خبر الصورة الكبيرة -يديعوت

الساعة 08:23 ص|18 سبتمبر 2011

الصورة الكبيرة -يديعوت  

بقلم: ناحوم برنياع

 من واشنطن

(المضمون: نتنياهو يفضل أن يرى أحداث الاسابيع الاخيرة كخلل محلي: في الازمة مع تركيا مذنب اردوغان؛ في الهجوم على السفارة الاسرائيلية في القاهرة مذنب ضعف الحكم هناك؛ في التوجه الفلسطيني الى الامم المتحدة مذنب ابو مازن. وهو يرفض ربط كل النقاط معا، لا معنى الربط هو ان لسياسته يوجد نصيب في المسؤولية - المصدر).

        خطأ، خطأ، خطأ. اذا كان نتنياهو يسعى الى قيادة الكفاح في سبيل اسرائيل، فان الساحة الحقيقية لا توجد في نيويورك، في الاروقة المبطنة لمبنى الامم المتحدة، بل بين القدس ورام الله، بين القدس وأنقرة، القاهرة، عمان. ما تم تفويته في الاسابيع الاخيرة، في كل هذه الساحات لن يصلحه خطاب جميل في الجمعية العمومية للامم المتحدة.

        حكومة نتنياهو ليست المذنبة الوحيدة في التدهور الذي طرأ في الاسابيع الاخيرة على وضع اسرائيل في الشرق الاوسط. فالمنطقة تمر بسياقات تاريخية، ليس الاحتلال، ليست المستوطنات وليس مجرد وجود دولة اسرائيل هي التي اثارتها. ولكننا كاسرائيليين ملزمون بان نرفع عيوننا قبل كل شيء الى حكومتنا: هل هي ترد على نحو سليم وفي الوقت المناسب على الوضع المتغير، هل سياستها تساهم في منع التدهور أو تفاقمه.

        الجواب على هذين السؤالين ليس مرضيا، ليس من الناحية التكتيكية ولا من الناحية الاستراتيجية. الفشل الذريع للغاية كان في الساحة التركية: تركيا واسرائيل توصلتا الى مسودة اتفاق عطل اساس السم من قضية مرمرة. وصادق نتنياهو على كل خطوة في المفاوضات. في اللحظة الاخيرة ندم. اعتباره كان سياسيا داخليا. ليبرمان سيعرضه كقابل للضغط، اردوغان سيواصل اطلاق خطاباته الشريرة، وهو سيشعر بانه إمعة. النتيجة هي مواجهة شديدة بين الحليفتين الاهم للولايات المتحدة في شرق البحر المتوسط. غضب على اسرائيل في الادارة الامريكية وتورط قانوني لرجال جيش ودولة اسرائيليين في الساحة الدولية. اسرائيل وتركيا خسرتا الواحدة الاخرى. حقيقة أن تركيا ايضا خسرت لا تشكل مواساة.

        في الموضوع الفلسطيني كان الفشل مكتوبا على الحائط. في رام الله توصلوا منذ زمن بعيد الى التقدير بانهم في المفاوضات لن يحققوا شيئا غير الوعود الفارغة من المضمون. ليس مريحا الاعتراف، ولكن هذا التقدير لم يكن مقطوعا عن الواقع. ابو مازن بحث عن مسار التفافي، والا فانه لن يكون سوى ملاحظة هامشية في التاريخ الفلسطيني.

        التدهور بدأ قبل وقت طويل من التوجه الى الامم المتحدة. القليل قيل في البلاد عن اتفاق المصالحة بين فتح وحماس. ظاهرا، الاتفاق كان وكأنه لم يكن. ولكن الحقيقة مختلفة قليلا: في الاشهر الاخيرة كفت السلطة الفلسطينية عن ملاحقة حماس المدنية في الضفة. الاعمال ضد محافل الارهاب مستمرة، بالتعاون مع الجيش الاسرائيلي، ولكنها لا تكفي: حماس السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، عادت لترفع الرأس.

        الان، تهدد حكومة اسرائيل باتخاذ اجراءات مضادة للسلطة – أن تمنع عنها الاموال التي تستحقها، ضم اجزاء من الضفة، حث مؤيدي اسرائيل في مجلسي الكونغرس على وقف المساعدات للفلسطينيين (امريكا تسبق السعودية في المساعدات الى السلطة: فهي تدفع لها أكثر من نصف مليار دولار في السنة).

        عمليا تهدد اسرائيل بان تطلق النار على ساقها: الشرطة الفلسطينيون الذين لن تدفع رواتبهم لن يوقفوا المتظاهرين في طريقهم الى قلنديا. أما بالنسبة للضم، فمن الصعب التفكير بخطوة أكثر نجاعة في طريق عزل اسرائيل في الساحة الدولية.

        نتنياهو يفضل أن يرى أحداث الاسابيع الاخيرة كخلل محلي: في الازمة مع تركيا مذنب اردوغان؛ في الهجوم على السفارة الاسرائيلية في القاهرة مذنب ضعف الحكم هناك، التحريض، الاضطرابات الجماهيرية؛ في التوجه الفلسطيني الى الامم المتحدة مذنب ابو مازن. وهو يرفض ربط كل النقاط معا، لا معنى الربط هو ان لسياسته يوجد نصيب في المسؤولية.

يوجد وزراء في الحكومة مقتنعون بانه يغلق عينيه عن رؤية الصورة الكبرى. وهم يقولون عن نتنياهو امورا قاسية، ولكنهم لا يترجمونها الى خطوة سياسية.

هذا أيضا هو الاحساس هنا، في واشنطن. اوباما يفعل جُل ما يستطيعه كي يبتعد عن موضوع الشرق الاوسط: لديه ما يكفيه من مشاكل. مبعوثوه يقفون امام حريق كبير وهم يحملون معولا صغيرا في اليد. يحتمل بانه الى أن تتوجه الجمعية العمومية للتصويت سيغيرون هذه الكلمة او تلك في مشروع القرار. يحتمل أن يؤخروا التصويت في مجلس الامن. اما الاتجاه فلن يغيروه.

التقدير هنا هو أن نتنياهو يعول على انتصار الجمهوريين في الانتخابات في تشرين الثاني القادم. هذا رهانه هو. حتى الانتخابات من المعقول الافتراض ان اوباما سيدعه لحاله: هذا الاسبوع فقط هزم مرشح ديمقراطي في انتخابات أولية في المحافظة التاسعة في نيويورك، محافظة قسم كبير منها من ناخبيه اليهود. منذ 1923 لم يفز بهذا المقعد الا ديمقراطي. الهزيمة أليمة. ومثلما شرح أحد المحللين، في الماضي قال الناخبون في هذه المحافظة: نحن لا نحب موقف اوباما من اسرائيل، ولكن في مواضيع اخرى هو معنا. هذا الاسبوع قالوا: دعكم من اسرائيل، ما الذي يفعله من أجل الاقتصاد – وصوتوا في صالح المرشح الجمهوري.