خبر تقرير: انتهاء العصر الذهبي للأنفاق!

الساعة 11:26 ص|01 أكتوبر 2011

عمالها يهجرونها ومخاطرها تفوق أرباحها

انتهاء العصر الذهبي للأنفاق!

فلسطين اليوم: غزة

لم تعد أنفاق رفح تجذب المستثمرين الباحثين عن الثراء السريع كما كانت، بعد ان شهدت أسعار السلع المهربة انخفاضا كبيرا، بفعل تراجع في الطلب، وارتفاع حاد في العرض وحالة من التشبع غير المسبوق لأسواق غزة بالبضائع المهربة.

ويقدر مهربون ان عائد العمل في التهريب انخفض مؤخرا من 200 % إلى 5 % من قيمة البضائع.

وتوقفت عمليات الحفر منذ شهور بفعل القصف والانهيارات، واغلقت الكثير من الأنفاق الجاهزة وعرضها مالكوها للبيع دون أن تجد من يشتريها، فيما زادت نسبة الخلافات بين الشركاء واستقر الحال في العديد منها على تأجيرها لسداد نفقاتها.

ويقول حسني الشاعر وهو أحد مالكي الأنفاق ان عصرها الذهبي انتهى وانها أقل»: صارت عبئا على أصحابها، ويضيف من 10 % من أنفاق رفح تعمل حاليا.

ومعظمها اقتصر عملها على تهريب الأسمنت والحديد ومواد البناء، لتلبية احتياجات السوق التي لا تزال متعطشة لهذه السلع خاصة بعد حركة البناء .« المتزايدة التي يشهدها القطاع.

أنفاق للبيع والايجار

وأشار الشاعر إلى أن معظم مالكي الأنفاق الذين لم يجدوا سبيلا لبيعها أو تأجيرها يلجأون لتهريب كميات كبيرة من مواد البناء بصورة يومية في محاولة لتغطية أجور العمال والمصاريف التشغيلية الأخرى، بعد ان يقسم صافي الربح بين مالك النفق وشريكه المصري. وأضاف ان صافي الربح اليومي لا يتجاوز بضع مئات من الشواقل، ورغم ذلك يفضل الكثير من مالكيها أن تعمل حتى لو بالإيجار حتى يحافظوا على بقائها نتيجة التغيرات الطبيعية والانهيارات التي تحتاج إلى متابعة يومية وإصلاحات سريعة والكثير من التكاليف.

من جانبه، يقول أبو وسام انه أجر نفقا يملكه لانخفاض الارباح لدرجة لا تكفي فيها حتى للتصليحات المطلوبة. وتخصص أبو وسام هو تهريب الأدوات الكهربائية، ويقول انه لا يستطيع تغيير نشاطه لأنه متخصص بهذا المجال ويخشى على ما جمعه من مال من الضياع كما حدث مع غيره ممن عملوا بسلع مغايرة لتلك التي قضوا سنوات في العمل فيها، وتوقفوا

عندما تكدست الأسواق بها وخسروا ما جمعوه من أموال في فترة وجيزة.

وبتأجير النفق، يقول أبو وسام انه يضمن التصليحات على حساب المستأجر، ويتقاضى ربحا بسيطا، ويحافظ على بقاء نفقه إلى أن يجد حلولا أخرى، مؤكدا أن الأنفاق التي تقوم بتهريب الوقود ومعظمها لا يزال يعمل لم تسلم من الوضع الراهن.

أرباح ضئيلة ومخاطر كبيرة

 وأوضح أبو وسام أن قرار الحكومة المقالة رفع قيمة الضريبة على الوقود المهرب بأربعين أغورة إضافية قلص كثيرا من أرباح الوقود، وأصبح العمل فيه غير مجد لأن الجهد المطلوب لتهريبه والمخاطر المحدقة بالعاملين في ذلك كبيرة جدا.

وقال إن وفاة أو إصابة أي من العمال داخل النفق يعني كارثة للمالك الذي سيضطر لدفع آلاف الدولارات كتعويض لأسرته، مشيرا إلى أن الوضع الراهن وتراجع الأرباح والعائدات المادية أدى إلى تزايد الخلافات بين مالكي الأنفاق، خاصة تلك التي يشترك فيها أكثر من شخص.

« لجنة الأنفاق » وأوضح أبو وسام أن التابعة للحكومة المقالة تتلقى يومياً عشرات الشكاوى ويقوم العاملون فيها بالفصل في الكثير من النزاعات والخلافات المالية بين الشركاء والعاملين

أو بين الشركاء أنفسهم.

أما أبو أحمد، الذي يعمل في مجال الأنفاق والتهريب منذ سنوات، فأكد أن الوضع الراهن وتناقص العائدات المادية التي كان يتلقاها الشريك المصري أدى إلى شيوع ظاهرة الاحتيال. ويروي قصصا عن عدد من مالكي الأنفاق والتجار الذين كانوا ضحايا لوسطاء مصريين استدرجوهم وحصلوا على أموال منهم بعد وعود بإرسال بضائع إلى القطاع، إلا أن الوسيط يغلق هاتفه النقال ولا يظهر له أثر بعد تلقي المال، مشيرا إلى أن الكثيرين من مالكي الأنفاق تعرضوا لخسائر فادحة نتيجة لذلك.

خفض أجرة العاملين

تراجع عمل الأنفاق وضعف نسبة الأرباح انعكس على أجور العاملين. ويقول الشاب زاهر عمر من سكان جباليا وهو احد العديد » : العاملين في نفق قرب حي السلام من مالكي الأنفاق خفضوا أجرة العمال بعد تراجع العائدات التي يدرها النفق، في حين اضطر آخرون لتسريح العمال وإغلاق مشيرا إلى ان أجرة المواصلات ،« الأنفاق والطعام تصل إلى أكثر من نصف ما يتقاضاه يوميا وان تخفيض الأجرة صاحبه زيادة في ساعات العمل بحيث يضطر مالك

النفق لتهريب بضائع بصورة أكبر ليتمكن من تحقيق الربح، ومعظمها بضائع ثقيلة الوزن كالاسمنت وحديد البناء وألواح الرخام والجرانيت وكل ذلك يزيد من أعباء العامل في النفق، مبينا أن العديد من عمال الأنفاق هجروها ولم يعودوا يعملون بها لأنها أصبحت غير مغرية ومخاطرها تفوق نسبة العائدات المالية منها.

غياب الخبرة التجارية

من ناحيته عزا أبو رامي سرور وهو أحد التجار الذين يتعاملون بالبضائع المهربة الوضع المتدني الذي وصلت له الأنفاق لثلاثة أسباب أولها غياب الوعي وقلة الخبرة التجارية، حيث ان التنافس بين المهربين أغرق الأسواق بكميات هائلة من مختلف أنواع السلع والبضائع دون دراسة مسبقة لحجم السوق ومدى استيعابها، ما تسبب في زيادة كبيرة في البضائع المعروضة على حساب الطلب وهذا تسبب في انخفاض الأسعار وتكدس البضائع وتجميد دورة المال لديهم. أما السبب الثاني فهو كثرة الأنفاق ودخول عشرات الراغبين في الاستثمار في تلك المهنة ما تسبب في حالة من الكساد. وآخر الأسباب وأهمها

دخول أصناف جديدة من السلع من خلال المعابر التجارية الرسمية خاصة الأخشاب والمواد الغذائية التي كانت الأنفاق تكثر من تهريبها.

المصدر: حياة وسوق