الاحمر اليوم أخضر جدا -يديعوت
بقلم: علمه زوهر
تحدثت هذا الاسبوع هاتفيا مع افيف عزوز من منظمي احتجاج الوقود، إن عزوز، وهو من سكان المطلة، يسكن منذ اسبوعين مع زوجته وابنائه خيمة في كريات شمونه. وقال لي "كلنا هنا في الخيام ننتظر الامر 8، فمن الواضح لنا ان الحكومة ستحاول اشعال المنطقة لاسكات الاحتجاج اذا لم يفعل الفلسطينيون هذا من اجلها".
بعد ذلك ببضع ساعات اتصلت صديقة، وهي نشيطة في احدى المنظمات من اجل اللاجئين. "في ديوان نتنياهو يجرون ويبحثون عن معطيات عن عدد الشقق التي يستأجرها لاجئون في تل ابيب"، قالت لي في ذعر. "انهم يحاولون ان يلفقوا لهم ملفا، وكأن السودانيين الذين يكتظون في اكواخ حي شبيرا مذنبون في ازمة السكن. أي مفارقة ساخرة آثمة".
يخيل الينا ان الحكومة بدل ان تبحث عن حلول حقيقية لمشكلات العيش، مشغولة بلا توقف في محاولة ان تجد لنفسها سبيل هرب، وبوصم معارضيها، واعلام كبش فداء وصرف النقاش العام عن الموضوعات الملحة بكل طريقة. ان كثيرين من رفاقي في النضال سقطوا ضحية حملة تنديد متعمدة في الشبكة، كانت ترمي الى أن يوسموا بسمة نشطاء يسار تنفق عليهم منظمات ما معادية للصهيونية خطرة، وأعداء لاسرائيل على نحو عام.
في عصر صيد الساحرات الذي نعيش فيه يحسن بالشخص ان يعرف نفسه بأنه مغتصب اولاد آثم لا يساري، والعياذ بالله. والجمهور، وكم هذا عجيب، يريد عدالة اجتماعية، ويريد سكنا عاما ويريد سياسة رفاهة لكنه لا يريد يساريين. هذا تناقض منطقي لكن ما أهمية هذا؟.
إن سكان الخيام غير مستعدين للاعتراف بالحقيقة البسيطة التي لاحظتها الحكومة واليمينيون منذ اللحظة الاولى وهي أنه نشأ في اسرائيل يسار جديد. ويجب بدل ربط تسميته يسارا أن نبدأ فهم أنه جديد وآخر ومختلف عن اليسار الذي عرفناه حتى اليوم.
قبل اكثر من سنة نشرت هنا مقالة تحت عنوان "ثورة العاطلين عن العمل"، حاولت فيها أن أخط خطوطا لصورة اليساريين الجدد الذين اعتدت أن أسميهم "اليسار الاخضر".
بخلاف اليسار "الاحمر"، البروليتاري الذي انشأ هذه الدولة، وبخلاف اليسار السلمي لجيل آبائي الذي تحدث في الاساس عن الحرب والسلام، فان اليسار "الاخضر" لأبناء جيلي هو يسار دولي وبيئي ينتمي الى عصر الانترنت الذي يجتاز الحدود. انه يسار يحارب الاتحادات الضخمة والعولمة وتلويث البيئة ويُعرف نوعية حياته بحسب قيم جديدة.
إن اليسار الاخضر قد نشأ في عصر "العصر الجديد". وهو يرى ان الاحتجاج الاجتماعي ودروس اليوغا يسيران معا على نحو ممتاز، وليس هذا دلالا بل هو جزء من التصور العام الذي لا يهتم فقط بالظروف الاقتصادية والمادية بل بالوضع النفسي والروحي للانسان ايضا. وهو تصور عام مقياس النجاح عنده هو تحقيق الذات لا المردود المادي فقط.
لا يكفينا أن نرتزق بل نريد العيش ايضا. ولا يكفينا ان نعطي الاولاد طعاما وسقفا بل نريد ان نعطيهم ايضا زمنا نوعيا وتربية ديمقراطية وغذاءا سليما. فنحن نريد الحياة السليمة والبيئة النظيفة والحياة الروحانية الغنية وليست عندنا أية نية أن نعتذر عن هذا. نحن جيل ممتاز.
يمكن الاستمرار على تسميتنا "الفقاعة التل ابيبية"، برغم أننا انتقلنا منذ زمن الى برديس حنا. ويمكن تصنيفنا على اعتبارنا مدللين أو متجملين، لكن لا تحسن مجابهتنا. فالنضال الاخير يبرهن على أننا في لحظة الحسم لسنا أكثر لطفا من أي فهد اسود.