خبر مراودة الملك- يديعوت

الساعة 07:11 ص|26 سبتمبر 2011

مراودة الملك- يديعوت

بقلم: سمدار بيري

أنظروا الى أين تُمد أذرع السياسة غير المهندمة. لي صديق قريب في الاردن، رجل جليل الشأن، وخبير ذو صيت عالمي، ومثقف ومحب للاستطلاع، ورجل كتاب وموسيقى، بل انه منشد أوبرا. وهو فوق كل شيء قد صاغ لنفسه تصورا عاما سياسيا خاصا متميزا عن كل ما يحدث في منطقتنا. ان تصوره شجاع جدا ومتميز جدا، بحيث سمح صديقي لنفسه بأن يجاوز الحدود ثلاث مرات أو اربع في السنة، ولم يخف أعداء السلام ومعارضي التطبيع في بلاده.

قبل سنتين أُصيب صديقي الاردني بداء لا دواء له. وحاول بطريقته المتواضعة مجابهة الوضع الجديد، بعد أن لزم كرسيا متنقلا وسُلب القدرة على الكلام. ولما كان عقله الجيد يعمل حتى اليوم فقد وجدنا طريقة للحفاظ على علاقة. هو هناك في الاردن وأنا هنا في تل ابيب. لكنني حينما عرضت أن آتي لزيارته ولأشد على يديه رد محاولاتي كلها، ونقل إلي رسالة فحواها لنمنع الوضع غير المريح. ربما لم يشأ أن أراه في ضعفه وربما، وهذا تخميني، نفدت قوته على مواجهة ضيف من اسرائيل عنده في البيت.

أنظروا كيف يطير الزمن: في الشهر القادم سيكون قد انقضى 17 عاما منذ اتفاق السلام مع الاردن. سنحصل على مظاهرة بدل البالونات الملونة والحمائم التي أُطلقت في المراسم المؤثرة في العربة. من ذا يتذكر متى حادث الملك عبد الله نتنياهو؟ ومن انتبه الى انه لا يوجد سفير اردني في تل ابيب منذ سنتين؟ ومن يهمه عندنا ان الملك مستشيط غضبا، ولا يضيع فرصة لتوجيه انتقاد على كل من يصرون على تذكيره بأن الاردن هو فلسطين، وانه ملك في وقت مستعار، وانه آخر الهاشميين في القصر، وان الدولة الفلسطينية ستنشأ داخل مملكته.

خُذوا الآن خطبة شكاوى أبو مازن في الجمعية العامة للامم المتحدة، وتحذير الملك "لو كنت اسرائيليا الآن لخفت جدا". لا يوجد أي احتمال لأن يسيطر الملك الاردني على الضفة الغربية ويعلن بالدولة الفلسطينية الجديدة من عمان. هذا السيناريو مُحي وانقضى، وأضعنا الفرصة في اتفاق لندن الذي أُعيق من قبلنا. ان الاردن هو العمق الاستراتيجي الامني لدولة اسرائيل. واذا كنا لم ننس الاختراق العنيف لسفارة اسرائيل في القاهرة فلا يجوز أن ننسى كيف عرف قصر الملك االاردني صد الاختراق الذي خُطط له بنفس الاسلوب بسفارتنا في عمان.

أُخمن ان الملك عبد الله لم تؤثر فيه اجراءات أبو مازن. فهو يعرف كيف يقرأ اوباما، وهو يعرف ايضا ان كل عطسة في الضفة الغربية تُحدث حمى خطرة عنده في الضفة الشرقية. وبرغم انه انصرف عن نيويورك قبل خطبة نتنياهو، فانه سمعه يدعو أبو مازن الى اللقاء هنا الآن وفورا. يريد الملك من جهته أن يسمع من نتنياهو اصوات مسيرة سياسية فهو متصل بالمعسكر المعتدل في العالم العربي، ويريد جدا أن يكون مشاركا.

يجب على نتنياهو أن يراود جلالته، وان يجتهد في تجنيده وسيطا بين القدس ورام الله. وان يهب له دورا ومسؤولية في هذا المحور الثلاثي. ان هذا الحلم وهو ان تستوطن شخصية فلسطينية ضفتي الاردن وتتحمل مسؤولية عن العمق الاستراتيجي وصد الارهاب، هو كابوس على كل من يقلقه انطواء الجيش الامريكي عن العراق، وفراغ الحكم في سوريا وخطط حرس الثورة في طهران.

لنا تجربة طويلة ممتازة مع اجهزة الامن الاردنية. وعند الملك خطة سياسية تستطيع اسرائيل معايشتها. فهذا بالضبط زمان الخروج من الصندوق ومراودة عبد الله بلا حياء. فبعد أن تجاهلنا وأهنا وأثرنا وهددنا بلا حساب، يجب الآن ان نجري خلفه قبل أن يُغلقوا. قبل لحظة من مصادمة الاسرائيليين بابا مغلقا كما في مصر.