خبر الصمت عار..مصطفى إبراهيم

الساعة 11:05 ص|17 أغسطس 2011

الصمت عار..مصطفى إبراهيم

في حالتنا الفلسطينية صمت الناس كثيراً على الهموم والمشاكل اليومية المعاشة بسبب الحصار والاحتلال تقديرا للأوضاع الصعبة التي يمرون بها، وصمت الناس كثيرا وفاءً وحب لفلسطين ووطنية في مواجهة الاحتلال، لكن عندما تتضح الصورة ويكون ما يجري بفعل فاعل، ويمكن إيجاد الحلول لمشاكل الناس من خلال القواسم المشتركة التي تجمعنا، وعندما يكون الصمت تجاهلاُ واستهبالا واستغباءً للناس فهذا لا أمر يطاق ولا يجب السكوت عليه، لكن عندما يكون الصمت أيضا انكساراً وقهرا وضعفاً فهذا أيضا خلل كبير في العقل الجمعي الفلسطيني والقيم التي تربوا عليها.

 

 

وحالة الصمت السائدة بين الناس على كل ما يجري من تخبط في التفكير وعدم وضوح الرؤية والرؤى لدى الكل الفلسطيني، والسكوت عن معالجة همومهم الداخلية مشكلة مستفحلة لدينا، والمصيبة تكون اكبر عندما يكون ذلك سمة لدى الناس والقيادة الفلسطينية التي مهمتها إدارة شؤون الناس والتقرير في مصيرهم من دون حتى استشارتهم في ما يتم طبخه.

 

 

من عادة البشر وطبائعهم حب الوضوح والشعور بالأمان الشخصي، والكلام والشعارات لا تعبر عن حقيقة حسن الظن بالقيادة ومن تولى أمرهم وتسيير شانهم العام والخاص، وما تقوم به من ممارسات وسلوك يؤكد سوء الظن بما تقوم به السلطة بشقيها في غزة والضفة.

 

 

الهموم التي يعاني منها الناس كبيرة وتقسم الظهر، في الأسبوع الماضي عاش الناس في قطاع غزة أكثر من 15 ساعة معزولين عن بعضهم البعض وعن العالم الخارجي، قطعت كافة الاتصالات السلكية عن قطاع غزة، ولم نسمع من أي من المسؤولين حتى الآن حقيقة ما جرى، وما هي الحلول الفورية التي يجب ان تتخذ و طمأنة الناس ان ما جرى لن يتكرر.

 

 

ما سمعناه تبرير وتخبط وكذب على الناس وكأن ما جرى أمر طارئ وعادي وطبيعي، وبدل ان تتحمل شركة الاتصالات الفلسطينية مسؤولياتها وتقديم الاعتذار للناس، وتقوم الجهات المختصة في السلطة الفلسطينية بمسائلة الشركة وتحميلها المسؤولية وإجبارها على تعويض الناس عن خسائرهم، قامت وزارة الاتصالات الفلسطينية في غزة صباح اليوم التالي للمصيبة بتبرئة الشركة، وأصدرت بياناً صحافياُ قالت فيه لقد تابعت الوزارة عن كثب ومنذ اللحظات الأولى مشكلة تعطل خدمات الاتصال مع شركة الاتصالات الفلسطينية للعمل على حلها، واستمرت الطواقم الفنية في العمل على معالجة قطع الكوابل الرئيسية للشبكة والتي تربط قطاع غزة بالعالم الخارجي.

 

 

هذا ما استطاعت عمله الوزارة، وهي ليست المرة الأولى التي تقوم بها الوزارة بالدفاع عن الشركة بدلا من الوقوف في صف الناس والدفاع عن مصالحهم من خلال دورها الرقابي المفروض ان تقوم به، وليس من خلال الكلام والشعارات فقط والدفاع عن الشركة.

 

 

وهذا ينطبق أيضاً على وزارة الاتصالات في رام الله التي لم نسمع منها شيئ، بل تراجع وزير الاتصالات مشهور أبو دقة عن تصريحاته الصحافية قبل أسبوع، التي وصف فيها الرخصة الممنوحة لشركة الاتصالات بأنه “عاراً على السلطة”، وان ما تقوم به الشركة من مساعدات هي “رشى اجتماعية”، وان القانون قاصر عن محاسبة الشركة، وأنها لا تنفذ القرارات التي تتخذها الوزارة، وان الشركة أخفقت في استثماراتها التي يجب أن تقوم بها في مجال الخطوط الثابتة والانترنت.

 

 

مشكلتنا في الناس ان أمرهم محير، الصمت المطبق الذي يعانون منه، فالصمت أصبح عادة طاغية لديهم، يصمتون على المعاملة القاسية والأذى وسرقتهم على المكشوف، أليس الانقطاع المستمر للكهرباء وسوء رداءة الاتصالات واحتكار شركة الاتصالات ظلم يقع علينا؟ فالصمت عن الحق والظلم عار، والصامت عن الحق ولديه القدرة على الكلام أو دفع الظلم عن الناس عار، وكذب المسؤولين عليهم وتحالفهم مع راس المال ضدهم عار وجريمة.

 

 

وصمت المسؤولين عن كل ما يجري خطا كبير وهم يرتكبون خطايا في حق الناس في صمتهم عن إيجاد الحلول لمشكلاتهم ومحاسبة المسؤولين عن مرتكبيها، إلا أنهم للأسف شركاء في الصمت عن الحق والظلم الواقع على الناس، وهم بذلك غير مؤتمنين على القضية والناس وهم لا يؤسسوا لعلاقات وطنية وإنسانية بين أبناء الشعب الواحد.