خبر الثلاثاء.. أول تدريب لمحاكاة تعرض « ديمونا » للصواريخ من 4 جهات

الساعة 05:30 ص|03 سبتمبر 2011

الثلاثاء.. أول تدريب لمحاكاة تعرض "ديمونا" للصواريخ من 4 جهات

فلسطين اليوم-القدس العربي

في ضوء تزايد المطالب العربيّة والدولية بالكشف عن الأسلحة النووية التي تمتلكها الدولة العبرية، وعلى خلفية المبادرة الروسية والأمريكية لتجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل الأخرى يُطرح السؤال: لماذا يواصل أقطاب إسرائيل الإصرار على سياسة الغموض، وهي الإستراتيجية النووية التي تقرّرت في عهد بن غوريون، والقائلة من جهة إنّ لدى تل أبيب مفاعلاً نووياً وقدرة نووية، وبالمقابل وبشكل رسمي ليست لديها قنبلة، أو على الأقل لا توجد أي جهة رسمية تؤكد أن لدى إسرائيل قنبلة. بالإضافة إلى ذلك، يُطرح السؤال لماذا لا تنضم إسرائيل إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

وفي هذا السياق، كشفت أمس الجمعة صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة النقاب عن أنّ إسرائيل ستجري يوم الثلاثاء القادم مناورة في أكثر الأماكن حساسيّة في الدولة العبريّة، أيْ مفاعل ديمونا، تُحاكي قصف المفاعل النووي بصواريخ العدو، كما يُحاكي التدريب تسرب مادة مشعة سامّة للغاية، وبحسب الصحيفة فإنّ التدريب يحاكي تعرض المفاعل لقصف صاروخيّ من جميع الجهات، ولفت المراسل العسكريّ للصحيفة إلى أنّ الجهات الأمنيّة في الدولة العبريّة قررت تحديد التدريب بأنّه سريّ للغاية، مؤكدًا أنّ قلة قليلة من المستويين الأمنيّ والسياسيّ ستطلع على نتائج التدريب بسبب حساسية القضية، على حد تعبيره، وأضاف أنّ الحديث يجري عن تدريب يضمن سيناريوهات رعب كبية، وهو يُجرى لأول مرّة في إسرائيل، وبحسب المصادر فإنّ التدريب الذي أطلق عليه اسم (فيرنانندو) من المقر أنْ تُنفذ الجهات الأمنيّة التوصيات التي استخلصتها بعد ما جرى في الفرن النووي باليابان مؤخرًا، مشيرًا إلى أنّ التدريب الأخير الذي جرى في إسرائيل على هذا النوع من المخاطر جرى في العام 2004، ولفت المراسل، استناداً إلى المصادر الأمنيّة، أنّ التدريب الذي أجرته الجبهة الداخليّة لمحاكاة سقوط صواريخ على 85 بلدة في العمق الإسرائيليّ دلّ على تحسن ما في التعاون بين الجهات ذات الصلة، ولكنّه كشف أيضًا أنّ هناك الكثير من الأمور التي ما زالت بحاجة إلى تحسين. جدير بالذكر أنّ الاستخبارات الإسرائيليّة اعترفت بأنّ مفاعل ديمونا بات في مرمى صواريخ حزب الله وإيران أيضًا.

في سياق ذي صلة، قال البروفيسور عوزي إيفن من كلية الكيمياء في جامعة تل أبيب، والذي كان في الماضي عضو كنيست عن حركة (ميرتس) وأحد دعاة التخلي عن الغموض النوويّ، قال لصحيفة (معاريف) إنّ سياسة الغموض تتلخص في أن العالم بأسره يظن أن لدينا سلاحاً نووياً، لكننا لا نعترف بذلك، في الماضي كانت هذه سياسة مبررة. بفضل الغموض وقّّع الرئيس أنور السادات على معاهدة السلام مع دولة إسرائيل، فالغموض ضمن وجودنا هنا. أما البروفيسور أفنير كوهين مؤلف كتاب (إسرائيل والقنبلة) فقال للصحيفة إنّ الغموض تكلل بالنجاح وشكل حالة إدراك استراتيجي عميقة، فلإسرائيل احتكار صامت في الشرق الأوسط للموضوع النووي، والغموض سمح للجميع على مر السنوات وبشكل شبه مطلق بتجاهل هذا الموضوع مما أضعف لدى العرب الحافز على التسلح النووي، وزاد أنّه في الغموض كثير من مظاهر الحذر، لأنه ينشئ فاصلاً بين السلاح النووي والقضايا الأمنية الأخرى. ولا ريب أن الغموض بمعناه السياسي الاستراتيجي حقق أهدافه، فقد عزز الغموض الإقرار العالمي بأنه إذا كانت إسرائيل تملك سلاحاً نووياً فإنها لن تتجرد منه في المستقبل المنظور، وإنها حذرة في استخدامه، إذا كانت فعلا تمتلكه، على حد قوله.

