خبر ما لا يفهمه نتنياهو.. معاريف

الساعة 02:44 م|27 يوليو 2011

بقلم: روتي سيناي

(المضمون: مع كل يوم يمر، يتبين أكثر فأكثر بان الكفاح في سبيل سكن قابل للتحقق يطوي في داخله على احتجاج أوسع. وقد عبر المتظاهرون عن ذلك بانفسهم في الايام الاخيرة عندما بدأوا يطلقون الدعوات للعدالة الاجتماعية - المصدر).

"أيها المواطنون الاسرائيليون. أقف أمامكم هذا المساء، وكلي خجل، فاني حتى الآن ببساطة لم أفهم. لم أفهم بأنه رغم أن معطيات البطالة تنخفض، فان مداخيلكم لا ترتفع. لم أفهم بأن غلاء المعيشة ينمو بسرعة أكبر مما ينمو الاقتصاد. لم أفهم بانه رغم أننا نبني في مناطق الوسط عشرات أبراج الشقق مع برك السباحة والمداخل المرصعة بالرخام، فان أكثر من 30 في المائة منكم يعيشون بالايجار الذي لا يتوقف عند الضوء الاحمر. سامحوني".

هذا، بالطبع، الخطاب الذي لن تسمعوه من بنيامين نتنياهو، لان بنيامين نتنياهو حقا لا يفهم. قبل أربعة اشهر، في ذروة كفاح العاملين الاجتماعيين الذي عطل خدمات الرفاه لاكثر من مليون شخص، اجريت مقابلة مع نتنياهو بالبث الحي وكانت تستهدف يهود الولايات المتحدة. لدينا دولة واحدة فقط في قلب الشرق الاوسط، بدون هزات، بدون مظاهرات، لاننا الديمقراطية الحقيقية الوحيدة في المنطقة"، قال بالانجليزية، بحماسة واضحة. "الارض تهتز من الهند وحتى المغرب... والمكان المستقر الوحيد هو هذه الديمقراطية، الدولة المتطورة، الدولة المزدهرة التي لها جيش قوي لان لها مجتمع قوي".

لم يتوقع أحد الهزة الارضية التي ألمت بالمجتمع الاسرائيلي في الاسابيع الاخيرة، ولكن الاعتداد الذي عرض به رئيس الوزراء وضع اسرائيل في ذاك البث يعكس كونه منقطعا بقدر مقلق عن الواقع. وقد وجد الامر تعبيره ايضا في خطط السكن والمواصلات التي عرضها أمس. يحتمل أن تنفذ بعضها ويحتمل أن تنخفض أسعار السكن قليلا، في وقت ما. ولكن الاحتجاج يتحرك بوتيرة أسرع من نقرات لوح مفاتيح واضعي الخطط وكاتبي الخطابات لرئيس الوزراء. مع كل يوم يمر، يتبين أكثر فأكثر بان الكفاح في سبيل سكن قابل للتحقق يطوي في داخله على احتجاج أوسع. وقد عبر المتظاهرون عن ذلك بانفسهم في الايام الاخيرة عندما بدأوا يطلقون الدعوات للعدالة الاجتماعية.

مشوق أن نعرف ماذا فكر رئيس الوزراء عندما سمع المتظاهرين يهتفون: "الشعب يريد العدالة الاجتماعية"، و "قدس الغلاء والغنى والمال". هل تذكر بان اسرائيل تأتي في أعلى السلم – في المرتبة الخامسة من أصل 34 دولة في الـ OECD ، من حيث مستوى عدم المساواة في أوساط مواطنيها؟

ربما من المجدي له أن ينعش ذاكرته: "الجداول تشير الى ارتفاع عدم المساواة، الامر الذي يجد تعبيره سواء في تحسن وضع الطبقات العليا أم في تفاقم وضع الطبقات الدنيا... الارتفاع في عدم المساواة ميز معظم الدول المتطورة في العقدين الاخيرين، ولكن مستواه في اسرائيل... هو بين الاعلى في الدول المتطورة... فضلا عن ذلك، ففي دول الـ OECD كان أساس الارتفاع في عدم المساواة في العقد الذي بين منتصف الثمانينيات ومنتصف التسعينيات بينما في العقد التالي لذلك خفت حدة ارتفاعه في معظم الدول بل ان عدم المساواة تقلص في بعضها".

خلافا للتوصيفات المختلفة والمتنوعة التي تطلق عن هوية الذين يقفون خلف الاحتجاج الاجتماعي، فان هذه الامور لم يكتبها اليسار السياسي، بل وليس معارضو بنيامين نتنياهو أو وسائل الاعلام التي تمثل مصالح أصحاب رؤوس الاموال. الكُتّاب هم اقتصاديو بنك اسرائيل.

من تحت الحمالة

لنتنياهو توجد محبة خاصة للنكات. "أمس طلبت من الوزراء النزول تحت الحمالة واليوم يمكنني أن اشكر الوزراء، النواب ورؤساء اللجان واقول انه بدأ الحال يزدحم تحت الحمالة"، قال لي أعضاء كتلته. نتنياهو يشهد على نفسه انه شخصّ منذ زمن بعيد مشكلة السكن (من الصعب قليلا الا نرى ارتفاعا بمعدل 43 في المائة في متوسط السكن منذ صعد الى الحكم، أليس كذلك؟) وكذا حدد المذنب الرئيس: مديرية أراضي اسرائيل حيث يعمل اناس اشرار يمنعون "تحرير" الاراضي الوطنية للبيع والبناء.

نتنياهو يقول الحقيقة عندما يروي بانه منذ ان كان وزيرا للمالية حسم أمره لتصفية هذا الهدف. بهدوء، بهدوء، بعيدا عن عين الجمهور نجح هو ووزير الاسكان ارئيل اتياس ورئيس شاس ايلي يشاي في أن يقروا قبل سنتين قانونا يصفي المديرية ويقيموا بدلا منها سلطة حكومية مهمتها الرئيسة تسويق الاراضي. كما أن الاصلاح في المديرية يبعد أيضا ممثلي الجمهور عن مجلس اراضي اسرائيل – الهيئة المسؤولة عن تحديد سياسة الاراضي ويزيد حجم الاراضي الخاضعة للخصخصة. والان، بذريعة انهم ملزمون بالاستجابة لمشاعر الشعب، والسماح للبناء بالازدهار، فسيستكمل تنفيذ الخطوة وسيكون بوسع المستحدثين الاحتفال على الاراضي المخصخصة.

ومع ذلك، نقطتا نور: نتنياهو قرر، على ما يبدو، عدم التضحية بوزير ماليته على مذبح التزلف للشعب والديماغوجيا. عوفر عيني تذكر، على ما يبدو، بان الهستدروت ليست فقط اتحادا مهنيا وأن لها ايضا دورا اجتماعيا في الدولة.