رغم وجود حكومتين ووزارتي مالية..المواطنون يستقبلون العيد بجيوب فارغة
فلسطين اليوم- غزة
يكتفي حسن (53 عاما) بتبادل النظرات مع أبنائه الأربعة الذين يتحلقون حول بسطة الحلويات والسكريات الكبيرة في سوق «فراس» الشعبية التي تتوسط مدينة غزة، بينما يمر المتسوقون من أمام المحل، دون أن يبدي معظمهم اهتماما بما تضمه البسطة من بضائع.
على مدى شهر، ظل حسن يجهز البسطة لموسم عيد الفطر، حيث حرص على جلب حلويات، جزء منها تم تهريبه عبر الأنفاق مع مصر، والجزء الآخر تم استيراده عبر المعابر التجارية بين قطاع غزة وإسرائيل، لكنه أحلامه في تحقيق أرباح هذا الموسم تهاوت بسبب تدني القوى الشرائية للغزيين، وهو متأكد من أنه سيتكبد خسائر كبيرة، لأنه سيكون أمام خيارين لا ثالث لهما؛ فإما أن يصر على طلب السعر الذي يضمن تحقيقه الربح، مما يعني عدم بيع معظم ما لديه من حلويات، وإما تخفيض الأسعار، وهو يعني بيع كميات كبيرة من البضاعة بسعر أقل، مما يعني تكبده خسائر أيضا.
جيران حسن، من أصحاب البسطات ليسوا أفضل حالاً منه عشية العيد، فأعداد الناس الكبيرة التي تؤم السوق تتناسب عكسيا مع القوة الشرائية.
لقد راود أصحاب المحال التجارية هذا العام الكثير من الأحلام بأن يكون موسم عيد الفطر هذا العام أفضل من سابقيه، بسبب تخفيف مظاهر الحصار والسماح بدخول كميات كبيرة من البضائع بأسعار معقولة، مما جعل الكثير من أصحاب المحال التجارية تراودهم الآمال بتحقيق أرباح.
لكن مما جعل حسابات التجار وأصحاب المحال التجارية تذهب أدراج الرياح الأزمة المالية التي تعانيها كل من حكومتي غزة ورام الله، اللتان لم تتمكنا من دفع الرواتب لعشرات الآلاف من الموظفين بانتظام خلال الأشهر الماضية، وقد وصل الأمر إلى حد أن كلتا الحكومتين قد أعلنت أنها عاجزة عن دفع راتب شهر أغسطس (آب) الحاسم ليس فقط للمحتفلين بالعيد، بل لعشرات الآلاف من الأسر التي تستعد لتجهيز أولادها للمدارس، مع كل ما يتطلبه ذلك من رسوم جامعية وأزياء مدرسية وقرطاسية وكتب.
تقوم حكومتا غزة ورام الله بتشغيل نحو 70 ألف شخص، وهم قطاع واسع من الغزيين. ونظرا لارتباط الحركة التجارية في القطاع باستهلاك هذه الطبقة من الموظفين، فإن عدم انتظام تلقي هؤلاء الموظفين الرواتب يعني التأثير بشكل كبير على القوة الشرائية وتراجع في فاعلية المرافق الاقتصادية في القطاع.
وتبدو أوضاع الفئات الفقيرة التي يعاني معظمها البطالة أكثر مأساوية. يعتمد الكثير من العاطلين عن العمل والأسر الفقيرة في غزة على ما تقدمه الجمعيات الخيرية المنتشرة في جميع أرجاء القطاع، التي كانت تحرص على تقديم المساعدات العينية والمالية للفئات الضعيفة عشية الأعياد بشكل خاص.
لكن قدرة الجمعيات الخيرية على إغاثة الأسر الفقيرة هذا العام تدنت بشكل كبير؛ إذ إن هذه الجمعيات تقدم مساعدات مالية وعينية تتبرع بها جمعيات خيرية وأفراد خارج فلسطين في الغالب، وقد وجدت معظم هذه الجمعيات وهؤلاء الأفراد أن إغاثة ضحايا المجاعة في الصومال أولى، مما قلص حجم المساعدات التي وصلت إلى القطاع هذا العام، مما أدى إلى تهاوي آمال كثير من الفقراء الذين كانوا يراهنون على ما تقدمه هذه الجمعيات عشية العيد، كما جرت العادة كل عام.