خبر هبوط صعب -يعوت

الساعة 10:20 ص|18 أكتوبر 2011

هبوط صعب -يعوت

بقلم: ناحوم برنياع

الآن خاصة قبل ان نوقف جميعا خفق قلوبنا حينما تهبط المروحية العسكرية وفيها جلعاد شليط على ارض اسرائيل، يحسن ان نقول الحقيقة لأنفسنا وهي أننا خسرنا في هذه المعركة، سنحتضن بقلوبنا الفتى الذي ذوى خمس سنين وأكثر في الأسر بلا ظلم أتاه، ونأمل ان تكون هذه هي الحالة الاخيرة لا بسبب قسوة حماس فقط بل بسبب عجزنا.

خسرنا دونما صلة بسؤال ما هو الفرق بين الصفقة التي رفضها اولمرت والصفقة التي قبلها نتنياهو. فهذه دقائق غير طائلة. خسرنا لأننا لم نستطع أن نُخلصه بطرق اخرى؛ وخسرنا لأننا برهنا للفلسطينيين على أنه يمكن بالقوة احراز الكثير جدا منا لكنهم لا يحرزون شيئا بالتعاون؛ وخسرنا لأننا اضطررنا الى الاستسلام لاملاء تصحبه مخاطرة أمنية باهظة.

هذه الخسارة لن تقتلنا. فقد تغلبت دولة اسرائيل على خسائر أثقل منها. لكن لا يجوز كبت الواقع. ليست الزعامة بت أمر قبول الصفقة فقط – فالقرار صحيح في الظروف التي نشأت؛ ان الزعامة هي تسمية الاشياء بأسمائها ايضا. وما يزال رئيس حكومتنا لم يبلغ مستوى الزعامة هذا.

هناك سبب جيد للتأثر اليوم؛ ولا سبب للاحتفال. ان الاهتمام الاعلامي بالأسير العائد الى بيته مفهوم؛ ومن المؤسف انه بلغ مستويات الهوس. قبل ان نخنق هذا الفتى بحبنا ربما يحسن ان نسأله هل يعجبه هذا الاحتضان. صحيح ان لوسائل الاعلام جزءا جليلا من قرار إتمام الصفقة. ولا يعني هذا انها تستحق الآن أرباحا.

ومن المؤسف أكثر ان ينضم الى هذا السيرك رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان. ان ظهورهم في المراسم في تل نوف اليوم يعظم انجاز حماس. لم يسافر رئيس الحكومة اسحق رابين الى مطار بن غوريون لاستقبال مخطوفي عنتيبة الذين عادوا الى بيوتهم برغم ان تلك العملية انتهت الى نجاح لامع. واستقبل اهود اولمرت تابوتي ريغف وغولدفاسر لكنهما كانا تابوتين.

توجد بضع حقائق اخرى غير سهلة يستحسن ان نقولها في هذا اليوم السعيد – الحزين. ان النضال لاطلاق سراح شليط أحدث تحولا لمعنى قيم مثل أخوة المحاربين والتضامن وأن الجيش الاسرائيلي لا يترك جرحى في الميدان. كان المعنى في الماضي أننا نفعل كل ما نستطيع بوسائل عسكرية لتخليص جندي وأصبح المعنى اليوم أننا نفعل كل شيء. وقد تربى جيل من الاسرائيليين الشباب على هذا التفسير الجديد غير الموجود في أي مجتمع وفي أي جيش في العالم. وستضطر حكومة تحاول ان تعمل على نحو مختلف في المستقبل الى ان تحارب لا عائلة الجندي واصدقاءه فقط بل الجيش كله. فعبارة "بكل ثمن" اتخذت زيا اخلاقيا وجانب قداسة.

وفي خلال ذلك حدث تغيير في طريقة قياس الاسرائيليين للشعور الوطني. فحينما لم تستجب حكومة اسرائيل لمطالب نوعام شليط أنزل العلم عن سطح بيته؛ وحينما غيرت رأيها واستجابت له رفع العلم من جديد وحظي بصورة بطولية. وهو حكم معارضي الصفقة. فقد أعلن واحد منهم أمس في المحكمة العليا ان الدولة خانته؛ وأعلن آخر انه ينوي الهجرة من البلاد.

حينما ترفع "تنوفا" سعر جبن الكوتج فمن الفرائض القطيعة معها؛ فنحن نُتم العلاقة بها عن طريق المحفظة: فاذا لم تعجبنا اتجهنا الى الشركة المنافسة. لكن الدولة ليست شركة اغذية. انها ليست "تنوفا" انها البيت. ان كثيرا من الناس خاطروا بحياتهم ويخاطرون من اجلها. وليس من الجيد ان نطرحها عنا بسهولة كهذه.

توجهت بضع عائلات ثكلى أمس الى محكمة العدل العليا طالبة تأخير تنفيذ الصفقة. والمحكمة العليا كعادتها استمعت لها ورفضت الاستئنافات كما كان متوقعا. وقد تباحث قضاة المحكمة العليا طويلا في سؤال هل أُعطي المستأنفون فرصة مناسبة للاعتراض على الافراج عن قاتلي أقربائهم. كان الافتراض ان لهم حقا كهذا. ومن استأنف على أساس جماهيري فقط لم يُسمح له بتعليل استئنافه.

وهناك حقيقة اخرى غير سهلة وهي أنه لا يوجد للعائلات الثكلى أي امتياز وأي تفضيل في استقرار الرأي على اطلاق سراح ارهابيين. فأعمال القتل المتحدث عنها لم تكن شخصية. ان المقتولين اختيروا لأنهم اسرائيليون فقط. العائلات تستحق المساعدة والتأهيل ومشاركتها أساها لكن لا سبب يدعو الى منح رأيها وزنا في استقرار الرأي على اطلاق سراح هذا القاتل أو ذاك. ان القانون الذي يكون صحيحا عادلا حينما يتم الحديث عن قتل لاسباب جنائية، يُشوه حينما يُنقل الى مجال الارهاب. كان يجب بحث سؤال من نطلق سراحه بحسب تقدير واحد وهو خطره في المستقبل.