شيء ما تشوش- معاريف
بقلم: بن كسبيت
يوم جنازات هو اليوم، زمن سيء للبحث عن مذنبين وقصورات، ناهيك عن أنه منذ بدء الحدث أدت قوات الجيش ووحدة "يمم" مهامها بنجاعة وتصميم. وبعد كل هذا، لا ريب أن شيئا ما تشوش أمس على طريق 12، شيء ما وهن، شيء ما لم يعمل، وكان ينبغي اصلاح هذا الشيء ما بأسرع وقت ممكن، لأن الوضع في شبه جزيرة سيناء لن يتحسن في الزمن القريب القادم. بل ربما سيتفاقم، على نمط حزب الله، الامر الذي سيجبر اسرائيل على أن تتعاطى من الآن فصاعدا مع حدودها الجنوبية كحدود ارهابية، بكل ما ينطوي عليه ذلك من معنى. منطقة سائبة حقا، مليئة بالشبكات الارهابية، غرب متوحش مهدد ومنفلت العقال.
تذكرت أمس المداولات التي كانت في الحكومة وفي المجلس الوزاري قبل نحو سنتين حول اقامة الجدار الجنوبي، ذاك الذي كان يفترض أن يحمي اسرائيل من متسللي عمل (والآن يتبين بأنه كان يفترض أن يحميها من ارهابيين). وزير الامن الداخلي اسحق اهارونوفيتش، طرح في حينه في الحكومة، وفي المجلس الوزاري، مسألة مشوقة: لا تغلقوا كتيبة حرس الحدود في العربة، طلب، وبعد ذلك انتقل الى الاستجداء حقا. ولكن كتيبة حرس الحدود هذه موضوع باهظ الثمن، فهؤلاء هم مقاتلون برواتب كاملة (ونجاعة قصوى) ولهذا فقد تجاهل الجيش ووزارة الدفاع، ومناشدات اهارونوفيتش اصطدمت بكتف باردة في المجلس الوزاري ايضا. كتيبة حرس الحدود في العربة حُلت.
اهارونوفيتش هو شرطي قبل أن يكون وزيرا، وهو يعرف ما هو أثر كتيبة حرس حدود في المنطقة، كم كانت هذه الكتيبة ناقصة في القاطع أمس. فقد كانت ستصل الى الحدث برمشة عين، بل وربما كانت ستُنقل الى القاطع منذ البداية، إذ في كل ما يتعلق بالحرب ضد الارهاب فان حرس الحدود ووحدة "يمم" هي القوة الرائدة والمهنية، ولم يولد بعد قاطع لم يهدأ تحت عمل حرس الحدود. ولكن الكتيبة حُلت واهارونوفيتش كان يمكنه أمس فقط أن يفرك يديه يأسا.
نعم، كان انذار. في الجيش الاسرائيلي يدعون بأن انذار شعبة الاستخبارات لاقى موقفا محترما، واستعدت القوات بناءا على ذلك، وعُززت كما ينبغي، ولكن القاطع واسع جدا، مفتوح جدا، غير متوقع جدا لدرجة أنه من شبه المتعذر اغلاقه تماما. من جهة اخرى، ينبغي ان نسأل لماذا لم يُغلق طريق 12 من اللحظة التي بدأ فيها الحدث، وينبغي ان نحاول أن نفهم أين كانت القوات ولماذا استمرت حالة التأهب في القاطع بشكل عام في اثناء الليل فقط (والقوات تنتشر مع الفجر)، ولماذا رغم طلب المحافل المهنية الشروع في بناء الجدار من ايلات غربا على طول الخط، بدأوا ببنائه بالذات في القاطع المركزي. يُخيل لي أن من المهم أكثر الدفاع عن ايلات مما عن المجالات القفراء لجبل النقب. التسلل هناك كان سيمنح القوات زمنا طويلا للتنظيم والمطاردة، كل هذه الاسئلة ينبغي للجيش الاسرائيلي أن يفحصها وأن يعطي أجوبة لها وأن يستخلص الدروس. لا شك عندي بأن هذا سيحصل.
صورة واحدة، مع ذلك، أقلقتني أمس. المؤتمر الصحفي العاجل الذي عقده وزير الدفاع، رئيس الاركان وقائد المنطقة الجنوبية في الميدان. آمل ان يكون التوقيت وشكل الحدث، كما انعكس على شاشات التلفزيون، لا يقول شيئا عما حصل حقا هناك في الميدان. فقد وقفوا هناك، ثلاثتهم، الوزير في الوسط، وعلى يساره اللواء وعلى يمينه رئيس الاركان، وخلفهم الناطقون المختلفون، يهمسون كل واحد بدوره همسات مختلفة في آذان رؤسائهم، بينما هم يتحدثون، وبالبث الحي والمباشر، الكل يسند الكل، ويبدو الحدث أكثر كاحتفال ختامي لوحدة احتياط بعد شهر ونصف في الخط مما هو موقف تقديم معلومات للجمهور.
من معرفة وثيقة لعادات وزير الدفاع، أراهن على أن فكرة عقد مؤتمر صحفي عاجل، زائد ولا داعي له في الميدان، كانت فكرته، وذلك لانه يعرف بأنه بعد الثامنة مساء سيأتي على شاشات التلفزيون رد الفعل المصور لرئيس الوزراء، وأراد "سيد أمن" أن يسبق نتنياهو، بل ومن الميدان، محوط بمقاتلين أشداء. ولكن ما خرج له هو موقف محرج، ولا سيما عندما تبين أنه في ذروته لا تزال تطلق النار وأن مقاتلا من وحدة "يمم" قُتل بينما كان المسؤولون يتحدثون. باختصار، كان يُفضل قبل ذلك الانتهاء من قتل المخربين، قبل أن يركضوا ليرووا للناس ما حصل.