وشدد على أنّ إسرائيل هي الدولة النووية الوحيدة التي ترفض بعناد أن تقول شيئاً حول مكانتها النووية وتتعامل مع الأمر النووي بعموميته كأحد الأسرار المنيعة للدولة، فيما أن باقي الدول النووية، الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا، فرنسا، الصين، الهند وباكستان هي دول نووية معلنة، بل إن الولايات المتحدة قامت بنشر العدد الدقيق للأسلحة النووية بحوزتها. وأضاف كوهين أن الإسرائيليين الذين نشأوا داخل ثقافة الغموض لا يستوعبون إلى أي حد يعتبر الوضع الإسرائيلي هذا شاذاً من الوجهة العالمية، إنه وضع غير طبيعي أبداً. وأنا أتذكر أنني، كباحث في هذا الشأن لسنوات طويلة، شعرت بشدة الغرابة الإسرائيلية عندما سمعت برنامجا في الإذاعة العامة الأمريكية حول الذرة الإسرائيلية، ورأيت الصعوبة التي يواجهها الخبير في شرح سبب إصرار الإسرائيليين على عدم الإقرار بما يعرفه العالم بأسره منذ أربعين عاماً، ولماذا يرون في هذا الهراء الذي تخطى زمانه إستراتيجية قومية عبقرية، وفي اللحظة نفسها اقتنعت وفهمت مقدار ما يمثله الغموض من شرك ولى زمانه يجسّد واقعاً سياسياً قديماً.

وفي معرض ردّه على سؤال (معاريف) قال إنّه من ناحية العالم، فإّنّ هذا السر مجرد هراء مطلق، فليس في العالم أدنى شك في شأن مكانة إسرائيل النووية. ويمثل الغموض اليوم حالة تشخيص قديمة تعبر عن عهد تاريخي للمخاوف المرعبة، الخوف حتى من ظل أنفسنا، وهو ما يتناقض مع أعراف السلوك الديمقراطي المناسبة. والمشكلة هي أن إسرائيل تعاني من انعدام شفافـية ليس فقط إزاء الخارج وإنما أيضاً إزاء الداخل. ومزاج الإخفاء أحال هذا الموضوع إلى شيء فوق القانون وخارج القانـون، ومن دون إطار لنظام قانوني ولنقاش عام، وهذا وضع لا يمكن لدولة ســوية أن تسمح به. وعلى المستوى الأخلاقي الاعتيادي فإنّ هذه ليست قواعد لعبة مناسبة، والأخطر من ذلك، أن هذا يفتح الباب لإيران للسير في هذا الطريق، إننا نمنح بذلك صلاحية لسلوك مشابه، فهل لدى إسرائيل مصلحة في أن تسلك دول أخرى سبيل الغموض. أمّا في ما يتعلق بتبلور سياسة الغموض الإسرائيلي في الشأن النووي، فقال البروفيسور كوهين: إنّ البداية كانت في لقاء على انفراد بين غولدا مئير والرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في أيلول (سبتمبر) 1969، وقررا أن تبقى إسرائيل في موضع الغموض العلني في كل ما يتعلّق بالموضوع النووي، لا تطلق أي تصريح نووي، لا تعترف، لا تقل شيئاً، وأن يبقى الأمر برمته سراً، وأمريكا تقبل ذلك وتعرف كيف تتعايش معه وتحول الموضوع النووي الإسرائيلي إلى موضوع استثنائي، وبرأيه شكلّت هذه التفاهمات أساس قواعد اللعبة المقبولة حتى اليوم، والتي بموجبها تحافظ إسرائيل على سرية الموضوع النووي فيما يدافع الأمريكيون على إسرائيل في المحافل الدولية.