خبر أنتِ وأنا والحرب القادمة- هآرتس

الساعة 11:38 ص|07 أكتوبر 2011

 

أنتِ وأنا والحرب القادمة- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

إليكم قانون طبيعة جديدا: كلما ابتعدنا عن حرب يوم الغفران، اقتربت منا. سنتذكر في نهاية هذا الاسبوع مرة اخرى تلك الحرب، وستكون صفحات الصحف وبرامج التلفاز مليئة بحكايات البطولة – وسيُطمس مرة اخرى الدرس الحقيقي حتى لا يُعرف كما يحدث هنا دائما.

ما كان هو ما سيكون. قد تكون مستودعات الطواريء أحسن تزودا، ومن المؤكد ان الاستخبارات أكثر تطورا، لكن الدرس التاريخي، والاستنتاج الأكثر مصيرية لم يتم تعلمهما هنا قط ولو للحظة. لهذا فالوضع الآن كما كان آنذاك، نستطيع مرة اخرى ان نردد في أنفسنا في راحة وثقة: "حينما نتنزه فاننا ثلاثة – أنتِ وأنا والحرب القادمة" (حانوخ ليفين، 1968).

من المدهش ان نرى كيف لم تفض حتى تلك الصدمة التي هي أم جميع الصدمات الى أي تغيير استراتيجي حقيقي. سيعد الجنرالات والمحللون بأن الجيش الاسرائيلي استخلص دروس الدروس، لكن اسرائيل لم تستخلص شيئا. لم تتعلم شيئا ولم تنس شيئا؛ وهي لن تفاجأ على هذا النحو الى الأبد – وستفاجأ مرة اخرى أو ستتظاهر على الأقل بأنها فوجئت.

مرت 38 سنة وكأن الامور لم تقع قط، فهناك الاسترخاء نفسه والصلف نفسه والثقة المفرطة بالذات نفسها، وعدم الفعل السياسي نفسه، ونفس الفرص المضاعة واحدة بعد اخرى. ونفس الفكرة الداحضة ان الزمن يعمل في مصلحة اسرائيل وأنه طبيب كل جرح وفشل وأنه لا يجب فعل شيء، وان الامور ستُسوى من تلقاء نفسها. وأننا سنعيش الى الأبد في ظلال سيوفنا وسيكونون هم تحت احتلالنا – آنذاك والآن.

حتى لو لم يُقل الكلام على هذا النحو فان سلوك اسرائيل لا يترك مكانا للشك في انه لم يتغير شيء في تفكيرها، برغم الـ 2300 قتيل في تلك الحرب والخطر الفظيع الذي غشي اسرائيل بسبب ذلك. لم يتغير شيء بالنسبة للمشكلات الأساسية. فلن نُعيد هضبة الجولان الى أصحابها، لأنه لماذا نفعل ذلك؟ فالحدود هادئة منذ 38 سنة. لكن هذه الحدود لن تهدأ 38 سنة اخرى، وسوريا لن تتنازل أبدا عن ارضها – الى أن نفاجأ مرة اخرى. بعد الحرب القادمة على الجولان ستُعاد الهضبة الى أصحابها. فهذا ما كان في 1973 مع مصر وهو ما سيكون مع سوريا.

قبل 1973 كان يمكن (ويجب) التوصل الى تسوية مع مصر، وقالت اسرائيل لا، وقُتل 2300 جندي وقالت اسرائيل نعم. نعم لاعادة المناطق المصرية المحتلة، التي كان يجب ان تُعاد قبل الحرب لا بعدها. والوضع الآن كما كان آنذاك، نحن نقامر على الضفة الغربية ايضا، مقامرة مصيرية. نستوطن وننكل ونُعمق الاحتلال ونستخف بنصائح أواخر اصدقائنا في العالم. بعد سفك الدماء القادم الذي يبدو أنه سيكون أفظع من كل ما سبقه سنتنبه لا قبل ذلك معاذ الله.

الكتابات في الحائط صارخة مُرة ونحن سادرون في الغيّ. لا ولا، حيلة بعد حيلة، وألعوبة بعد ألعوبة، والصد والرفض فقط. يوجد ارهاب – لن نخرج؛ لا يوجد ارهاب – لن نتحرك. ياسر عرفات حي – لن نخرج؛ عرفات مات – لن نتحرك. الفلسطينيون يعترفون بدولة اسرائيل – لن نخرج؛ لا يعترفون بـ "دولة يهودية" – لن نتحرك. لا يوجد "ربيع عربي"، يوجد "ربيع عربي" – ونحن سادرون في الغيّ. كل جندي وشخص طيب الى السلاح، وكل تعلّة للرفض.

لو ان اسرائيل أرادت أن تتذكر الذكرى السنوية لتلك الحرب كما ينبغي، ولو كانت فيها دروس تاريخ ذات صلة لكفت عن الاتكاء على قصص البطولة والتحزن لقصص الثُكل، ولسألت نفسها بدل ذلك هل فعلت حقا كل شيء كي لا تعود أفظع حرب في تاريخها. ما الذي فعلته منذ ذلك الحين لتُقبل في المنطقة، وما الذي فعلته لمضاءلة خطر الحرب القادمة، وهل لها أصلا احتمال استمرار حياتها على السلاح وحده الذي أخذ يتطور لا في مستودعات طوارئها فحسب بل في مستودعات طواريء جاراتها ايضا.

لكن هذه الاسئلة لا تُسأل ألبتة لا في الذكرى السنوية لحرب 1973 ولا في أي يوم آخر من ايام السنة. لهذا تعالوا نستمر في الترنم بالنشيد الذي كُتب قبل تلك الحرب كما نحب كثيرا: "حينما نكون نائمين نكون ثلاثة – أنتِ وأنا والحرب القادمة".