تحليل نفسي لشخصية (مبارك) خلال المحاكمة
فلسطين اليوم- وكالات
«تجمد عاطفى، وأسى وخيبة أمل، وجه يفصح عن عدم اكتراث وتسليم كامل ولامبالاة، ومبارك يمر بأقسى أنواع الاكتئاب شدة، ودعك الأنف المتكرر دلالة على الخجل والكذب».. تلك الكلمات هى قراءة خبراء للحالة النفسية التى ظهر عليها الرئيس المخلوع حسنى مبارك، بداية من حركات جسده وحتى نظرات عينيه، فى أولى جلسات محاكمته العلنية، أمس، وهو الظهور الأول له منذ تنحيه.
وقال أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس ورئيس الجمعية المصرية للطب النفسى أحمد عكاشة: «بدت على مبارك حالات الضعف والأسى وخيبة الأمل، والتجمد العاطفى، فوجهه يكشف عن لامبالاة، وهذا أقسى أنواع الأسى والاكتئاب الشديد»، مضيفا: «حالة مبارك خلال محاكمته تؤكد عكس ما صدر من تقارير طبية تؤكد على ضعفه، وفقدان وزنه، فما رأيته أن حالته عادية ولا يوجد تدهور جسدى كما نشر».
وقال عكاشة: لا شك أن المحاكمة هى من أصعب فترات حياته، وهى أن يجد نفسه بعد القوة والسلطة والمال، فى قفص حديدى يحاكم أمام الشعب، وهى المرة الأولى بعد 40 عاما سواء كرئيس أو نائب للرئيس».
واستطرد قائلا: «لكن المنطق والعقلانية تقول إنه يجب مساءلته ومحاكمته، خصوصا أنها محاكمة عادلة مدنية، ستنتهى بقضاء عادل بالإدانة أو البراءة، ويجب ألا نخلط بين العاطفة والمنطق فى مثل هذه الأمور».
وبين عكاشة بأنه سبق محاكمة رؤساء وقادة فى دول العالم المختلفة، ممن هم فى عمر مبارك أو أكثر عمرا، بينهم الرئيس السابق سوهارتو 86 عاما، وموجابى بزيمبابوى 85 عاما؛ فهناك من يرى أنه يجب مساءلته مهما كانت سنه، خصوصا ضلوعه فى قتل شباب الثوار».
وأكد المحلل النفسى، أن محاكمة مبارك العلنية والتى أصبحت أهم خبر يتناقله العالم أمس،محاكمة وطنية وعادلة، فهى تعطى قدوة لكل رؤساء العالم بوجود مساءلة للشعب، بما يدفعهم للحفاظ على حقوق شعوبهم.
أما حالة نجلى مبارك، علاء وجمال، فإن الاثنين حالتهما النفسية تبدو واحدة، وكان همهما هو والدهما وحراسته، والاثنان يشعران بخيبة أمل وأسى وذهول وعدم تصديق».
واتفق رئيس قسم الطب النفسى محمد المهدى، مع ما ذهب إليه عكاشة، وقال: رغم دخول مبارك محمولا على تروللى، فإن صحته الجسدية تبدو معقولة، ولا تبدو على مبارك علامات اكتئاب شديدة، فضلا عن أن وزنه جيد، ووجهه لا يبدو شاحبا، وحليق اللحية، وشعره مصبوغا».
ومضى يقول: بدا الرئيس السابق فى حالة تسليم كامل، ولامبالاة، ووضع يده اليسرى على جزء من وجهه محاولة لإخفاء وجهه عن عدسات الكاميرات، وينظر بعينيه بعدم اكتراث، ويطنطن ببعض الكلمات لا ندرى أهى أدعية أو حديث للمقربين منه».
ظهور مبارك غير مكترث بما يحدث، يفسره المهدى، بكبر سن مبارك، بما يجعل الاستجابات بطيئة، كما أن مبارك بطبيعته استجابته بطيئة، وردة فعله تأتى متأخرة.
وفى قراءته لوجهه، قال: لا يبدو عليه نظرة تحد، وملامح وجهه ونظرة العين لا تشير إلى أنه فى حالة هزال أو شحوب، يمكن أن يكون دخوله بالتروللى وحركته البطيئة ربما نصيحة من المحامين ليستجلب عطف وتعاطف الرأى العام داخل وخارج مصر».
وأشار المهدى إلى أن حركة مبارك بيديه الكثيرة على أنفه دلالة على «الخجل والارتباك والكذب».
أما عن نجليه جمال وعلاء مبارك، فقال: «جمال كان أكثر إصرارا ويقف متحديا، ويبدو متماسكا قدر الإمكان، أما علاء فإن حركته الكثيرة تعكس حالة القلق الشديد، موضحا: «طبيعة شخصية جمال بها نوع من التعالى والعجرفة، حيث كان يهيئ نفسه ليكون رئيسا، وهو ما جعله يتصرف بهذا الشكل، أما شقيقه فلم يحلم بكرسى الرئاسة ولم يمارس العمل السياسى».
ووصف المهدى محاكمة مبارك العلنية، باللحظة التاريخية، والتى خضع فيها مبارك لقوة الشعب والقضاء، ومن فوقهما قوة «الله» وتابع: «شاء الله للمستبد الذى تجبر على الجميع أن يقف هذا الموقف».
وختم قراءته للحالة النفسية لمبارك بالقول: «تلك نهاية الجبروت، فحين يطمع الإنسان فى كل شىء فإنه ينزع منه كل شىء».