حماس تخشى على حكمها من التصعيد -هآرتس
بقلم: آفي يسسخروف
(المضمون: القتال ضد اسرائيل وان كان يمكنه أن يشكل صرفا جيدا للانتباه عن الازمة المالية، الا ان المغامرة العسكرية الخطيرة مع اسرائيل من شأنها أن تنتهي ايضا بكارثة سياسية وعسكرية للمنظمة - المصدر).
خلافا للتصريحات الدراماتيكية من حكومة اسرائيل منذ بدء القتال، فان كلمة ضبط النفس بالذات هي التي يمكنها أن تصف النشاط العسكري الاسرائيلي في قطاع غزة أمس. ورغم أقوال على نمط "من يعمل ضدنا فان فرصة أن يفصل رأسه عن جسده عالية جدا"، لايهود باراك، او "على السلطة مسؤولية كاملة عن الهجوم الارهابي الاجرامي" لوزير الخارجية افيغدور ليبرمان، واضح جهد اسرائيلي للتجلد ومنع التصعيد. عدد حالات القصف الاسرائيلي أمس كان قليلا بالقياس الى عدد سقوط الصواريخ، وتركزت على خلايا اطلاق الصواريخ. الجيش الاسرائيلي وسلاح الجو امتنعا على نحو شبه مطلق عن مهاجمة أهداف لحماس، وفقط في ساعات ما بعد الظهر هوجم موقعان غير مأهولين لقوات أمن المنظمة. ومع ذلك، فانه في هذا القصف اصيب مواطنون فلسطينيون.
في جهاز الامن شددوا أمس المرة تلو الاخرى على انه في الايام الاخيرة لم تشارك حماس في اطلاق الصواريخ على اسرائيل. وبقدر ما وقفوا في اسرائيل "دفاعا" عن حماس، وشرحوا بانه حتى البيان الصادر عن الذراع العسكري للمنظمة في منتهى السبت، بانه اطلق أربعة صواريخ نحو اوفكيم كان مثابة "خطأ". في الجانب الاسرائيلي لا توجد أي رغبة في مواصلة القتال او في توجيه ضربة بارزة لحماس، ربما على خلفية التخوف من التورط العسكري بالذات قبل النقاش في الجمعية العمومية في الامم المتحدة في أيلول. غارات سلاح الجو أمس كانت موضعية، دون قتلى، وتركت لحكومة حماس مجال واضح للمفاوضات مع باقي المنظمات حول وقف النار.
اما في حماس، فواضح أنه يوجد بين المجموعات المختلفة في المنظمة خلاف حول الانضمام الى القتال او الامتناع عن كل تصعيد. في منتهى السبت نشر بالفعل في موقع حماس بيان رسمي ادعى بان رجال عز الدين القسام أطلقوا أربعة صواريخ نحو اوفكيم. ولكن بعد بضع ساعات اختفى البيان، وفي المنظمة عادت لتنطلق الاصوات التي روت عن مساعي الوساطة المصرية. في حماس توجد أصوات تدعي بانه محظور خسارة المعركة للمنظمات الاصغر وتركها تأخذ الحظوة عن القتال ضد اسرائيل بينما تتخذ المنظمة المسيطرة في غزة صورة كصورة السلطة الفلسطينية من نوع جديد، تحرص على حماية امن اسرائيل.
ولكن يحتمل أن حتى في الذراع العسكري لحماس يفهمون الان بانه توجد اعتبارات تتجاوز الرأي العام الغزي. فقد نشرت وكالة "رويترز" للانباء امس تقريرا عن مصادر دبلوماسية، افادت بان ايران توقفت عن تحويل اموال للمنظمة منذ نحو شهرين على خلفية معارضة حماس المشاركة في ابداء التأييد للرئيس السوري، بشار الاسد. قرار طهران الجديد ليس السبب الوحيد للازمة الاقتصادية التي تلم بحكومة حماس، التي لم تدفع بعد رواتب شهر تموز لاربعين الفا من موظفي الحكم ورجال قوات الامن في غزة (لحكومة حماس توجد صعوبة موضوعية في جباية الضرائب على نحو دائم في القطاع). ولكن دون شك توجد للخطوة الايرانية آثار على قدرة حماس الايفاء بتعهداتها المالية لرجالها. القتال ضد اسرائيل وان كان يمكنه أن يشكل صرفا جيدا للانتباه عن الازمة المالية، الا ان المغامرة العسكرية الخطيرة مع اسرائيل من شأنها أن تنتهي ايضا بكارثة سياسية وعسكرية للمنظمة.
الخلاف داخل حماس قد يفسر سياسة التباكي التي تتبعها المنظمة في الاونة الاخيرة: الامتناع عن تصعيد شامل أو عن المشاركة النشطة جدا في اطلاق الصواريخ، وبالمقابل غض النظر عن نشاط لجان المقاومة الشعبية بل وأخذ المسؤولية عن عمليات تقوم بها منظمات اخرى. ولكن في السطر الاخير، رغم التصريحات الكفاية من جانب حكومة اسرائيل، فان حماس، دون ان يذكر ذلك في اسرائيل او في المنظمة على الملأ، تتحول رويدا رويدا الى شريك لدولة اسرائيل في الحفاظ على الهدوء في الجنوب. فهي تبدي بوادر سيطرة في القطاع ومع أنها سمحت للمنظمات الصغير "بالتنفيس"، الا أنها في نهاية المطاف، شجعتهم أساسا على وقف النار، في رسائل غير تهديدية.
ولا يزال التنفيس يثير قلقا شديدا في اسرائيل. منظمة لجان المقاومة الشعبية تعرضت يوم الخميس الى ضربة شديدة (تصفية كل كبار رجالاتها)، ولم تقبل أمس بوقف النار. نجاحات المنظمة الصغيرة، التي تعد نحو 1.000 مسلح، تمنحها وتمنح الجهاد الاسلامي الدافعية للاستمرار. سبب آخر للقلق هو قدرة هذه المنظمات الصغيرة، اللجان والجهاد على اطلاق صواريخ يمكن أن تصل الى يفنه، بئر السبع ومدن اخرى، دون أن يتمكن الجيش الاسرائيلي من وقف الظاهرة بعمليات من الجو فقط. خلايا اطلاق الصواريخ تصبح أكثر دقة، فتكا ومناعة ضد الاصابة. واذا كان في الماضي اطلاق صاروخ جراد شكل مهمة انتحارية لخلية تنفيذية، يبدو اليوم أن هذه الخلايا تبنت تقنيات جديدة تسمح لها باطلاق الصواريخ والاختفاء (في قسم من الحالات على الاقل) على نمط حزب الله. واذا كان هذا ما تستطيع فعله منظمات صغيرة نسبيا، فيمكن فقط التخيل ماذا سيكون ضرر التصعيد الشامل مع حماس.