خبر لا مفر- يديعوت

الساعة 10:20 ص|12 أكتوبر 2011

لا مفر- يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

توجد قرارات لا يكون مفر منها. القرار بالتوقيع على صفقة شليت هو واحد منها: الثمن مبالغ فيه، المخاطر كبيرة والسابقة غير لطيفة، ولكن دولة لم تتمكن على مدى خمس سنوات من تخليص جندي من الاسر بوسائل اخرى لا يمكنها الا ان تدفع الثمن. البديل – تركه يموت في الاسر – لا ينطبق. فهو لا يستوفي الشرط الاساس في القبيلة الاسرائيلية.

نتنياهو جدير بالتقدير على أنه قرر، وقرر صحيحا. وقد ابدى زعامة. التجربة تثبت بان التأجيل في اتخاذ القرارات لا يحسن الشروط بل العكس يفاقمها. أحد الوزراء أسمى ذلك امس فقال انها "الترفيع": كل مرة رفضت فيها حكومة اسرائيل عرضا، وافقت على قبول ذات العرض مرة اخرى، مع اضافة الفائدة. لم يكن معنى لتعذيب شليت لزمن طويل في السجن، وتعريض صحته النفسية والجسدية للخطر، وربما أيضا حياته، ودفع قدر أكبر في جولة الاتصالات التالية.

جلعاد شليت اختطف في عهد ولاية حكومة اولمرت. في الجدال الذي دار حول ثمن تحريره ترنح أصحاب القرار بين درسين متعارضين. من جهة يوسكا غروف، نيسن سالم وحزان شاي، جنود الناحل الذين اختطفوا في لبنان في ايلول 1982. الثلاثة تحرروا في 1985، في صفقة جبريل. قرابة 1.200 سجين تحرروا في اطار الصفقة، بينهم مهندسو الارهاب وقتلة مع دم على الايدي. بعضهم عادوا الى العمل في منظماتهم، وكانوا مسؤولين عن موت عشرات آخرين من الاسرائيليين. الشارع الاسرائيلي رد بالندم: وكان الدرس انه محظور الاستجابة لضغط الاهالي. اذا كان الثمن هو تحرير قتلة فمن الافضل ان يبقى جنود الجيش الاسرائيلي في السجن.

من جهة اخرى، مساعد الطيار رون اراد. فقد اعتقدت حكومات اسرائيل بان الثمن الذي يطالب به آسروه، من رجال منظمة أمل، عال جدا. اراد اختفى، ومصيره غير معروف. الشارع الاسرائيلي رد بالندم: محظور الرهان على حياة الجندي. من الافضل دفع كل ثمن، على أن يعود الى الديار.

درس يكافح درسا، الى أن حسمت المعركة. درس رون اراد انتصر أمس على درس يوسكا غروف.

اولمرت دخل في مفاوضات، وتردد، توصل الى الاستنتاج بان الثمن مبالغ فيه وقرر سلبا. حقيقة أن رئيس المخابرات يوفال ديسكن ورئيس الموساد مئير دغان عارضا الصفقة لعبت دورا في قراره.

قضية شليت كانت احد الملفات المفتوحة التي لم يسر نتنياهو لاستلامها. وحسب سجله، كمن يولي اهمية عليا لمكافحة الارهاب، بلا هوادة، كان يفترض به أن يحسم ضد. ولكن نتنياهو رئيس الوزراء هو رجل آخر. فهو منصت لمشاعر الجمهور. ولا سيما بعد هذا الصيف. مشاعر الجمهور قالت، التحرير بكل ثمن.

أفيفا ونوعام شليت والحملة التي جرت من أجل ابنهما مارسا في الاشهر الاخيرة كل الضغط على حكومة اسرائيل. القرار ليس في ايدينا، ادعى وزراء في الحكومة. الكرة في ملعب حماس التي تجد صعوبة في اتخاذ القرار. في نظرة الى الوراء، يخيل أن حملة شليت عرفت كيف تقرأ الصورة: القرار كان هنا، لا في غزة ولا في دمشق. التغيير كان هنا، لا في غزة ولا في دمشق. الخطوط الحمراء اجتيزت هنا، لا في غزة ولا في دمشق.

وزراء الحكومة يقسمون بان التراجع في صفقة شليت هو الاخير. من الان فصاعدا ستتصرف اسرائيل مثل الولايات المتحدة، بريطانيا، استراليا، دول غربية اخرى. اذا اختطف جندي من جنودها او وقع في الاسر، فانها ستكبل مسبقا ايديها في المفاوضات. لن يكون استسلام، لن تكون حلول وسط، لن تكون تنازلات. لجنة برئاسة القاضي المتقاعد شمغار ستفحص كل صفقة، اذا ما خرجت عن المبادىء فلن تحظى بالاقرار.

يمكن ان نحل هذا النذر الاحتفالي بابتسامة. فهو سيكون ملزما دوما في الصفقة التالية، التي لم تأتي بعد. خيرا كان ام شرا، لن يقف أي نذر امام ابوي جندي في الجيش الاسرائيلي، يذوي في اسر منظمة ارهابية. لا يمكن لاي نذر ان يقف امام مشاعر الذنب لدى الجمهور.

بعد ظهر أمس جاء أحد مسؤولي السفارة المصرية في تل ابيب الى وزارة الدفاع. والتقى باللواء عاموس جلعاد رئيس القسم السياسي – الامني. وسلمه جلعاد صيغة اعتذار وزير الدفاع للحكومة المصرية على موت جنود مصريين في العملية التي وقعت على الحدود المصرية. ملابسات الحادثة لم تبرر اعتذارا من اسرائيل. المصريون ساعدوا على انهاء صفقة شليت. والاعتذار كان جزءا من الرزمة. كانت القسم الاقل ايلاما. القسم الاليم حقا سنراه في ابتسامات القتلة الذين سيعودون الى الضفة.