خبر ستكون إسرائيل متسادا لهم- هآرتس

الساعة 08:15 ص|17 يوليو 2011

ستكون إسرائيل متسادا لهم- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

سيستطيع المستوطنون بعد وقت قصير أقصر مما حلموا به، العودة الى الوطن. أي الى المكان الذي سيمكنهم فيه في نهاية الامر الشعور بأنهم في وطنهم. ستكون هذه دولة على صورتهم وهيئتهم. دولة تكون الشريعة اليهودية فيها هي القانون، ويكون رجال الدين قضاة ورجال الشرطة خُدامهم. دولة يهودية كما ينبغي. لن يضطروا بعد الى التنكر في زي مخلصي البلاد أو مجددي الاستيطان الصهيوني أو حفظة حدودها من الغزاة. سيستكملون احتلال اسرائيل.

يجدر اذا أن ننزع القبعة أمام تلك الأقلية الجالية من سكان المنحدرات الصخرية والبيوت المدعومة، ممن نجحوا من مكان جلائهم في فرض ارادتهم على الدولة الأم وصوغ صورتها وتحديد قوانينها وميزانيتها وسياستها الخارجية واحاطة مواطنيها بسلك الفاشية. كما هي الحال في سوريا، تتقدم اسرائيل سريعا الى وضع تسيطر فيه الأقلية على الأكثرية التي يطلب اليها ان ترقص على أنغام ناي مجموعة مستبدة عظيمة القوة يلوح ناسها بقيمهم الهاذية كما يلوحون بالفؤوس – ولا يهددون فقط بل يحولون دولة كاملة الى صورة هم كهنتها. في أية دولة اخرى غير هذه تستطيع أقلية تبلغ 5 في المائة أن تحدد شكل حياة 7 ملايين مواطن؟.

إن علامات الطريق التي أفضت الى انشاء دولتهم موزعة على طول سني تآمرهم الـ 44. يقوم بعضها صدئا معوجا مثل اشارات تثير فضول علماء الآثار السياسيين؛ واخرى ما تزال طرية وهاجة مثل قانون القطيعة وقانون النكبة والاعتراف بالمكانة الجامعية لمعهد اريئيل وقانون الولاء وقانون لجان القبول التي ستصبح بعد زمن غير طويل عادة ونهج حياة وكأنه لم توجد حياة مختلفة قبل ذلك. ستصبح الديمقراطية آنئذ ظاهرة قديمة، وذكرى للعضو الذي بُتر.

عرف "المشروع الاستيطاني" كيف يتنكر. توسل المستوطنون للحصول على بضع ساعات فقط للصلاة في مغارة الماكفيلا، ولتنظيف الكنيس في الخليل، وللحصول على حي صغير حميم في كريات اربع، وبؤرة استيطانية وشارع يصلها فقط. وكما هي الحال في اجراء تضليل عسكري قبل "العدو" – أي حكومات اسرائيل واعضاء المركز – اليسار في الكنيست، وحركات الباحثين عن السلام – الخطة التنكرية وكأنها الحقيقية. كان يبدو في ظاهر الامر ان كل ما يطمح اليه المستوطنون أن يزيدوا "فقط" عددهم ومنطقتهم الخاصة، وقد نجحوا في اقناع معارضيهم (أو في اسقاطهم في الشرك في الواقع) بأن الخلاف مناطقي. لانه ما ظل البناء لب القضية فلن ينتبه أحد الى حركة الاحتلال الحقيقي الذي خططوا له – أعني احتلال دولة اسرائيل.

لم يعد يهمهم الآن أن يمزقوا القناع عن خطتهم. فبيت أكثر أو أقل في عاليه أو يوفال أو عوفره غير مهم. فسيبنى أصلا. يجب الآن جعل ارض الجلاء وطنا. أن تُحتل من أيدي الغرباء الذين ما يزالون فيها وجعل الدولة الأم تابعة.

يمكن أن نخمن كيف كان سيرد اسرائيليون كثيرون لو أن الجالية اليهودية في الولايات المتحدة حاولت أن تقول للحكومة كيف تسلك وأي سياسة تتخذ وأي قيم ليبرالية تتبنى. لكن يهود الولايات المتحدة لم يتجرأوا على التدخل، شعروا بأنهم ضعاف إزاء الأبطال الذين يحمون الملاذ اليهودي الوحيد في العالم. وسدوا آذانهم ايضا عندما أدركوا ان هذا الملاذ لا يمكن أن يخدمهم في الحقيقة. لم تعد قيم تلك الدولة قيم اولئك اليهود، ولم يعد حلم مستوطنيها هو حلمهم. هكذا أخلت الجالية الامريكية مكانها للجالية الاخرى العسكرية القاضمة التي تملي على مبعدة كيلومترات معدودة، لكن من أعماق الهاوية، قيم دولة اسرائيل الجديدة.

هذه هي القيم التي تستورد الى اسرائيل من المناطق والتي حظيت بحماية القانون. لانه لم تكن في المستوطنات حاجة الى القانون لابعاد السكان العرب عنها برغم ان الحديث عن اراضي الدولة؛ ولم تكن في المستوطنات حاجة الى قانون النكبة – فقد استُعمل بقوة الذراع، ومن المؤكد أن قانون الولاء غير ذي صلة – لان مواطني اسرائيل هم الذين يطلب اليهم أداء يمين الولاء للمستوطنات لا العكس؛ والآن قانون القطيعة الذي يقضي بغلبة المستوطنات على مصالح الدولة الأم.

تحقق اسرائيل الآن حلم المستوطنات الحقيقي. ستكون متسادا من اجلها وستوافق اذا احتاج الامر على الانتحار من اجلها.