خبر الكلمة التي لا يجوز قولها- هآرتس

الساعة 07:51 ص|14 أغسطس 2011

 

الكلمة التي لا يجوز قولها- هآرتس

بقلم: ألون عيدان

(المضمون: لا تُذكر كلمة احتلال في خيام الاحتجاج خشية الشقاق والانقسام بين المحتجين، والشقاق والتقسيم تكتيك يستعمله نتنياهو منذ ولايته الاولى للبقاء في السلطة، ومصطلح الاحتلال يخدم التقسيم والشقاق والبقاء في السلطة ايضا - المصدر).

        لماذا يمنع الاحتجاج استعمال كلمة "احتلال"؟ لانه اذا قيلت هذه الكلمة فسيقل عدد الناس المحتجين على نحو حاد ولانه سينشأ عدم اجماع عميق وانشقاق مدمر على أثره. والانشقاق سيجعل الاحتجاج "سياسيا" بالمعنى الحزبي وتتلاشى قوته الشعبية.

        لهذا يجب أن نسأل ما هو عمل الاحتلال الآخر زيادة على كونه "ضرورة امنية" أو "تحقيقا عقائديا". يبدو انه يمكن بحسب "لا" استنتاج "نعم": فاذا كان لا يجوز ان نقول "احتلال" كي لا نقسم الجمهور ونضر بالاحتجاج بذلك – فينتج أن عمل الاحتلال أن يُقسم الجمهور وأن يضر بذلك بامكانية الاحتجاج.

        إن الاحتلال هو الصورة التي يمكن التقسيم والشقاق بها أن يحشدا ويحافظا على قوة سلطوية. والآلية التي ينقسم بها الجمهور قسمين في اللحظة التي يذكر فيها المصطلح تُمكّن من يرأس واحدا من الجزئين المنقسمين من ضمان قوته بسهولة نسبية. وبعد أن يحظى قسم ما بامكانية تشكيل حكومة يجمع عددا من الاوساط ذات المصالح الضيقة ويصبح رئيس حكومة.

        الاحتلال ناجع في هذه المرحلة ايضا لانه يُمكّن السلطة المركزية من أن تعمل ما شاءت بكل ما ليس متصلا بالاحتلال: فكل احتجاج على شؤون اقتصادية – اجتماعية قد يصبح احتجاجا شعبيا كالاحتجاج الحالي، يهدد بالانشقاق والتلاشي إزاء كلمة لا يجوز قولها.

        إن الشحنة العاطفية الثنائية القطب العميقة الكامنة في الاحتلال جعلته من الواجبات الانتخابية. وإن حقيقة أنه بواسطة لباس عقائدي ملائم وتزيين يستغل الكتاب المقدس على نحو دقيق ينشأ ايضا امكان أن يوهب له رائحة تاريخية – مبدئية، تجعل الاحتلال كنزا سلطويا ينبغي عدم التخلي عنه ولا حتى مقابل تحسين وضع الناس الذين يعانون تحته. نشأ تضارب مصالح راسخ بين ارادة السلطة تأبيده وبين الحاجة الانسانية الى الغائه.

        ليس عرضا انه توجد داخل الاحتلال الخطوط الهيكلية للرأسمالية المتطرفة التي في أساسها شقاق دائم بين الناس من اجل المنافسة التي تضمن للمواطن بقاءا شخصيا عوض كونه مرعيا مستخذيا. إن من يتجول في الضفة وغور الاردن يستطيع ان يلاحظ الصورة الجغرافية للرأسمالية حيث يوجد التقسيم الى محابس، وكثرة الحواجز وبيروقراطية الحركة – وكلها عناصر فصل مهمتها أن تُصعب البقاء للتمكين من سيطرة مركزية.

        إن "السوق الحرة" ايضا وهي واحدة من الموضوعات المركزية للاحتجاج تلائم فكرة الشقاق والتقسيم. فالى جانب الاضطراب الذي يجسده مصطلح "السوق" تتضح ايضا المفارقة الساخرة في مصطلح "حرة": فالعامل يضطر الى منافسة رفاقه في كل لحظة، في حين يدرك أن نصر الواحد هو هزيمة الآخر. فهل يمكن أن نسمي باسم "حرة" مباديء تؤيد شقاقا دائما بين البشر من اجل البقاء؟.

        أُمسك بنيامين نتنياهو في ولايته الاولى بعدد من الاقوال كشفت عن ميله المرضي الى التفريق بين أجزاء الشعب لتحقيق السيطرة مثل: "اليساريون نسوا ما معنى أن تكون يهوديا"، و"هم يخافون" وما أشبه. ومنذ ذلك الحين تعلم درسا مكيافيليا مهما وهو إفعل ما تعتقد وقل ما يريدون سماعه. ولهذا فان ولايته الحالية أشد تدميرا بكثير لأنه أحل محل الشقاق والتفريق اللغويين اللذين همس بهما على مسامع الحاخام كدوري، الشقاق والتفريق العمليين اللذين يتم تحقيقهما بمساعدة اشخاص مثل دافيد روتم وزئيف ألكن.

        ان الاحتجاج في روتشيلد هو على العزلة التي تشتق من الشقاق والتقسيم في المجتمع الاسرائيلي. ولا يُذكر الاحتلال الذي هو رمز الشقاق والتقسيم في الخيام لانه يهدد باخفائها. ان هذه المفارقة المتواصلة هي ضمان للاحتضار.

-----------------------------------------------------