خبر إذن من صفي هناك- هآرتس

الساعة 08:45 ص|28 يوليو 2011

إذن من صفي هناك- هآرتس

بقلم: يوسي ملمان

مرت خمسة أيام منذ التصفية في طهران، ولكن الغموض حول هوية المغدور لم يتبدد. رئيس البرلمان الايراني، علي لاريجاني، ادعى، بان من صفي كان عالم ذرة، ولكن الحكومة الايرانية ذاتها تملأ فمها ماءا.

على هذه الخلفية، والتقارير المتضاربة في وسائل الاعلام الايرانية، يتواصل عدم اليقين. فهل بالفعل صفي عالم ذرة يدعى د. درويش رزاي احبولة، ابن 46، من كلية الفيزياء في الجامعة في مدينة محافظة اردبيلي، كان يعمل أيضا في "منظمة الطاقة الذرية الايرانية" كما دعت في البداية بعض مواقع الانباء الايرانية الالكترونية – أم ربما من قتل كان طالب هندسة ابن 35 ويدعى درويش رزنجاد، لم تكن له أي صلة بالبرنامج النووي.

التصفية يوم السبت الماضي في طهران هي العملية الرابعة من نوعها في الاشهر العشرين الاخيرة في العاصمة الايرانية. سبقها ثلاث عمليات اغتيال ضد بروفيسوريين للفيزياء النووية كانوا على علاقة بالبرنامج النووي الايراني. اثنان، مسعود علي محمودي (في كانون الثاني 2010) ومجيد شحراري (في تشرين الثاني 2010)، قتلا والثالث، فرودان عباس – دواني، اصيب في تشرين الثاني 2010. وما أن شفي حتى عينه الرئيس محمود احمدي نجاد رئيس "منظمة الطاقة الذرية الايرانية".

لكل التصفيات قاسم مشترك. فهي ليست موجهة فقط ضد علماء يرتبطون بالبرنامج النووي الايراني بل ولا سيما تجاه من عملوا في المجال المسمى "مجموعة السلاح" (Weaponization) – المرحلة الاخيرة في انتاج السلاح النووي، في اطارها تركب المادة المشعة مع منظومة التفجير على المنشأة النووية (قنبلة، او رأس متفجر لصاروخ). كل الضحايا اطلقت النار عليهم قرب منازلهم، حين دخلوا سياراتهم أو شغلوها. نقطة مشتركة اخرى هي طريقة التنفيذ. دراجتان ناريتان تقتربان من الهدف تطلقان النار عليه من مسافة قصيرة أو تلصقان عبوات بالمركبات.

كل المؤشرات تدل على أن خلف العمليات تقف منظمة مصممة وجريئة، على ما يبدو منظمة استخبارات، لا تتردد في العمل في طهران ولديها قدرة على جمع المعلومات للعملية – عناوين الاهداف للتصفية، نمط حياتهم اليومي ومنظومة الحراسة حولهم – وكذا قدرة مثيرة للانطباع لاستخدام هذه المعلومات في عمليات تصفية.

ولكن بالذات لانه يبدو أن الحديث لا يدور عن قتل بالصدفة بل كجزء من طريقة، مطلوب بقدر أكبر نقاش جذري في مسألة من كان المقتول. فاذا كان المصفى بالفعل عالما نوويا كبيرا، فان المنظمة التي تقف خلف العملية يمكنها أن تسجل لنفسها نجاحا هاما آخر في الكفاح لضرب البرنامج النووي الايراني. ولكن اذا لم يكن المقتول عالما نوويا بل مجرد طالب هندسة بريء فان هذا يعد اخفاقا خطيرا ادى الى المس بشخص بريء، الى جانب المس بأحد الوسائل التي ثمة من يرى فيها أداة ناجعة في "سلة العقوبات" ضد ايران ومن يرتبط ببرنامجها النووي. مثل هذا الخطأ من شأنه أن يدفع من يقف خلف التصفيات الى اتخاذ القرار بوقفها، او على الاقل تأجيلها لفترة زمنية معينة.

في المنظمة المسؤولة عن العملية ستجرى تحقيقات، يتعين عليها ان تقرر لماذا وقع الخطأ ومن المسؤول عنه، بل وربما اقالة المسؤولين عنه. لاريجاني اتهم كما كان متوقعا الولايات المتحدة و "الصهاينة" بالمسؤولية عن التصفية. الناطقة بلسان وزارة الخارجية في واشنطن أعلنت يوم الاثنين: "نحن غير ضالعين". اما اسرائيل بالمقابل ففرضت على نفسها الصمت. وزير الدفاع، ايهود باراك، قال في بداية الاسبوع ان "اسرائيل لا تعقب".

دون ان نعزو العملية في ايران لمنظمة معينة، فان الفارق بين النجاح والفشل فيها هو كالفارق بين العمليات الفاشلة التي قامت بها الموساد في ليلهامر وفي عمان والعملية الناجحة المنسوبة للموساد في يالطا. في تموز 1973 في ليلهامر في النرويج صفى رجال الموساد على سبيل الخطأ نادل مغربي، بدلا من علي حسن سلامة، رجل ايلول الاسود. في ايلول 1997 في عمان مس رجال الموساد بخالد مشعل من حماس، ولكن جراء خطأ في التوجيه الجوي أُمسك بهما، واضطرت اسرائيل الى احياء مشعل الذي كان يحتضر الموت فساعدت بذلك بشكل غير مباشر على رفع مكانته ليصبح زعيم الحركة. في يالطا في تشرين الاول 1995 نجح مغتالون يركبون الدراجات النارية، زعم انهم من رجال الموساد، في تصفية د. فتحي الشقاقي، زعيم الجهاد الاسلامي الفلسطيني، وهكذا شلوا فعالية المنظمة على مدى بضع سنوات.

لاسرائيل، من خلال وحداتها الاستخبارية، تعزى منذ نحو خمسة عقود عمليات تصفية ضد خصومها. في الستينيات كانت محاولات لقتل علماء ألمان عملوا في خدمة مشروع الصواريخ المصرية. في السبعينيات والثمانينيات مات في ظروف غامضة علماء عملوا في خدمة البرامج النووية، الصواريخ والمدفع الاعلى لدى صدام حسين. كما أن زعماء لمنظمات ارهابية فلسطينية وارهابيين كبار صفوا في ذات العقود في عمليات تعزى للموساد.

ولكن بالتوازي يجري في الغرف المغلقة في أجهزة الاستخبارات نقاش يقظ في مسألة كم هي عمليات التصفية ناجعة وهل تحقق أهدافها. لا يوجد على ذلك جواب قاطع لا لبس فيه، ولكن للمؤيدين لسلاح التصفية واضح أن هذا سلاح المخرج الاخير ويجب التقليل من استخدامه. اذا تبين أنه في طهران قتل الشخص غير المناسب، فان هذا الجدال سيعود بقوة أكبر. في كل الاحوال، حتى لو لم يكن وقع خطأ في التشخيص مشكوك جدا أن يكون في ذلك ما يمنع ايران من الوصول الى سلاح نووي. معظم الخبراء متفقون في الرأي على ان الحسم في هذا الموضوع هو للقيادة الايرانية وعلى رأسها الزعيم الاعلى علي خمينئي. فاذا ما وعندما يأمر علماءه بتركيب قنابل نووية، ستصبح ايران القوة العاشرة في النادي النووي.