خبر من حظنا أنه توجد حماس- هآرتس

الساعة 09:32 ص|25 أغسطس 2011

من حظنا أنه توجد حماس- هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

يوم الأحد في التاسعة مساءاً مرت قشعريرة في ظهر الامة. وقف النار الذي أعلنت عنه حماس كان سيدخل حيز التنفيذ، وكل العيون تطلعت الى شاشات التلفزيون لترى اذا ما وأين سيسقط الصاروخ التالي. "هل سينفذون وقف النار؟" سأل المحللون وسارعوا الى الاجابة: "من الافضل لنا الا نعول على ذلك". فحماس تعتبر منظمة مجنونة اعمالها عديمة المنطق العسكري أو السياسي.

غير أن حماس لم تعد منذ زمن بعيد مجرد منظمة، فهي حكومة – على الاقل في نظر حكومة اسرائيل، التي ترى فيها مسؤولة عليا عن كل ما يجري في غزة. لا يهم أن تكون المنظمات كالجهاد الاسلامي او لجان المقاومة، جيش الاسلام الفلسطيني او مجرد مستقلين يطلقون النار على اسرائيل – حماس هي التي يجب أن تحرص على الهدوء في القطاع. هذا طلب تعرضه دولة ذات سيادة على دولة اخرى ذات سيادة من اراضيها تنطلق اعمال معادية.

هكذا تتصرف اسرائيل تجاه مصر التي هي في نظرها، عن حق، مسؤولة عما يجري في سيناء، وهكذا تتصرف تجاه حكومتي لبنان او سوريا في موضوع حزب الله.

صفقتها الامنية تعقدها اسرائيل مع حماس، وليس مع منظمات اخرى، بل وليس مع السلطة الفلسطينية. إذ لا معنى لمطلب السيطرة في القطاع من السلطة الفلسطينية، وليس فقط بسبب عدم قدرتها على السيطرة هناك. المنطق السياسي لاسرائيل يفضل ادارة حوار – مباشر أو غير مباشر – مع منظمات فلسطينية على ادارة سياسة حيال دولة فلسطينية. هذه طريقة عمل ناجعة لا تستدعي انسحابا من المناطق، نقاشا في حق العودة او اعتراف رسمي بحماس. وهي مريحة ايضا لحماس، التي بنت لنفسها ميزان ردع مع اسرائيل ويمكنها أن تواصل ادارة شؤونها مع السلطة الفلسطينية دون أن تشعر بالتهديد ودون أن تكون مطالبة بالاعتراف باسرائيل. النتيجة هي أن حماس واسرائيل على حد سواء لهما مصلحة مشتركة في أن تواصل حماس ادارة القطاع على أن تنجح في منع كل معارضة عنيفة من الداخل.

ظاهرا، لا يمكن لاسرائيل أن تتطلع الى شريك أنجح في ادارة الاحتلال. إذ ان لحماس القوة لان تقرر ليس فقط جدول الاعمال العسكري بل وايضا جدول الاعمال السياسي لاسرائيل والفلسطينيين. حماس نجحت في هز الجمهور في اسرائيل مع اختطاف جلعاد شليت وحمل حكومات اسرائيل على ادارة مفاوضات غير مباشرة معها. توريط اسرائيل مع تركيا، ومثلما رأينا هذا الاسبوع، الانحشار ايضا في منظومة العلاقات الهشة التي بين اسرائيل ومصر.

توقيع حماس على اتفاق المصالحة مع فتح ينزع من محمود عباس القدرة على أن يقرر بشكل مستقر اقامة دولة فلسطينية بل وحتى حكومة فلسطينية، بدونها. وهكذا، طالما تكافح اسرائيل ضد الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، تخدم الشراكة بين حماس وفتح جدول أعمالها. يمكنها ان تلوح في الساحة الدولية بتهديد حماس لعرقلة الدولة الفلسطينية وهي من حقها أن تعتمد على حماس في أن توفر لها المبررات لوقف المسيرة السياسية. إذ بدون غزة لا توجد دولة فلسطينية وبدون حماس لا توجد غزة.

هكذا نجحت اسرائيل وحماس في تحويل حماس الى أحد المواضيع الجوهرية التي يجب حلها من اجل الوصول الى اتفاق. هذا هو "موضوع جوهري" آمن ظاهرا من جانب اسرائيل، ولانها معفية من كل ضغط دولي للاعتراف بحماس. حماس هي الضمانة الافضل التي توجد في هذه اللحظة لاسرائيل للحفاظ على الوضع الراهن حيال الفلسطينيين. النتيجة هي أن من يتحدث عن تصفية حماس يمس بالمصلحة الاستراتيجية لبنيامين نتنياهو. بدون حماس لا توجد ذريعة لرفض الدولة الفلسطينية.

هذا موقف استثنائي يتطلع اليه كل تنظيم. حزب الله يتخذ سياسة مشابهة. لهاتين المنظمتين توجد حياة مستقلة، ولكنهما تمكنتا من أن تستغلا جيدا سياسة رفض اسرائيل كي تبنيا لنفسيهما مكانة تتجاوز بكثير الاطار التنظيمي.

"هل حماس ستتمسك بوقف النار؟" يكرر نفسه السؤال الذي يمنح ظاهرا حماس الحسم المطلق. اسرائيل كان يمكنها أن تجيب بنفسها على هذا السؤال لو أدارت مفاوضات حقيقية مع السلطة الفلسطينية، ووصلت الى ايلول مع اتفاقات حول شكل الدولة الفلسطينية المستقلة. اما الان فستضطر الى الاعتماد على حماس كخشبة انقاذ. سخيف؟ مجرد سخافة.