خبر أين كنا؟..هآرتس

الساعة 08:09 ص|25 يوليو 2011

بقلم: عكيفا الدار

"أبي في أي جانب كنت عندما باعوا الدولة؟" يصرخ طفل في لافتة احتجاج في ميدان سنتغما في أثينا. شدت اللافتة انتباه صاحب العمود الصحفي توماس فريدمان من صحيفة "نيويورك تايمز"، الذي أتى اليونان ليتغلغل في عمق الازمة الاقتصادية – السياسية التي تصيب الدولة. ان الشابات والشباب الذين ساروا في مسيرة أول من أمس من ميدان "هبيما" يجب أن يسألوا أين كنا نحن، اباءهم عندما باع الساسة دولتهم؟ لا، يا دفني ليف العزيزة، من المبادرات الى احتجاج السكن، ليس بيبي وحده مع سياسته الهوجاء التي ليست فيها مسؤولية هو الذي دفعكم الى الهاوية. بل نحن أيضا. آباءكم وامهاتكم، الذين وقفنا جانبا.

"إن اباءنا، اباء ابناء القشدة، وابناء جيل، البيبي بوم"، أطفال أمل منتصف نهاية الاربعينيات، انشأوا دولة يهودية وديمقراطية مجيدة. إن اجدادكم وجداتكم بنوا مدنا، وعبدوا شوارع، وصاغوا مؤسسات حكم وتعليم وصحة ورفاهة. واستوعبوا مهاجرين (أجل، اخطأوا ايضا) وعززوا الامن في مواجهة تهديدات من الخارج. وبفضل القوة العسكرية والعظمة الاخلاقية التي منحنا اياها اباؤنا وامهاتنا وكثير منهم نجوا من الكارثة، حسمت اسرائيل خلال ستة أيام معركة عسكرية في ثلاث جبهات. وفي الغد من ذلك النصر قالوا لنا أنهم ينتظرون مكالمة هاتفية من العرب. ووعدونا بانه عندما يمد الجيران أيديهم للسلام فسنعيد الاراضي اليهم؟ نحن نقف جانبا منذ ذلك الحين في حين يبيعونهم السلام من أجل الاراضي. لم نخرج الى الشوارع عندما أدارت غولدا مائير ظهرها لانور السادات والملك حسين. وبقينا في البيوت عندما رد اسحق شمير اتفاق لندن مع الاردنيين والفلسطينيين. ولم نحافظ على اسحق رابين وعلى اتفاق اوسلو. ووقفنا جانبا عندما ركب نتنياهو الامواج العكرة للارهاب العربي في طريقه الى ديوان رئيس الحكومة. وقبل كثير منا باستسلام اكذوبة "لا يوجد شريك" من ايهود باراك وقبل في توق انسحاب ارئيل شارون من قطاع غزة غير اتفاق مع الطرف الفلسطيني. وصرفنا العناية عن مبادرة السلام التاريخية في الجامعة العربية التي ستتم قريبا عشر سنين.

نحن نرسل ابناءنا واحفادنا قريبا أيضا منذ 44 سنة ليدافعوا باجسامهم عن قطعة أرض ليست أرضنا. رفض قليلون جدا يستطيع غلام صغير أن يعدهم الخدمة في المناطق. وفي السبعينيات قلبنا بعدم اكتراث صفحة الصحيفة مع صورة وزير الدفاع شمعون بيرس وقد تشرف بغرس اول شجرة في عوفرا. وسمعنا في عدم مبالاة بقراره على انشاب مستوطنة ارئيل كعظم في حلق الفلسطينيين.

إن اسرائيل، بسبب تمسكها بيتسهار وكريات أربع في قلب المناطق المحتلة تنفق من المال على الامن والشوارع والدعاية أكثر مما تنفذ على الاسكان والتعليم والصحة. وقد كشف تقرير "هآرتس" – "كلفة المستوطنات"، الذي نشر في ايلول 2003 عن أن الكلفة المدنية الشاذة للمستوطنات هي 2.5 مليار شاقل كل سنة على الاقل. ويتوقع ان تقف كلفة اطالة جدار الفصل بسبب مستوطنات على أكثر من ثلاثة مليارات شاقل. ان المعدل السنوي للتكاليف العسكرية لتمسك الجيش الاسرائيلي بالارض يقف على 2.5 مليار شاقل كل سنة.

ان المعطى الذي نشره في الاسبوع الماضي معهد القدس لبحوث الاسواق ومؤداه ان الاسرائيليين يدفعون من الضرائب على الشقق أكثر من نظرائهم في الدول الصناعية المتقدمة بـ 75 في المائة ليس معطى اقتصاديا يتصل بوضع ساكني الخيام في جادة روتشيلد فقط، بل هو معطى سياسي واضح. كان يمكن بدل صرف جزء كبير من اموال الضرائب هذه الى تطوير المستوطنات خفض الضريبة الباهظة المفروضة على فرع العقارات. ان قرار حكومة رابين في 1992 على تحويل ميزانيات للبناء العام من المستوطنات الى داخل اسرائيل، وقرار حكومة نتنياهو في 2009 على منح المستوطنات منزلة منطقة تطوير أ كما قراران سياسيان. يجب على دفني ليف ورفاقها كي لا يجلس اولادهم بعد عشرين سنة في خيمة في ميدان المدينة ويسألوا "أمي في أي جانب كنتِ حينما باعوا الدولة" يجب عليهم ان يفهموا ان السياسة هي اسم اللعبة.