خبر اختبار اللحظات الأخيرة .. أمجد عرار

الساعة 11:10 م|19 سبتمبر 2011

بتنا على بعد ساعات من اختبار النوايا الدولية تجاه طلب الاعتراف بدويلة فلسطينية كعضو كامل في الأمم المتحدة. دبلوماسيون غربيون لا يكلون ولا يملون من محاولاتهم لثني الفلسطينيين عن التقدّم بالطلب وبالتالي تجنّب استخدام الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو".

اللجنة الرباعية عقدت اجتماعات مكثّفة، ومبعوثها الخاص بما تسمى عملية السلام يتحدّث بلغة مواربة عن أكبر قدر من الاعتراف بدولة فلسطينية، ولا نعرف ما الذي تريده هذه اللجنة غير الذي تريده "إسرائيل"، ولا نعرف أصلاً ما الذي فعلته هذه اللجنة منذ تأسيسها، علماً بأن الأمم المتحدة، وهذا من أغرب الغرائب، عضو في اللجنة.

على أية حال القيادة الفلسطينية أبدت، حتى الآن، قدراً عالياً من التصميم وعدم التراجع عن تدويل الملف وإخراجه من الاحتكار التفاوضي الذي يقول البعض إنه وصل إلى طريق مسدود، ونحن نعتبر أنه لم تكن هناك مفاوضات من الأصل، بل كانت هناك إملاءات “إسرائيلية” مدعومة من الراعي الأمريكي لها وليس لعملية "السلام". القيادة الفلسطينية التي نعتقد أنها أخطأت في تكرارها ليلاً نهاراً أن المفاوضات خيارها الوحيد، معتقدة أن هذه النغمة تطرب آذان الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى المتبنية ل “إسرائيل” والراعية لمصالحها على حساب أي شيء، حتى لو سالت دماء من أبناء تلك الدول برصاص جيش الاحتلال "الإسرائيلي" من دون أن تحرّك دولهم ساكناً، ولو بالانتقاد.

البعض يرى أن القيادة الفلسطينية تمارس لعبة ضغط لجلب "إسرائيل" إلى طاولة المفاوضات من جديد، ولكن بشروط أفضل من تلك التي سادت لعشرين سنة وحوّلتها إلى ملهاة ومأساة في آن واحد . الساعات المقبلة ستحدّد أبعاد السياسة التي تتبعها القيادة الفلسطينية، وستؤشّر على ما ستكون عليه سياساتها في قادم الأيام . وهي الطرف الأكثر أهمية على مقعد الاختبارات، باعتبار أن الأطراف الأخرى سقطت في الاختبارات السياسية لتبنيها المطلق ل “إسرائيل”، وسقطت في الاختبارات الإنسانية والأخلاقية لتبنيها سياسات "إسرائيل" وحمايتها ومنع محاسبتها على جرائم إبادة جماعية ارتكبتها طوال أكثر من ستة عقود.

لن يكون هناك معنى إذا تراجع السيد عباس عن تقديم الطلب لمجلس الأمن باعتبار أن العضوية الكاملة لا تمر إلا من خلاله، أما الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة فإن من شأنه فقط أن ينطوي على رفع طفيف لمكانة الدولة التي منّوا عليها بصفة مراقب في المنظّمة الدولية، بعد ما سمي “إعلان الاستقلال الفلسطيني” في دورة المجلس الوطني التي عقدت في الجزائر عام 1988.

إننا، من خلال هذا الدفع باتجاه الذهاب حتى النهاية في هذه الخطوة، لا نراهن على جدواها من الناحية العملية، لأن الدول لا تقوم على الورق ولا تبنى بالقرارات . “إسرائيل” عندما حصلت على تصويت إقامتها في الأمم المتحدة كانت قد أوجدت بنيتها المادية الكاملة على أرض فلسطين بتواطؤ ميداني وسياسي بريطاني . لذلك نحن نعتبر الخطوة الفلسطينية مفصلاً مهماً في مسار القضية الفلسطينية من الناحية السياسية ومن زاوية انعكاسها على الداخل الفلسطيني وخياراته النضالية، فما بعد هذه الخطوة يجب أن يكون غير الذي كان قبلها، على الأقل من الفلسطينيين المطالبين بالاعتماد على أنفسهم وعدم المراهنة على الآخرين سواء كانوا غرباً أم شرقاً، أو حتى عرباً ومسلمين كأنظمة. فليتوحّدوا على استراتيجية واحدة أساسها المقاومة المشروعة في كل الشرائع والقوانين.