خبر لم نعد شعب مختار- هآرتس

الساعة 10:13 ص|09 أكتوبر 2011

 

لم نعد شعب مختار- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: ينتقد الكاتب على الاسرائيليين وعلى اسرائيل اعتقادهم أنهم شعب مختار فوق الشعوب كلها بصورة تسبب لديهم الاستكبار وعدم الالتفات لرأي الشعوب الاخرى وقيمتها - المصدر).

        أمس تلوا مرة اخرى في الكنس صلاة السبع، "اخترتنا من جميع الشعوب" التي سُمعت مرة اخرى في جميع أطراف البلاد. حظيت فكرة أننا الشعب المختار مرة اخرى بتعبير صريح كما يحدث هذا في اوقات متقاربة في الصلاة والتوراة لا في يوم الغفران فقط.

        لكن اعتقاد أننا الشعب المختار (بأل التعريف) مغروس بصورة أعمق. لا في التراث اليهودي وحفظته فقط – فاسرائيل الحديثة العلمانية في ظاهر الامر، تؤمن به بالكُلية. لم تعد توجد أفكار يهودية قديمة كثيرة مغروسة عميقا جدا في الوجود الاسرائيلي الحالي مثل فكرة ان "شعب اسرائيل" وليكن تفسيره ما كان، أفضل من كل شعب آخر. لو أنكم كشطتم تحت جلد كل اسرائيلي تقريبا لكشفتم عن أنه على ثقة بأننا الأفضلون، وأن "العقل اليهودي" هو الأنجح وأن الجيش الاسرائيلي هو الأكثر اخلاقية، وأنه لا أحد يُعلمنا شيئا ولا أحد فوقنا في العالم.

        ليس هذا استكبارا زائدا لا أساس له فقط بل هو اعتقاد خطر لا مثيل له، يُمكّن اسرائيل أن تسلك كما تسلك بتجاهل واضح لمشاعر العالم؛ ولا تغيب عنه ايضا الأسس القومية والعنصرية الظلامية. من اللطيف والجيد أن يعتبر شعب نفسه ناجحا. وللشعب اليهودي بطبيعة الامر الكثير من الاسباب لذلك والكثير من الانجازات يفختر بها، ولدولة اسرائيل ايضا التي هي بمثابة أعجوبة أو تكاد تكون معجزة. لكنه يغيب عن كل ذلك صفة قومية لا تقل أهمية هي صفة التواضع. ويصعب أن نتهم الاسرائيليين بأنهم مُنحوها.

        يقوم في أساس الصلف الاسرائيلي اعتقاد ان الحديث حقا عن شعب مختار ذي صفات مختارة غير موجودة لأي شعب آخر. أنظروا هذا عند متنزهين اسرائيليين في الخارج واسمعوه من كل من يواصل اجانب، واشعروا به في التيارات العميقة للسياسة الاسرائيلية. فالامريكيون "محدودون"، والهنود "بدائيون" والالمان "مربعون"، والصينيون "غريبو الأطوار"، والاسكندنافيون "شاذجون" والايطاليون "مهرجون" والعرب – عرب. نحن فقط نعلم ما الخير لنا وليس لنا فقط بل للعالم كله. فلا يوجد مثيل للقدرة الاسرائيلية على البقاء ولا شبيه بالعقل اليهودي، والدماغ اليهودي يوجِد لنا اختراعات كما لا يوجِد أي دماغ آخر – لأننا الأفضلون، يا أخي.

        فرص التحقق من هذا كثيرة. لم يأت المثال الاخير من الكنس في يوم الغفران، بل شوهد في مساء العيد إذ سُمعت البشرى المفرحة جدا بفوز عالم اسرائيلي آخر بجائزة نوبل. وإن القلب قد انشرح: فالبروفيسور دان شختمان يستحق الجائزة بيقين لكن اسرائيل لا تستحق البهجة الوطنية التي انفجرت فورا. في مجتمع تكون فيه الاخفاقات والفشل من نصيب الفرد دائما، تؤمم الانجازات وتصبح لنا جميعا. كنا جميعا معا في الثامن من نيسان 1982 في مختبر شختمان في ميريلاند حينما تنبأ لأول مرة بكشفه الجديد ونحن الآن جميعا معه في الطريق الى ستوكهولم.

        أشعب مختار؟ تعالوا نتحدث عن هذا في الفيس بوك

        يصبح انجاز الفرد فورا انجاز المجموع، ويصبح انجاز المجموع فورا برهانا ساطعا آخر على تفوق اسرائيل. فالكشف الجديد هو لنا وهو سر وجودنا وهو كرامتنا الوطنية وهو العقل الاسرائيلي، كما صرخت العناوين الصحفية بمظاهرة عديمة الذوق وبلا أساس احتفاء بالجائزة الشخصية. ومن اجل اثبات هذا الدحوض ومؤداه أننا جميعا شركاء في انجاز شختمان المدهش، تأتي الحسابات ايضا فورا: كم من جوائز نوبل "فزنا بها"، وأين يقفنا هذا قياسا بعدد السكان. وتُعرض ايضا قائمة الفائزين بالجائزة من اليهود على اختلاف أجيالهم فورا للمراءاة وكأنها تقول انهم فازوا بفضل يهوديتهم. وكل جائزة تضاف الى المجموع تعزز فورا تصور ان الحديث عن تفوق جيني واضح. وهذا هو الجانب الثاني للعنصرية – فمن جانب وطء الغير، ومن جانب ثان يُجلون ويعظمون "الشعب المختار" فوق الجميع. وهذان جانبان لنفس قطعة النقود العنصرية الخاسرة.

        تجب بطبيعة الامر متابعة تلاوة صلاة "أنت اخترتنا"، فهي جزء من التراث اليهودي. لكن كان يجب على اسرائيل ان تتحرر من معناها الحالي والعملي. كلا، لسنا شعبا مختارا، لم نعد كذلك منذ زمن، ومن المؤكد أننا لسنا فوق شعوب اخرى. لهذا تعالوا بعد يوم الغفران هذا ومع جائزة نوبل اخرى لاسرائيلي، تعالوا نحاول ان نكون على الأقل شعبا كجميع الشعوب.