أيلول: أخطار وأخطاء وتطورات- إسرائيل اليوم
بقلم: رؤوبين باركو
في رحلة أبي مازن الى إعلان دولة فلسطينية من جانب واحد في أيلول القريب، خطّ رئيس السلطة لنفسه طريقا بلا مخرج. فمن هنا يستطيع الوصول إما الى افلاس وإما الى غرق في الوحل. ومن الواضح للجميع أن الصباح الذي سيلي الاعلان سيكون قاتما وبلا بشارة سواء اتخذ في الامم المتحدة أم رفض، لان اعلان الاستقلال لن ينجح في تغيير الوضع الحقيقي على الارض. فمن الواضح للفلسطينيين أنه اذا عمل ابو مازن على مواجهة إسرائيل من جانب واحد فستسلك اسرائيل بشدة ولن تخفف عنه حتى في المجال الاقتصادي الذي تعوده.
والفلسطينيون عالمون بان الاعلان من طرف واحد سيعفي اسرائيل من التزام اتفاقات اوسلو بل سيحررها من توقعات فلسطينية تتعلق بجوانب السيادة والاقتصاد وعودة اللاجئين وتقسيم القدس والحدود والمعابر وآلاف التفصيلات الوجودية الحاسمة الاخرى بالنسبة اليهم. هم لا يستطيعون ايضا الهرب من حقيقة أن اعلانهم بفلسطين في حدود 67 هو في الحقيقة اعتراف باسرائيل، مع تثبيت الوضع الراهن في المناطق وطريق مسدود مع عدم وجود تفاوض في المستقبل.
فهل ستحاول السلطة ان تشعل المنطقة برد؟ يعلم كبار مسؤولي السلطة جيدا بان المارد الاسلامي ينتظر ساعة مناسبة للسيطرة على الضفة الغربية كما سيطر على غزة. ولما كان الامر كذلك فانهم لا يسارعون الى تقدير انتحار جماعي على صورة اخلال بالنظام وانتفاضة قد تخرج عن السيطرة. وهم في الاكثر سيغضون عن انفجارات عنف محلية "مشروعة" لمسيرات ومعارضات بل انهم قد "يمرون" لهم عمليات على اسرائيل هنا وهناك. وعلى العموم قد يتوقع الفلسطينيون باحتمال كبير، برغم التأييد الكاسح المتوقع في الامم المتحدة باعلان دولتهم، أن يبطل قرار نقض امريكي هذا الاجراء. ويعتقد الفلسطينيون الذين يعارضون الاعلان انه لا يمكن ان يكون بالنسبة اليهم توقيت للاعلان اسوأ لانه سيتركهم الى انجاز محسوس على الارض ويؤبد الوضع كما هو. وهذا ينبع من أن نظم الحكم العربية مشغولة بصراعات بقاء ولن تستطيع ان تدعم مسارا فلسطينيا عمليا نحو السيادة. اما في الجانب الداخلي فان المنطقة المخصصة لتصبح دولة فلسطينية مقسومة بين دولة حماس الاسلامية ودولة فتح المتعثرة برئاسة أبي مازن.
وهم يتذكرون جيدا أيضا كيف هربت غزة من سيطرتهم أثناء الانتفاضة الثانية وبعدها. ويعلم المتنبهون منهم انه في حال الخطأ بالتوجيه تجب العودة الى البدء، الى تفاوض مباشر مع اسرائيل باعتباره الطريق الوحيد لاحراز نتائج. ومع كل ذلك يفضل ابو مازن اختيار الاعلان الذي ينبع من اليأس والغوغائية.
ان الخطر هو ان الفلسطينيين يعدون في الحقيقة شركا مغريا يحرج اوباما ويضطر الولايات المتحدة الى استعمال حق النقض والى أن تبرز بذلك مكان الولايات المتحدة باعتبارها تؤيد الصهاينة. وبهذا ستعمل الولايات المتحدة كما يعتقد فلسطينيون معتدلون يعارضون الاعلان من جانب واحد، في مصلحة القاعدة التي يحشد نشطاؤها القوة في ليبيا واليمن والمصر وسوريا واماكن اخرى في العالم، وتجلب عليها موجة عمليات تفجيرية مجددة لن تتخطى اسرائيل ايضا.