خبر غزة: المواطنون يفتقدون الأمل رغم وفرة السلع في الأسواق

الساعة 05:48 ص|02 يوليو 2011

غزة: المواطنون يفتقدون الأمل رغم وفرة السلع في الأسواق

فلسطين اليوم- رويترز

إذا استطاع النشطاء المؤيدون للفلسطينيين على غير المتوقع تجاوز الحصار البحري الإسرائيلي على قطاع غزة في الأيام القادمة، فإنهم قد يندهشون مما سيرونه في القطاع الذي تديره حركة "حماس" حين يصلون إليه.

سيجدون أن تمهيد الطرق جار على قدم وساق وأيضاً بناء المنازل، كما سيجدون سيارات جديدة في الشوارع المزدحمة، أما المتاجر فتمتلئ بالمنتجات المتنوعة، حتى مشكلة البطالة المستمرة منذ فترة طويلة بدأت تتحسن قليلاً، ما يرفع من مستوى المعيشة لقلة محظوظة.

وقال كارم حسون وهو عامل بناء "لقد مكثت دون عمل من عام 2007 ولكنني اليوم اختار ما أريد عمله. الحياة ابتسمت مرة أخرى لي ولأطفالي السبعة".

لكن المشهد وراء مواقع البناء والسيارات الفاخرة القليلة واضح، فالواقع اليومي القاتم للحياة اليومية في غزة يقول إن أكثر من 70 في المئة من السكان مازالوا تحت خط الفقر بعد سنوات من العزلة والصراع والحرمان.

وللعام الثاني على التوالي يتجمع نشطاء دوليون في البحر المتوسط في مجموعة متعددة من السفن ويعتزمون تحدي الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل على القطاع الساحلي الذي يصفونه بأنه غير قانوني ولا إنساني.

وفي العام الماضي قتل تسعة نشطاء أتراك حين اعتلت القوات الإسرائيلية سفينة متجهة الى غزة كانت في طليعة قافلة سابقة. وتقول إسرائيل ان جنودها تصرفوا في إطار الدفاع عن النفس وان حصارها يهدف الى منع وصول أسلحة إلى حركة حماس التي ترفض نبذ العنف.

لكن في مواجهة موجة غضب دولية لسقوط هؤلاء القتلى خففت إسرائيل من حصارها ما دعم اقتصاد غزة المتعثر ومكن الحكومة الإسرائيلية من أن تقول ان محاولة كسر الحصار البحري تحركها أغراض سياسية أكثر منها مخاوف إنسانية.

ويرى سكان غزة الأمور بشكل مختلف. وفي حين يتفقون على أن هناك كميات أكثر كثيراً من السلع على أرفف المتاجر فان الشيء الوحيد الذي لا يزال شحيحاً هو الأمل في المستقبل في قطاع ينتمي ثلثا سكانه لعائلات من اللاجئين، ويبلغ عدد سكان القطاع 5ر1 مليون نسمة.

وقال عمر شعبان وهو خبير اقتصادي معروف "بلا شك غزة هي عبارة عن سجن. ربما أحوال السجن تحسنت ولكنه يبقى سجنا". وأضاف "بالتالي تظل آمال الناس في مستقبل أفضل تصطدم بالواقع وستبقى معلقة الى أن تنهار جدران السجن".

ويجري نقل ما يقرب من ستة آلاف طن من الأغذية والوقود والإمدادات الأخرى الى قطاع غزة يومياً عن طريق إسرائيل. لكن من بين المواد التي ترفض إدخالها بشكل متكرر الاسمنت وحديد التسليح، وهما مادتان لازمتان للمساعدة في إعادة الإعمار بعد الحملة العسكرية التي شنتها اسرائيل ضد قطاع غزة في شتاء عام 2008- 2009.

وتقول اسرائيل انه اذا لم تكن هاتان المادتان موجهتين الى مشاريع محددة تحت رعاية اجنبية فربما تستخدم في اقامة خنادق وتصنيع أسلحة. وساعدت مصر جارة غزة تحت حكم الرئيس السابق حسني مبارك في فرض الحصار.

