أين الشفقة؟- يديعوت
بقلم: ايتان هابر
اذا كان قد ظهر أمس في عيون عدة أشخاص في اسرائيل شيء من البلل فلم يكن ذلك بسبب مطر هطل. فقد ظهر البلل في عينيّ على الاقل حينما ظهرت في التلفاز صورة رئيس مصر السابق.
بدا لعيون الملايين في مصر وأنحاء العالم أداة مكسورة، ورجلا ذليلا، وغبار انسان. مريضا، مستلقيا في سرير، مغطى بغطاء، يطرف بعينيه ويهمس من وراء قضبان السجن. أين الشفقة؟ ان عيونا غربية تنظر الى هذا المقام وتتساءل: كيف يضعون رجلا شيخا مريضا داخل قفص، ذليلا امام عيون الجميع؟
ربما من رأى حسني مبارك في ذروة مجده يستطيع أن يدرك عمق الذلة. فالرجل الذي حكم ثمانين مليونا من البشر، وحكم على آخرين بطرفة عين، والذي كانت في يديه القدرة على الخروج لحرب او صنع سلام بدا أمس كأنه تحقيق متطرف لمقولة "من الثريا الى الثرى".
سيكون من يقولون: ما الذي تأسون عليه هنا؟ فمبارك لم يكن حبيب صهيون. وكان مثل مئات ملايين العرب يسعده لو اختفينا عن الخريطة وعن عينيه.
لكنه مبارك نفسه الذي قرر بشجاعة ان يمضي على أثر سيده أنور السادات وان يختار طريق السلام. وقد فهم وعلم مشكلات الشعب المصري وقدر تقديرا صحيحا انه لا نهضة للشعب المصري من غير سلام مع دولة اسرائيل.
ربما كان مبارك مستبدا قاسيا وشخصا مخيفا لشعبه في الداخل. لكن هذا الرجل كان في الشرق الاوسط المتقلب جبلا صلبا وصخرة شبه وحيدة في ماء مائج. وظل يحفظ سور السلام حتى عندما اوشكت سفينة السلام ان تتحطم.
إن أولئك الحمقى الاسرائيليين فقط الذين يظنون انه يمكن تكرار نصر الايام الستة لن يأسوا لمضيه الى السجن. أما العالمون بالامور فسيشكرون له أكثر من ثلاثين سنة سلام والآلاف الذين يسيرون بيننا وفي شوارع القاهرة ولا ينامون تحت صفائح الحجارة في المقابر العسكرية.
وثمّ شيء ما شخصي هو أنه كان لي شرف ولذة لقاء مبارك عدة مرات. وقد رأيت أيام عظمته وشدة وطأته، كما ينبغي أن نقول. لم يكن ما نسميه "رجلا لطيفا". يبدو أن رجلا لطيفا لا يستطيع أن يحكم 85 مليون فم جائع. لكنه كان رجلا سليم العقل أراد الهدوء والسكينة لشعبه وكان مصريا فخورا. لهذا كان من المحزن جدا أن نراه أمسِ في هزيمته. ويبدو أننا نشتاق اليه بعدُ.