أقِم صدرك! -يديعوت
بقلم: ناحوم برنياع
إن حماس بخلاف الانطباع الذي نشأ ما زالت لم تستل سلاحها ليوم الدين: إن سلاح يوم الدين من وجهة نظر حماس هو صواريخ فجر القادرة على الوصول من غزة الى ظاهر تل ابيب. وبخلاف الانطباع الذي نشأ، لم يمض الجيش الاسرائيلي ايضا في خلال ذلك حتى النهاية فان أكثر طلعات سلاح الجو وجهت على خلايا اطلاق. لم تقصف بنى تحتية مدنية ولم تقصف مقرات قيادة لحكومة حماس.
صحيح حتى كتابة هذه السطور أنه لا دليل على أن خلايا من حماس كانت مشاركة في اطلاق صواريخ على اسرائيل. وإن النبأ المنشور عن حماس الذي نسب الى المنظمة اطلاق الصواريخ الاربعة التي أصابت اوفاكيم أول أمس كان كما يبدو غلطا. فحماس تراقب حتى الآن تبادل النار متنحية. فثم قواعد لعب غير مكتوبة في حرب القذائف الصاروخية يحاول الجميع الوفاء بها، حماس والجيش الاسرائيلي ايضا بل ومنظمة الجهاد الاسلامي التي تطلق القذائف الصاروخية على اسرائيل لكنها تحفظ صواريخ فجر لديها حتى الآن في المخازن.
أنا آخر من يدافع عن حماس، فهي في نظري منظمة ارهاب بغيضة سيكون العالم من غيرها أفضل. وأنا أعتقد ايضا أنه لم يكن مناص من رد عسكري شديد على سلسلة العمليات على حدود مصر في نهاية الاسبوع الماضي. لكن استطالة جولة العنف الحالية حتى تجاوزت نهاية الاسبوع تثير اسئلة صعبة. فما الذي يتحدثون فيه هناك، في اللقاءات الماراثونية للوزراء الثمانية، وما الذي يتباحثون فيه بعد أن يحصلون على المادة الاستخبارية السرية "السوداء" التي تُعرض عليهم. هل يسأل أحد منهم ما الذي نحاول احرازه هنا في الحقيقة. وهل قصف أهداف في غزة سيسقط خطة حماس؟ وهل سيجعل حماس تشدد قبضتها على المنظمات الارهابية الاخرى وتمنعها من العمل الموجه على اسرائيل؟.
اذا كان جواب هذه الاسئلة بالنفي فاننا لم نفعل شيئا سوى إطالة معاناة الاسرائيليين من سكان الجنوب.
إن الوزراء الذين يجلسون في اللجنة الثمانية ناس سياسيون. وهم مُصغون الى أهواء الجمهور. فحينما يصرخ مواطنون في بئر السبع وأسدود يندبون مواطنين غافلين ماتوا، وممتلكات ضاعت، وسكينة أصبحت رعبا، فانهم يُصغون. وحينما يغضب مواطنون على مصر التي لا تسارع لتجنيد نفسها لمحاربة الارهاب لكنها تسارع الى أن تطلب من اسرائيل اعتذارا وتعويضا فانهم يُصغون.
لكن وزراء الحكومة لا يستطيعون أن يسمحوا لأنفسهم بما يجوز لمواطنين هُدمت بيوتهم أو محللي تلفاز أدارت رؤوسهم أضواء قاعات التلفاز. إن عملهم هو أن يخططوا سياسة تمنح مواطني الدولة أكبر قدر من الحماية. وفي جميع المباحثات الطويلة التي يجرونها لم يستطيعوا بلورة سياسة كهذه، بل انه يجوز أن نرتاب فيهم أنهم حتى لم يحاولوا ذلك.
انهم بدل السياسة يطلقون تصريحات هدفها جعل ظهر الأمة منتصبا فهذه هي ايام الانتصاب.
إن مصر مثال يثير الاهتمام، فمنذ وقعت ثورة ميدان التحرير أصبحت العلاقات مع مصر هي الشأن الأكثر إقلاقا في برنامج العمل الأمني. وإن سلسلة العمليات في نهاية الاسبوع عرّضتها لامتحان جدي أول.
في اتفاق السلام مع مصر أصرت اسرائيل على ألا تُدخل مصر جنودا الى سيناء. ورجال الشرطة المُقامون هناك صيغة معدلة من حرس الحدود – فمستوى جنديتهم متدنٍ والوسائل التي في حوزتهم ضئيلة. تجول المخربون شهرين داخل سيناء من غير أن يشوش عليهم أحد، وقد نفذوا دخولهم من تحت أنوفهم. وفي اعمال التمشيط التي قاموا بها لم يكشفوا اعضاء الخلية. ومع ذلك حينما أدرك رجال الشرطة المصريون أنهم دُفعوا الى معركة أطلقوا النار لا على جنود الجيش الاسرائيلي بل على المخربين.
إن الطلب المصري للاعتذار سابق لأوانه جدا – فقد بدأ التحقيق الجدي أمس فقط – لكنه ليس داحضا تماما. فناس وزارة العدل مثلا يتناولونه بجدية. والى ذلك ايضا توجد في كفة الميزان قضية أهم كثيرا وهي كيف تستطيع اسرائيل مساعدة النظام المصري الجديد على صد الضغط في الشارع لالغاء اتفاق السلام مع اسرائيل.
الشارع المصري يحيا على انتصابه الوطني، ومن المؤسف أن نتبين أننا كذلك ايضا.
إن كراهية الجمهور المصري لاسرائيل شديدة، ومنكرة للجميل وغير نزيهة. وقد كفت الدولتان منذ زمن عن أن يُحب بعضهما بعضا، لكن لهما مصلحة مشتركة لا شيء أهم منها وهي إفشال جعل سيناء قاعدة ارهاب اسلامي. فاذا كان الوفاء في هذه المهمة مقرونا بالاعتذار، فلن يضر رئيس حكومتنا أن يبلع ريقه وأن يقول الكلمات المطلوبة. فماذا يُجدي علينا رئيس حكومة منتفخ الصدر حينما لا يوجد في صدره سوى الهواء.