لكن الثورة المصرية التي اندلعت مؤخراً أدت الى تراجع الإجراءات الأمنية في سيناء ما سمح للمهربين بإدخال المزيد من المؤن عن طريق الأنفاق وهو ما يساعد في إعادة إعمار البنية التحتية لغزة.

ويقدر علاء الرفاتي وزير الاقتصاد في حكومة غزة أن ما يصل الى 14 ألف عامل عادوا الى العمل في قطاع البناء في الأشهر القليلة الماضية وأن نحو ألف مصنع معظمها مشاريع عائلية صغيرة استأنفت نشاطها.

ويعتقد الرفاتي أن نسبة البطالة انخفضت الى نحو 25 في المئة، في حين أن وكالة الغوث "الأونروا" تقدر الرقم بنسبة 2ر45 في المئة.

وقال الرفاتي "نحن لا نقول ان الحصار قد انتهى ولكنه فشل في تحقيق أهدافه الوضع في غزة هو ان الناس يرفضون أن يعترفوا ويسلموا بالحصار وإنما يتحدونه بالوسائل القليلة التي يمتلكونها".

وتبدو قلة الوسائل واضحة في أية ورشة او موقع بناء تقريباً. وقطع الغيار شبه منعدمة في حين أن القرميد ومواد البناء قد تحملها عربة يجرها حمار كما تحملها شاحنة او جرافة.

ومما يفاقم المشكلات انقطاع الكهرباء بشكل متكرر عن القطاع ذي الكثافة السكانية العالية اذ تنقطع لما يصل الى ثماني ساعات في اليوم، وهو ما يزيد الوضع سوءاً في ظل حرارة الصيف الشديدة والرطوبة.

وقال الخبير الاقتصادي شعبان "أيضا لا يوجد أي عملية تصدير حقيقية وبالتالي لا يمكن ان تتحقق عملية انعاش اقتصادي. حرية الناس في الحركة مقيدة ومعظم أهالي غزة لا يستطيعون مغادرتها ان أرادوا".

وقالت مصر الشهر الماضي انها ستخفف من القيود على سفر الفلسطينيين لكن هذا لم يحدث أثراً يذكر حتى الان. كما أنه من شبه المستحيل أن يدخل أبناء غزة اسرائيل او ينتقلوا الى الضفة الغربية التي يوجد للكثيرين أصدقاء وأقارب بها.

والوسيلة الوحيدة تقريبا حتى يدخل سكان غزة الى اسرائيل هذه الأيام هي أن يكونوا في حالة مرضية سيئة وبحاجة الى رعاية طبية عاجلة.

وقال محمود ضاهر مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في غزة ان نقص الأدوية والمعدات الطبية بلغ مستوى "لم يسبق له مثيل" ما فرض إلغاء بعض العمليات وإجلاء المرضى، غير أنه لا يمكن الإلقاء باللائمة في هذه المشكلة على اسرائيل مباشرة.

وقال ضاهر ان السببين الرئيسيين هما عدم سداد السلطات الفلسطينية مستحقات الموردين في موعدها، وعدم التعاون بين السلطات الصحية في الضفة الغربية التي تسيطر عليها حركة فتح وغزة التي تديرها حركة حماس.

وأعلنت حركتا حماس وفتح عن اتفاق مفاجئ للمصالحة منذ شهرين. ومنذ ذلك الحين تعثرت محاولات تطبيق الاتفاق ما أصاب الفلسطينيين بخيبة أمل إذ يريدون تحقيق الوحدة الفلسطينية.

وقال علي محمد (46 عاما) وهو فني هواتف وأب لأربعة أبناء "كما يقولون ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. الأمل أهم ولكننا فاقدين الثقة بالمستقبل بسبب الانقسام المستمر بين صفوف قيادتنا".

وأضاف "بسبب عدم الرغبة لدى قادتنا للتوحد فان حلمنا الكبير في إقامة دولة أصبح معلقاً وأصبح جل همنا وأملنا هو تسهيلات على المعابر".