لو كنا السويد- هآرتس
بقلم: نحاميا شترسلر
زرت السويد قبل بضع سنين. وفي ذات مساء دُعيت الى بيت السفير الاسرائيلي وفي خلال الحديث حدثني السفير بأنه يخرج من الغد في عطلة مدتها اسبوعان، سيجرى خلالها ترميم شامل في بيته. قال، في الغد في الثامنة صباحا سيحضر هنا فريق عمال وسأعطيهم المفاتيح وأخرج في عطلة. وسيعملون طوال النهار من الثامنة حتى الخامسة وأنا أعلم بيقين أنني حينما أعود الى البيت سيكون الترميم منتهيا بحسب الخطة بالضبط. وسيكون البيت نظيفا ومرتبا واستطيع الاستمرار في عملي وكأنه لم يحدث أي ترميم.
سألته: "لحظة، كيف تعلم انهم سيأتون أصلا؟ ربما يجري تعويق وربما حصلوا في اثناء ذلك على عمل افضل فأجلوا الامر اسبوعا؟" فنظر إلي مبتسما وأجاب: هذه السويد هنا وليست اسرائيل.
لهذا فان كل من يحلمون بالنموذج السويدي يجب عليهم قبل كل شيء ان يعملوا كما في السويد؛ في جد ونجوع مع الحفاظ على مستوى خصب عال، وأن يعالجوا بعد ذلك سائر الفروق بيننا وبينهم.
في السويد يخرج 75 في المائة من القوة العاملة كل صباح الى عملهم اليومي. أما عندنا فـ 57 في المائة فقط، وهذا الفرق الكبير جدا يفسر جزءا كبيرا من الفرق في مستوى العيش. فلو أننا تمنينا المعيار السويدي لاصبح عندنا 3.9 مليون عامل بدل 3 ملايين، وبدل ان يكون الانتاج للفرد 30 ألف دولار يرتفع الى 35 ألف دولار للفرد، وهذا فرق عظيم.
لا يوجد في السويد مجموعات لا تشارك في الجهد الاقتصادي. ولا توجد طائفة حريديين لا يعمل اكثرها، ولا توجد احزاب حريدية تهتم طوال الوقت بزيادة الاحسانات والدعوم التي تحولها الدولة الى الحريديين. وهكذا تدفع المالية كل سنة مليار شاقل الى من لا يعملون، لكنها تجبي من الطلبة الجامعيين رسوما دراسية. أي ان تعلم "الجمرة" أهم من دراسة الهندسة والطب والاقتصاد والادب.
ومن مزيد المفارقة ان هذا الدفع اكبر من أجرة جندي في الخدمة الالزامية. فهم يحصلون بهذه الدفعة على نحو من 900 شاقل كل شهر ويحصل الجندي على 350 – 700 شاقل. وهذا يثير الغضب حقا فأنت تخدم في الجيش وتعرض حياتك للخطر وتحصل على أقل مما يحصل عليه المتهرب من الخدمة العسكرية.
في الآونة الاخيرة فقط نجح نائب وزير الصحة، يعقوب لتسمان، في ان يدخل علاج الاسنان للاولاد في سلة الصحة، وتعلمون من يوجد لديهم اولاد اكثر ودخل أقل. ويطلب لتسمان الان ان تكون عناية المساعدة على حساب الدولة. ويبدو هذا حسنا لكن معناه رفع آخر للضرائب على الطبقة الوسطى التي ستستمر في الانفاق على اولئك الذين لا يعملون ولا يدفعون ضريبة صحية لكنهم يحظون بكامل الاحسانات.
ان المشاركة في سوق العمل منخفضة جدا ايضا في الوسطين البدوي والعربي. فاكثر النساء هناك لا يخرجن للعمل، ونسبة اخفاء الضريبة عالية. لهذا تنحني الطبقة الوسطى تحت العبء. ويجب عليها ان تدفع ضريبة اكثر لتثبت فوق ظهرها هذين الوسطين اللذين معدل الزيادة فيهما مرتفع.
توجد زاوية اخرى للاختلاف بين السويد واسرائيل وهي النفقات الامنية. فقد التزمت السويد في القرن الماضي "سياسة حياد" ونجحت بذلك في ان تتخطى الحربين العالميتين من غير ان تتحمل عبئا ومن غير ان تعاني دمارا. وميزانيتها الامنية صغيرة في حين ان الميزانية الامنية عندنا هي العليا في العالم (بالنسبة للانتاج العام)، ونسبتها 25 في المائة من ميزانية الدولة.
ولا توزع السويد في كل سنة ايضا مليارات كثيرة على المستوطنات – على النفقة الامنية، ودعم السكن والبنى التحتية الباهظة الكلفة والشوارع الواسعة والمنازل الرخيصة للاولاد وميزانيات كبيرة للمجالس المحلية. وفي المقابل تملك موارد طبيعية مهمة من الاخشاب ومناجم الحديد والطاقة المائية الكهربائية.
والى كل ذلك تدبر السويد اقتصاد سوق حرة مع تنافسية عالية ومن غير موانع في وجه الاستيراد. وعندنا في المقابل احتكارات وضرائب جمركية عالية على الاغذية، تمنع التنافس وتفضي الى اسعار مرتفعة تثقل على الطبقة الوسطى.
لهذا لن نكون السويد أبدا أو على كل حال لن نكون كذلك قبل أن يفي عمال الترميم بالمواعيد ولا يكون الائتلاف من الحريديين والمستوطنين. ويمكن حتى ذلك الحين الاستمرار في الحلم.