خبر زالت صلاحيته -هآرتس

الساعة 07:09 ص|26 سبتمبر 2011

زالت صلاحيته -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: برهنت خطبة نتنياهو في الجمعية العامة للعالم أجمع على ان اسرائيل لا تريد تسوية ولا دولة فلسطينية ولا سلاما وانها بذلك تهييء لحرب قادمة - المصدر).

        تبين مرة اخرى في ليل السبت ان بنيامين نتنياهو دعائي ممتاز في خدمة الفلسطينيين هذه المرة: فقد برهن للعالم أفضل حتى من محمود عباس على انه لماذا لم يكن لهم أي مخرج آخر سوى التوجه الى الامم المتحدة. اذا كان قد ثار استنتاج واضح واحد صاف من خطبة حزقياهو – يشعياهو – نتنياهو فهو انه لم يعد للفلسطينيين (والى الأبد) ما يتوقعون من اسرائيل. لا شيء. كان نتنياهو مقنعا بصورة خاصة حينما أوضح ان دولة فلسطينية ستعرض دولة اسرائيل للخطر – خصر ضيق، ومئات الأمتار عن مدن اسرائيل، وآلاف الصواريخ وثرثرة كبيرة، تتجاهل على عمد واقع سلام محتملا، ولهذا قد تكون دولة فلسطينية لكن لا في زماننا ولا في مدرستنا على كل حال من الاحوال.

        بدت مدرستنا بائسة على وجه خاص في ليل السبت. كان يجب على كل اسرائيلي نزيه ان يخجل من رئيس حكومته الذي يقف أمام العالم ويحاول أن يبيعه مرة اخرى نفس السلعة الفاسدة التي نفدت صلاحيتها منذ زمن، ويُحاضره في فصول من التاريخ بعيدة غير ذات صلة، ويحاول أن يبيعه مشاعر رخيصة وانفعالات عاطفية هابطة مثل متسول يكشف عن جروحه الحقيقية والمزيفة أمام الجميع. وهذا المتسول قوة اقليمية. ان بائع المشاعر نتنياهو لم يشمئز من شيء ولم ينس شيئا – سوى الواقع. فأبونا ابراهيم، وحزقياهو ويشعياهو والمذابح والمحرقة وعملية التوأمين والاولاد والأحفاد وجلعاد شليط بالطبع – كل اولئك جُند لابتزاز المشاعر الذي لم يثر دمعة واحدة بيقين في أنحاء العالم إلا ربما في عدد من دور العجزة اليهودية في فلوريدا، فربما هناك ما زالوا يتأثرون بخطبة من هذا القبيل.

        احتاج نتنياهو الى آلاف سني التاريخ للطمس على الواقع، لكن حس عباس التاريخي تبين أنه أكثر تطورا: فهو لم يحتج الى تجنيد ذكريات بعيدة لاثارة العطف بل كان يكفيه وصف واع للواقع الحالي لمحاولة صوغ تاريخ جديد. صفق العالم والقاعة لعباس لانه تحدث مثل سائس في القرن الواحد والعشرين لا مثل عالم آثار مجند لقرون بعيدة. كان يجب أن تثير حكايات الكتاب المقدس والمحرقة من رئيس حكومتنا حرجا كبيرا مثقلا عند الاسرائيليين الذين جلسوا لعشاء السبت. أهذا ما عندنا لنبيعه للعالم؟ أهذا ما عندنا لنقوله؟ أهذا ما يقولونه باسمنا؟ أهكذا وجهنا؟.

        وقد قال الوجه كل شيء. جلس الى مائدة فرقة نتنياهو التشجيعية وكانوا جميعا مشجعين بالطبع – رجال من اليهود الغربيين، ومعتمرو قبعات دينية وجنرالان وروسيان سابقان وثلاثة ملتحين في الحاضر – هذه صورة جماعية تثير الكآبة والتهديد لليمين المتطرف في اسرائيل 2011. ان مائدة الوفد الاسرائيلي أظهرت حتى أكثر من نتنياهو الوجه الحقيقي للدولة المندد بها أكثر من غيرها في العالم اليوم ما عدا ايران وكوريا الشمالية. وقد صفقوا تصفيقا مهذبا مطيعا، ما عدا افيغدور ليبرمان وداني أيلون، منفذ كلامه؛ وقد برز وجه اسرائيل الحقيقي من اسرائيل ايضا: فليس ليبرمان وحده قال ان خطبة عباس المعتدلة المؤثرة كانت "خطبة تحريض"، فقد انضم الى الجوقة تسيبي لفني ايضا كعادتها وهي البديل الاسرائيلي "التي لم تُحب الخطبة".

        ما الذي لا يُحب في خطبة عباس، سوى زلته الغبية حينما لم يذكر اليهود مع النصارى والمسلمين، ممن هذه الارض عزيزة عليهم؟ وما الذي لم يكن صحيحا في خطبته، الصحيحة المؤلمة حتى النخاع؟ هل هو "يكفي، يكفي، يكفي" احتلالا؟ أهو رفض التطهير العرقي للغور والقدس؟ أهو رفض المتاعب في الحواجز في الطريق الى المستشفيات ورفض المستوطنات التي هي العقبة أمام السلام؟ ما هو غير الصحيح بربكم؟ "خطبة صعبة"، أنشدت فورا ايضا جوقة محللي اسرائيل؛ اجل انها خطبة صعبة وصفت واقعا أصعب، لكن ما صلتهم بالواقع. ولم يسأل أحد: لماذا لا تهنيء اسرائيل الفلسطينيين في طريقهم الى الدولة.

        نزل الستار على حفل أقنعة حل الدولتين عند نتنياهو في ليل السبت، على نحو نهائي مطلق، ووراءه الظلام والعتمة. ومن هذه الجهة كان للنقاش أهمية تاريخية: فقد برهن للعالم على أن اسرائيل لا تريد تسوية ولا دولة فلسطينية ولا سلاما في الأساس. الى اللقاء في الحرب القادمة.