خشية تدميرها..عمال الأنفاق بغزة يصيبهم القلق
فلسطين اليوم- غزة
يتملك الخوف والقلق آلاف الأسر والعمال الذين يعملون في الأنفاق الحدودية بين مصر وقطاع غزة بعد الإعلان عن نية الحكومة المصرية تدمير الأنفاق بشكل كامل، الأمر الذي شكّل هاجساً يقض مضاجع آلاف العمال الذين لا يجدون إلا العمل في هذه المهنة الخطيرة للتخلص من الفقر والحاجة.
وعكست حالة الجدل والتوقعات التي شهدتها جلسة انتظار لنحو خمسة عشر عاملاً من العمال الذين يعملون في سحب الاسمنت والحصمة من الأنفاق مستوى قلقهم من خطورة أوضاعهم، عندما تتأكد الأخبار حول نية مصر تدمير الأنفاق.
وبينما كان هؤلاء العمال ينتظرون شاحنة تنقلهم إلى منطقة الأنفاق في رفح انشغلوا في تبادل الحديث عن توقعاتهم حول ما ستشهده الأيام القادمة في هذا الشأن، مستعينين بآراء بعض المواطنين أثناء ذهابهم إلى مسجد قريب.
وانقسم رأي العمال حول قدرة المصريين على تدمير الأنفاق بشكل كامل، حيث يعتبر العديد منهم أن من الصعب على المصريين القضاء على الأنفاق لأنها حاجة مصرية بالدرجة الأولى، أما الرأي الآخر فيؤكد أن باستطاعة المصريين تدمير الأنفاق وضبطها خلال دقائق، بينما تتملك الخشية جميع هؤلاء الشبان الذين ارتدوا ثياب العمل التي توحي بصعوبة عملهم وقسوته.
وقال العامل سامح السعيد (25 عاماً): إن إغلاق الأنفاق سيشكل كارثةً حقيقيةً على آلاف الأسر التي يعيلها شبان أو كبار يعملون في الأنفاق.
وأضاف سامح الذي يعمل ورفاقه في الأنفاق بعد تناول طعام الإفطار: إنه يعمل وشقيقه في الأنفاق منذ عامين وأكثر وأصبحت أسرته تعتمد بشكل كامل في دخلها على العمل في هذا القطاع الخطر.
أما العامل محمد شحتة (20 عاماً) فلا يعرف ما سيحل به إذا ما توقفت الأنفاق عن العمل كما يرشح من خلال الأخبار.
وأشار إلى أن الأنفاق حلت مشكلة عائلته المادية بعد أن عانت كثيراً بسبب تعطله وتعطل والده عن العمل، مؤكداً أن العمل في الأنفاق وفّر له فرصة عمل شبه دائمة منذ عامين.
وقال شحته الذي يسكن جباليا: إن أسرته تعتمد بشكل كلي على عمله في سحب وتوزيع الأسمنت من الأنفاق.
العامل معتز شحادة أكد أن قسوة وخطورة العمل في الأنفاق تبقى أهون من إغلاقها، لأنها أتاحت له الفرصة للعمل في وقت لا يشهد فيه القطاع المزيد من فرص العمل.
وأضاف شحادة الذي يتقاضى نحو 70 شيكلاً يومياً: إنه تعود على العمل في الأنفاق ويخشى تدميرها كما يتحدث المصريون، الذين طالبهم بعدم تنفيذ تهديداتهم لأن قطاعاً واسعاً جداً من سكان القطاع سيتضررون إضافة إلى المصريين أنفسهم.
ويخشى المواطن الستيني أبو محمود الذي يعمل اثنان من أبنائه في الأنفاق من تدميرها، منوهاً بأن عائلته تعتمد بشكل كامل على عمل أبنائه في الأنفاق.
وبدا أبو محمود الذي يعيش في منزل متواضع يستعرض الآثار السلبية التي ستنعكس على عائلته في حال أقدم المصريون على تدمير الأنفاق.
ويعمل عشرات الآلاف من العمال بشكل مباشر وغير مباشر في الأنفاق التي يتجاوز عددها 700 نفق بين مصر وقطاع غزة.
وقالت الحكومة المقالة: إنه لا علم لها ولم تبلغ رسمياً بعزم السلطات المصرية على تنفيذ خطة أمنية لإغلاق الأنفاق المنتشرة على طول الحدود الفلسطينية المصرية.
وقال وزير الاقتصاد الوطني في الحكومة المقالة الدكتور علاء الرفاتي في تصريحات صحافية: إن السلطات المصرية لم تخطر حكومته بقرار إغلاق الأنفاق مع قطاع غزة، معتبراً أن ما يتردد بهذا الصدد مصدره وسائل إعلام فقط.
وأضاف: إن قراراً مصرياً كهذا سيكون ذا بعد أمني فقط ولا يحمل أي أبعاد اقتصادية.
وذكرت مصادر مصرية متعددة أن الجيش المصري يعتزم شن حملة عسكرية واسعة خلال الأيام القليلة القادمة لتدمير الأنفاق كافة في المنطقة الحدودية مع قطاع غزة.
بيد أن الرفاتي حذّر من تداعيات "سلبية" لخطوة مصرية كهذه على الأوضاع في قطاع غزة، قائلاً إن الأنفاق وسيلة استثنائية لكسر الحصار عن القطاع وهذا الحصار مستمر ولهذا يجب البحث عن بدائل رسمية قبل الإقدام على تدمير الأنفاق.
وأكد أن حكومته لا تمانع في البحث عن أي بدائل رسمية مع السلطات المصرية، مثل فتح معبر رفح البري تجارياً أو إقامة منطقة تجارية حرة على الحدود بين قطاع غزة ومصر، وحث السلطات المصرية على الوفاء بتعهداتها إزاء كسر الحصار كلياً عن قطاع غزة.
وأشار إلى وجود وعود مصرية بإقرار سياسات مختلفة في التعامل مع الوضع في قطاع غزة، مضيفاً إن حكومته ستنتظر حتى نهاية العام حين تجري الانتخابات في مصر ويجري الانتهاء من ترتيب الملف الداخلي المصري، وهو ما سينعكس إيجابياً على القطاع.