خبر المفاوضات بدل الخطاب -معاريف

الساعة 10:44 ص|26 سبتمبر 2011

المفاوضات بدل الخطاب -معاريف

بقلم: تسيبي لفني

(المضمون: في حياة الامة، اختبار النتيجة وليس اختبار الخطاب، هو الامر المقرر. التاريخ يكتب بالافعال وليس بالاقوال - المصدر).

        نهاية الاسبوع الماضي الذي شاهد فيه العالم الجمعية العمومية منتظرا البشرى، كان الاخير في السنة العبرية – سنة أصبحت فيها اسرائيل أكثر عزلة حيال منطقة متغيرة. كان يمكن لهذا أن يكون اسبوعا يؤشر الى نهاية عزلة وبداية تغيير، ولكن كل هذا لم يحصل. لاسفي هذا الاسبوع لم يدفع اسرائيل الى الامام. زعيما اسرائيل والفلسطينيين حرصا على الحديث الى شعبيهما وناخبيهما بدلا من الحرص على مستقبلهما. اسرائيل بعد خطاب نتنياهو ليست أقوى، ومصالحها – التي يمكن أن تصان في التسوية – تخضع اليوم للنية الطيبة لدول أجنبي في محافل دولية. الاسبوع الاخير في الجمعية العمومية للامم المتحدة أثبت أنه لا تكفي الخطابات المصقعة، حتى لو دفعتنا الى الاتحاد حول عدالة الطريق – وانا أومن بعدالة الطريق الصهيونة.

        اعارض الخطوة الفلسطينية في الامم المتحدة، ولكن خلافا لنتنياهو اقترحت الطريق الاكثر أمانا لمنع هذا: المفاوضات. قبل سنتين ونصف السنة فقط أدرت باسم دولة اسرائيل مفاوضات مع الفلسطينيين دون شروط مسبقة، دون تجميدات ودون تحديد خطوط 67 كشرط مسبق. نتنياهو يعرف باننا وقفنا عند تحقيق كل المصالح الوطنية والامنية لاسرائيل، التي يحسن هو الحديث عنها في كل خطاب وفي كل مكان – باستثناء المكان الوحيد الهام حقا: غرفة المفاوضات. العالم كان الى جانبنا وأيد حربنا ضد الارهاب. احد لم يتحدث عن اقامة دولة فلسطينية في الامم المتحدة. زعماء اسرائيل استقبلوا بعطف في الامم المتحدة وفي عواصم العالم. اسرائيل لم تعد توجد هنا.

        منذ الانتخابات قلت لنتنياهو – فكر في اسرائيل، وليس في الائتلاف. فكر سياسيا دوليا – ولا تفكر سياسيا محليا. قُد خطوة الى مفاوضات جدية تؤدي الى التسوية – وستمنع الخطوة في الامم المتحدة. هكذا ايضا قلت له قبل رحلته الاخيرة. المهمة ليست خطابا بل مفاوضات. اذا فعلت هذا، سندعمك. واليوم واضح: يدور الحديث عن قدرة اسرائيل على الدفاع عن نفسها. عندما ينتقل مركز الاهتمام الدولي الى الفلسطينيين، فانه يدع ايران الى حالها. عندما لا تكون هناك مسيرة سياسية، تكون يد الجيش الاسرائيلي مقيدة في حربها ضد الارهاب. هذا ما حصل في كل السنة الاخيرة، هذا ما حصل في الجمعية العمومية الاخيرة في الامم المتحدة.

        كيهودية، كصهيونية وكاسرائيلية أومن بالحق التاريخي لشعب اسرائيل على البلاد بأسرها. الرؤيا الصهيونية في نظري هي الحفاظ على دولة اسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي، ودولة ديمقراطية آمنة. السبيل الوحيد لعمل ذلك هو في تطبيق مبدأ الدولتين القوميتين، فيما أن كل دولة تعطي حلا وطنيا لابناء شعبها. من واجبنا أن نرفع الرأس فوق الانشغال الموضعي في التحليل، الخطاب ولعبة الاتهام والتركيز على الهدف، تحقيق تسوية تنهي النزاع. في كل اسبوع يمر بدون مفاوضات، ثمن الدخول الذي يتعين على نتنياهو أن يدفعه يأخذ في الارتفاع فقط. هذا هو الثمن الذي تطالب اسرائيل بدفعه، إذ لا توجد ثقة برئيس وزرائها.

        في حياة الامة، اختبار النتيجة وليس اختبار الخطاب، هو الامر المقرر. التاريخ يكتب بالافعال وليس بالاقوال. اسرائيل توجد اليوم في حالة دفاع. ولنا يوجد ميل لان نواسي أنفسنا بما لا يحصل بدلا من أن نرى ما لا يحصل بعد. العالم لا يزال يؤيد الطلب الفلسطيني، الامم المتحدة لا تزال يمكنها أن تتخذ قرارا باقامة دولة في الجمعية العمومية. ودول اجنبية تعد خططا لمستقبل المنطقة بدلا من أن تؤيد خطة اسرائيلية. عندما يتباهى نتنياهو بان دولة فلسطينية لن تقوم في مجلس الامن، وحسن أن هكذا، فهذه فرحة فقراء. نحن في ذروة مسيرة خطيرة لم تنتهي بعد. نتنياهو قد يكون ما بعد الخطاب، ولكن اسرائيل لا تزال تخضع لرحمة الدول في الامم المتحدة. هذا يحصل لنا الان.

        نتنياهو وابو مازن يبدوان كمن يقفان على جبلي جليد وبينما هما يصرخان الواحد نحو الاخر في حوار الطرشان أمام تصفيق ابناء شعبيهما، فان الجبلين الجليديين يذوبان. لم يكن لهما ما يقترحانه غير اليأس، فيما أن شعب اسرائيل يستحق الامل. السنة الجديدة لا يزال يمكن أن تكون مختلفة. سنة تكون فيها اسرائيل قوية ومبادرة كي تحافظ على الدولة اليهودية في تسوية يؤيدها العالم، بدلا من التصدي لسياقات تفرض عليها. اسرائيل التي تجري اصلاحها الاجتماعي الداخلي، بدلا من أن تخضع للفوارق التي فيها. اسرائيل التي تصب مضمونا حقيقيا في مفهوم الدولة اليهودية بالمعنى الوطني، وليس الاصولي أو القومي التطرف، بدلا من السماح للاغتراب والابتعاد ان يمليا منظومة العلاقات بيننا. اسرائيل اخرى ملزمة بقيادة تتخذ قرارات. اذا كنا هكذا سنقرر، فان هذا سيحصل ايضا، وهذا منوط بنا.