خبر دولة على حمالة جرحى -يديعوت

الساعة 09:31 ص|26 يوليو 2011

دولة على حمالة جرحى -يديعوت

بقلم: ايتان هابر

(المضمون: القاسم المشترك الذي يوحد المتظاهرين من أطراف مختلفة في المجتمع الاسرائيلي هو فقدان الأمل وأن الاسرائيليين لا يعرفون الى أين يقودهم رئيس الحكومة ووزراؤه – المصدر).

        يعلم كل من حمل ذات مرة حمالة جرحى فوق كتفيه القاعدة الأهم التي تمكن الأقدام الفاشلة ايضا من الوصول الى الهدف وهي مساواة الارتفاع في الحمل. لا يمكن حمل حمالة جرحى مع جريح حقيقي (أو متوهم) دون الحرص طوال الوقت على أن تبقى الحمالة في نفس الارتفاع. لا يجوز الفشل. فكل زلة قدم حتى لو كانت واحدة تسقط الجريح. وربما لا ينتعش بعدها أبدا.

        جر رئيس الحكومة تشبيها من المعجم العسكري الذي يحبه فقد شبه الوضع الاجتماعي في الدولة بحمالة الجرحى تلك في الجيش الاسرائيلي التي حملها كثيرون منا في ضيق نفس في صعود جبل. دعا بنيامين نتنياهو وزراءه الى الدخول تحت حمالة الجرحى للمساعدة على نقل الجريح الذي يستلقي فوق الحمالة. بيد أن نتنياهو لا يخطر في باله انه هو الجريح فوق الحمالة. إن نتنياهو يتوقع من وزرائه الثمانية والعشرين أن يعرفوا كيف "يجرونه" للوصول بسلام الى محطة جمع الجرحى القريبة. وفي حالتنا فانه فضلا عن أن حملة الحمالة ليسوا في ارتفاع متساو، كل واحد منهم يسحب الحمالة الى اتجاه آخر.

        لا يوجد اليوم تفسير واحد دقيق لما يحدث في هذه الايام في دولة اسرائيل. فلكل خبير ومحلل تفسير يخصه. وإن الحاصل العام للتحليلات والمواعظ والتفسيرات يفضي الى استنتاج واحد وهو ان جمهورا كبيرا وفيه كثيرون صوتوا لليكود ونتنياهو في الانتخابات الاخيرة يشعر بعدم الارتياح، هذا اذا لم نشأ المبالغة، وبكلمات أشد وألذع نقول إن هناك قلقا كبيرا بل خوفا من الامور الآتية في المجال السياسي والمجال الامني وفي المجال الاقتصادي ايضا. يعبر الجمهور عن هذا القلق الباهظ في المجال الأقرب الأسهل عليه ألا وهو المجال الاقتصادي الاجتماعي.

        من السهل جدا الاحتجاج على كل ما يعرض مثل اسعار الكوتج والكهرباء ووضع السكن ووضع الطب العام واسعار الحليب بالنسبة لاصحاب الحظائر. إن هذا الاحتجاج المدني الذي بدأ من لا شيء تقريبا يُذكرنا – واعذروني على المقارنة المثيرة للقشعريرة – بكارثة الحريق في الكرمل. فقد أشعل شخص ما نارا ضئيلة كان يمكن اطفاؤها بأنبوب ماء حديقة. لكن اهمال سنين وحكومات مختلفة وعلاجا فاشلا مفشلا للحريق نفسه أحدثت كارثة وطنية.

        يختلف المتظاهرون هذه المرة عن أسلافهم طوال السنين والأجيال. فاولئك الاطباء الشبان من ايخيلوف وسوروكا ومن يعوزهم السكن من جادة روتشيلد، واولئك المواطنون المحتجون على رفع اسعار الكهرباء في حيفا – هم لباب الدولة وملح الارض والمواطنون الذين تتكيء دولة اسرائيل على أكتافهم.

        كانوا يُعدون الى الاسبوع الماضي "الأكثرية الصامتة". لكن هذه "الأكثرية الصامتة" تنظر الى بعيد. وهي تعرف كيف تفكر وتربط حادثة بحادثة، وتستمع الى كلام قادتنا والقادة الاجانب. وهذه "الأكثرية الصامتة" لا تنام جيدا في الليل وتسأل الحكومة: الى أين نمضي؟ الى أين تقودوننا؟ انها "الأكثرية الصامتة" تلك التي تعيش عيشا غير سيء (حتى بفضل دعم الآباء).

        وانها "الأكثرية الصامتة" التي نراها في المسارح والحفلات الموسيقية التي ليست أصابعها موسخة بالسخام، لكن عليها ثآليل من الطبع الكثير على الحاسوب. انها من اولئك الأبناء والبنات الذين يريدون أن يسمعوا من أفواه قادتنا كلمات أمل وأفق بعيد ومستقبل. بنين وبنات ضاقوا ذرعا بالعروض الاعلامية حينما يُقدم الينا ستة جنرالات تقارير عن "سيطرة" على قارب، وكل خاطرة غبية تصبح "اصلاحا بعيد المدى لم يكن له مثيل في تاريخ دولة اسرائيل".

        ما الذي يوحد المتظاهرين لمواجهة اسعار الكوتج من ميغا بول في جفعتايم مع جراحي البروستاتا من مستشفى مئير في كفار سابا؟ ليس عندنا الآن تفسير جيد لهذا السؤال سوى التفسير البسيط الذي يمزق القلب وهو أن القاسم المشترك هو فقدان الأمل وارتفاع مستوى القلق. إن التوقعات من رئيس الحكومة ووزرائه تتجاوز الاحزاب والآراء والعقائد.

        لا يوجد هنا يسار ويمين. فنحن جميعا قلقون. اننا نحن جميعا من لا نريد أن "يحملونا" فوق حمالة الجرحى.