاومته الباسلة التي يدفع اليوم فواتيرها القديمة الجديدة كل شرفاء الأمة الداعمين لخط المقاومة والصمود الرافضين لنهج الإذعان والاستسلام وفي مقدمتهم سورية

ثالثا - لقد وضع بيان وزراء الخارجية العرب سورية بشعبها وقيادتها الشرعية في نفس الكفة مع مجلس اسطنبول الراعي للعصابات الإرهابية من أصحاب السوابق الإجرامية التي تستهدف الأبرياء من الشعب السوري ومؤسساته الوطنية العامة والخاصة وفي مقدمتها الجيش والأجهزة الأمنية والكفاءات الوطنية والعلماء و الاستقواء بالخارج لإسقاط النظام الشرعي في سورية بتمويل وتسليح وتحريض من بعض الأنظمة الخليجية المتورطة بالتدخل المباشر بالعدوان على سورية عبر أبواقهم الإعلامية المتصهينة الموغلة بدماء الأبرياء من أبناء سورية الذين تجاهلهم وزراء الخارجية العرب في اجتماعه الطارئ الذي ركز على الوقف الفوري للعنف والقتل ووضع حد للمظاهر المسلحة والتخلي عن المعالجة الأمنية وكأن الجامعة العربية تتعمد تجاهل أسباب الأزمة ليتعامل مع نتائجها بفجور وهذا لا يخدم مصالح الشعب السوري المقاوم بقدر ما يخدم مصالح العدو الصهيوأمريكي

رابعا - لقد تجاهل بيان وزراء الخارجية العرب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأنظمة الأوروبية بقيادة الإدارة الأمريكية المتصهينة التي تستهدف الشعب العربي السوري الذي تتباكى عليه أنظمة الردة في مجلس التأمر الخليجي التي لم تحرك ساكنا بخصوص ما يحصل في البحرين من فصول إجرامية دامية بحق أبناء البحرين المطالبين بالإصلاح لا بل تعمدت المملكة العربية السعودية استحضار ما يسمى قوات درع الجزيرة بتغطية سياسية غربية أمريكية فاضحة لقمع ثوار البحرين كما تقمع السلطات السعودية الثوار السعوديين وخاصة في المنطقة الشرقية

وفي هذا السياق من حق المواطن العربي أن يتساءل أليس من حق الثوار في السعودية والبحرين تشكيل مجالس وطنية لإسقاط أنظمتها القهرية بدعم ومساندة دولا عربية وإسلامية مقاومة

لذلك فان المواقف المشبوهة للجامعة العربية والتهرب من مسؤولياتها القومية ستشكل المقدمات الضرورية لرياح التغير التي ستعصف بواقعها المأساوي لإصلاح مؤسساتها على أساس خدمة مصالح شعوب الأمة وأهدافها القومية وقضاياها العادلة لتستعيد دورها ومكانتها على الصعيدين العربي والعالمي وتفرض حضورها بقوة في معالجة مشاكل الأمة بعيدا عن الاستقواء بأعدائها ولو كان مجلس الأمن المتصهين لان المستقبل لتعميم ثقافة المقاومة والصمود والانتصار

نعم لقد خرجت سورية من دائرة الخطر بوعي شعبها وحكمة وحنكة قيادتها التاريخية بقيادة الرئيس المناضل بشار الأسد الذي أطلق العنان لمسيرة الحوار الوطني الشامل بين مختلف أطياف الشعب السوري وانتماءاتهم الحزبية لانجاز مسيرة الإصلاح الشامل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية وغيرها

  وانطلاقاً من هذه القاعدة بدأت الأمور تعود لطبيعتها في سورية بعد سقوط المؤامرة التي تحطمت على صخرة صمودها لتحقيق كامل أهدافها الوطنية وتوفير الظروف المناسبة لانجاز ميسرة الحوار الوطني الشامل والإصلاح لتعلب الدور الريادي في مسيرة العمل العربي المشترك لتبقى الحصن الحصين لكل شرفاء الأمة والدفاع عن حقوقهم وقضاياهم العادلة في كل المحافل الإقليمية والدولية كما كانت دائما وأبداً .