صفقة شاليط وأزمة نتنياهو الداخلية .. مصطفى الصواف
(إسرائيل) تعيش أزمة داخلية، الأزمة الداخلية بحاجة إلى مخرج، نتنياهو المهدد الأول من هذه الأزمة وخاصة حكومته الائتلافية، البحث عن مخرج بعيداً عن الأسباب الحقيقية للأزمة الداخلية بات ضرورة ملحة بالنسبة لنتنياهو خاصة أن حل الأزمة قد يؤدي إلى تفكك حكومته نتيجة أن الأزمة في أساسها هو انتفاء العدالة والديمقراطية في التعامل مع فئات المجتمع الإسرائيلي خاصة لو علمنا أن أسباب الأزمة هي شعور داخلي بأن حكومة نتنياهو من أجل البقاء في سدة الحكم تجير عملها لصالح المستوطنين والطبقات المتدينة على حساب بقية فئات المجتمع.
مخرج نتنياهو من هذه الأزمة يجب أن يكون من الخارج، أي أن تكون هناك قضية ذات تأثير على المجتمع الإسرائيلي بعيداً عن التركيبة الاجتماعية وأحد أطرافها ليس من المجتمع الإسرائيلي، فكان التفكير لدى حكومة الاحتلال في اتجاهين: الأول هو إما عدوان على قطاع غزة؛ لأن العدوان أحد الوسائل التي توحد المجتمع الإسرائيلي بدعوى التهديد الوجودي لإسرائيل، هنا تتحد كافة فئات المجتمع الإسرائيلي ويتم تأجيل الأزمة الداخلية إلى ما بعد انتهاء العدوان ليخرج نتنياهو بطلاً بالدم الفلسطيني، هذا الخيار واجه صعوبات كبيرة أولها الوضع الاقتصادي الإسرائيلي والوضع الاقتصادي الأمريكي، انشغال أمريكا بترتيب الأوراق في الساحة العربية بعد حمى الثورات وخشيتها من أن يؤدي أي عدوان على غزة إلى ضرب مصالحها في المنطقة وهذا سيزيد الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الإدارة الأمريكية، كذلك نتائج العدوان الأخير على قطاع غزة لم تكن مشجعة لتكرارها مرة أخرى في ظل كل ما تقدم.
الخيار الثاني هو خيار صفقة التبادل التي يجري الحديث عنها منذ خمس سنوات والتي تشكل قضية رأي عام داخل المجتمع الإسرائيلي، هذه القضية قد يجد فيها نتنياهو مخرجاً للأزمة الداخلية ويمكن إعادة فتح هذا الملف من جديد، وهو بالفعل مفتوح بشكل قوي وهناك الآن محادثات تجري بين الجانبين برعاية مصرية، وهناك احتمالات كثيرة حول هذا الملف، خاصة أن نتنياهو على ما يبدو وصل إلى قناعات بأن حركة حماس أغلقت هذا الملف عند شروطها للصفقة وأن كل المحاولات لثني حماس عن موقفها فشلت والجهد المخابراتي في الوصول إلى معلومات عن شاليط فشل، لذلك سيجد نتنياهو نفسه مضطراً إلى الاستجابة لشروط حماس والإقدام على تنفيذ الصفقة والتي يرى نتنياهو أنها ستشكل له مخرجاً من أزمته الداخلية وربما تصنع منه بطلاً أمام الرأي العام الإسرائيلي فيقدم على تنفيذ الصفقة في ظل الحراك المجتمعي على المستويات المختلفة السياسية والعسكرية والمجتمعية التي تدعو نتنياهو لتنفيذ الصفقة ودفع الثمن.
ولكن في الجانب الآخر من التفكير الإسرائيلي هو أن تكون جولة المفاوضات محاولة ثانية للمراوغة وإضاعة الوقت لإشغال المجتمع الإسرائيلي بأمر يعتقد أنه ضروري تحقيقه الأمر الذي سيخفف من الأزمة الداخلية وجزء من الجمهور سينشغل في صفقة التبادل وقرب أو بعد تنفيذها وتعود جدلية شاليط وصفقة حماس لتطفو على السطح من جديد الأمر الذي سيؤثر على الأزمة الداخلية وتخرج الأصوات داخل المجتمع الإسرائيلي تنادي بالتوقف عن الاحتجاجات لأن الحكومة مشغولة الآن بعمل قومي وهو إعادة جندي مأسور لدى المقاومة منذ خمس سنوات ويزيد، وأن هذه القضية يجب أن تحل في ظل أجواء ومناخات مناسبة بعيدة عن أجواء الاحتجاجات، ولكن حقيقة الأمر أن نتنياهو لا يريد التوصل إلى صفقة بقدر ما يريد تأجيل الأزمة الداخلية.
على العموم الحوار قائم بين الطرفين بواسطة مصرية والذي نريد التأكيد عليه هو أن لا نثق بالتصريحات الإسرائيلية وأن لا نخوض كثيراً في أحاديث الأمنيات والتوقعات والحذر الشديد مما تروجه الماكنة الإعلامية الإسرائيلية والانتظار حتى يتم الإعلان بشكل رسمي عن تنفيذ الصفقة؛ لأن التجربة علمتنا على مدى السنوات الخمس أن الحديث عن قرب أو بعد الصفقة يشكل ضرراً كبيراً على معنويات الأسرى وأسرهم، وعلينا الانتظار حتى يتم تنفيذ الصفقة بشكل لا يقبل الشك، والشيء الثاني هو علينا أن نكون على ثقة عالية ولا تقبل الشك أن حركة حماس ثابتة على مواقفها وهي عند شروطها.
نحن على ثقة أن الصفقة متحققة ولكن المسألة مسألة وقت لأنه لا خيار أمام الحكومة الإسرائيلية إلا الموافقة على شروط حماس.