خبر أُسلِمنا -هآرتس

الساعة 09:41 ص|04 أكتوبر 2011

أُسلِمنا -هآرتس

بقلم: إيال راز

نشيط في حركة "التعاطف مع الشيخ جراح"

(المضمون: يُظهرنا الكاتب على عمل تنكيلي وقع على مجموعة من نشطاء السلام اليساريين عند مدخل مستوطنة عنتوت تحت سمع وبصر رجال الشرطة دون ان يتدخل هؤلاء لمنع ذلك - المصدر).

        هل كنتم ذات مرة في عمل تنكيل، أو وُجدتم ذات مرة في مكان يضربكم فيه ويعود ويضربكم ويضرب رفاقكم جمهور منفلت الزمام؟ هل تلقيتم ذات مرة عنفا متوحشا إزاء عيون مغمضة لشرطيين يتجاهلون دعوات يائسة للمساعدة؟ هل شعرتم ذات مرة بأنكم متخلى عنكم؟ القصة التالية تبدأ بالدم لكن أساسها هو التخلي.

        ان ما حدث في ليل السبت الماضي عند مدخل مستوطنة عنتوت كان مذبحة وعملا تنكيليا. فلا اسم آخر يُعطى للحادثة التي ضرب فيها مئات الرجال الضخام الاجسام وطاردوا زمنا طويلا مجموعة غير عنيفة من النشيطات والنشطاء. ولا طريقة لننقل لمن لم يكن هناك رعب الظلام الذي حل، لا بكلمات ولا بصور حتى ولا بأفلام. جاءوا ليهشموا ويحطموا وربما ليقتلوا. وقد استعملوا الأيدي والأرجل والأسنان، والحجارة والأنابيب والسكاكين. ووجهوا الى المصورين والى النساء والى الشباب والى كبار السن. وأنزلوا الى الارض وضربوا أفرادا ممددين مُحدقا بهم. وطاردوا من حاول ان ينسحب وطاردوا ولاحقوا المضروبين.

        وتم كل ذلك على مرأى من رجال الشرطة الذين لم يفعلوا شيئا لمنع المس بالنفوس. ومضى كل ذلك كالعادة في صمت دقيق.

        ان من أسلم في ظهر الجمعة أبناء العائلة الفلسطينية التي جاءت لفلاحة ارضها لم يكونوا المشاغبين الذين أرسلوا أفرادها الى المستشفى. ومن أباح للجموع التنكيل بنشطاء "التعاطف مع الشيخ جراح" و"تعايش" الذين حضروا الى المكان في المساء موجود خارج دائرة الضاربين. انهم عملوا عملهم لكنهم هم أنفسهم ضلع فقط في مبنى متعدد الطوابق.

        كيف نفسر تجاهل رجال الشرطة الذين وجدوا في المكان؟ وحقيقة أنهم لم يعلموا ولم يعتقدوا وأن عملهم هو وقف المذبحة؟ ربما أسهم في ذلك حقيقة أنه لا يسكن عنتوت "أنصار مارزيل". ولا "فتيان التلال" أو "أعشاب ضارة". يعيش هناك "عام يسرائيل حاي" (شعب اسرائيل حي) ومقدسيون سابقون نقلوا أنفسهم الى مستوطنة "ايخوت حاييم" ورجال شرطة حظوا بشروط شراء تفضيلية هناك. وان فريقا من المشاغبين – على حسب الشبهة التي تُبينها شهادات وأدلة جُمعت في الايام الاخيرة – هم من رجال الشرطة لم يكونوا يؤدون عملا في ذلك الوقت.

        وقد تكون تلك الكراهية المغروسة عميقا لـ "العرب" ولـ "اليساريين". وربما تكون الكراهية هي التي سهلت على الموجودين في مراكز شرطة منطقة شاي الذين تلقوا النداءات، ألا يبادروا ويوجهوا قوات الى هناك. لأن رجال الشرطة حتى عندما جاءت سيارتا شرطة، صرفوا أكثر الجهود الى ابلاغ المضروبين أنه أُصدر أمر منطقة عسكرية مغلقة أخلوا هم به. وينبغي أن نعلم ان هذه هي مراكز الشرطة التي يفترض أن يُقدم المصابون شكاوى فيها. وُجه الى واحد منها أمس رفيق أراد ان يصلح سيارته التي أُفسدت. وقد مُنع في اثناء ذلك من فعل ذلك خشية أن يلقى مهاجمين هناك.

        لا حماية اليوم لمن لا يوجد في جانب المؤسسة وفي معسكر اليمين. ومع عدم وجود حماية كهذه من قبل الجهات المخولة بالحفاظ على القانون، تُدحرج المسؤولية الى وسائل الاعلام التي تُعلم الجمهور.

        ان وسيلة الاعلام التي لا تستصوب تقديم تقرير عن عمل تنكيلي بهذا الحجم هي شريكة في سياسة أو اخفاق التخلي. ومن يسميه ايضا "مواجهة" أو "شجارا" أو سائر الكلمات المغسولة التي تُظهر مشاركة في العمل، ومن يتخلى عن عمله في الفحص والتحقق من الحقائق ويكتفي بـ "الاتيان بالروايات"، ومن يختار تناول الخبر باستخفاف، يعلم انه كان يصبح فورا عناوين رئيسة في ظروف اخرى.

        "أن تظل محايدا في مواجهة عدم العدل يعني أنك اخترت الجانب المضطهد"، كتب ديزموند توتو. تبدأ هذه القصة بالدم لكن أساسها التخلي. وهي التي تُمكّن الآن من سفك الدم في المستقبل. وكل من لا يصرخ مشارك فيها.