خبر أزمات غزة تدحض مزاعم الاحتلال « انتهاءَ الحصار »

الساعة 08:09 ص|29 يونيو 2011

أزمات غزة تدحض مزاعم الاحتلال انتهاءَ الحصار

فلسطين اليوم – وكالات

تعاني غزة حاليًا أزمات مركبة؛ أزمة دواء وأزمة معابر وأزمة سيارات، ويبقى معبر رفح البري مع مصر الأزمة القديمة الجديدة التي يعاني منها سكان قطاع غزة، إذ يعكس واقع حركة المسافرين على المعبر أن إعلان مصر عن فتح المعبر بشكل دائم ومنح الفلسطينيين تسهيلات على حركة التنقل من وإلى القطاع ليست سوى "أوهام"، بحسب وصف مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان الناشطة في قطاع غزة.

وتقول "الضمير" ومسافرون فلسطينيون إنه لا تغيير يُذكر على الإجراءات التي تتبعها السلطات المصرية في معبر رفح، وإنه لم يطرأ أي جديد على هذه الإجراءات البطيئة والمعرقلة عقب ثورة 25 كانون ثاني التي أطاحت بنظام الرئيس المصري حسني مبارك، ولا تزال السلطات المصرية تتعامل مع قطاع غزة كحالة أمنية.

ويعتقد كثيرون أن مصر تسرعت بإعلان فتحها المعبر بشكل دائم ومنح التسهيلات لسكان قطاع غزة، وقد واجهت ضغوطًا كبيرة عقب ذلك، ولا يمكنها التخلص من هذه الضغوط وتطبيق ما وعدت به في ظل استمرار سيطرة حركة "حماس" على القطاع، وأن الأمر كله بات مرتبطا بتطبيق اتفاق المصالحة وتشكيل الحكومة الجديدة، التي تتيح عودة قوات أمن فلسطينية موحدة للعمل على المعبر.

وتبدو الصورة أكثر مأساوية على معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر التجاري الوحيد الذي أبقت عليه سلطات الاحتلال مفتوحًا من بين ستة معابر أخرى، فالمؤسسة الاسرائيلية تواصل خداع العالم منذ إعلانها إدخال تسهيلات على المعابر التجارية مع قطاع غزة مطلع حزيران من العام الماضي، استجابة لضغوط دولية، عقب المجزرة التي ارتكبتها في حق سفن "أسطول الحرية" في 31 أيار من العام الماضي، وأدت إلى استشهاد تسعة متضامنين أتراك وإصابة العشرات.

ويمكن ضرب المثال بالسيارات كدليل على التعقيدات الإسرائيلية على المعبر، فالمؤسسة الاسرائيلية وضعت السيارات على قائمة السلع والبضائع المسموح بدخولها إلى القطاع في إطار التسهيلات "الواهية"، من دون أن تحدد عدد معين، لكنها في واقع الأمر، زادت من معاناة سكان القطاع، وضاعفت من خسائر المواطنين وتجار السيارات على حد سواء، عبر سماحها بدخول 40 سيارة فقط على دفعتين أسبوعيًا، الأمر الذي أدى إلى ثبات أسعار السيارات الخيالية، بما يفوق سعرها في بلدانها الأصلية بضعفين أو أكثر.

وبحسب جمعية تجار السيارات فإن حوالي ثلاثة آلاف سيارة تنتظر دورها في الموانئ الإسرائيلية للدخول إلى قطاع غزة، كلفتها حوالي مائة مليون دولار، إضافة إلى مائة مليون دولار قيمة جمرك هذه السيارات، وهي بمثابة رؤوس أموال مجمدة للتجار، فضلًا عن تحمل التجار رسوما "أرضية" تقدر بحوالي 300 ألف دولار شهريًا تجبيها سلطات الاحتلال عن السيارات الرابضة في الموانئ.

وتدعي سلطات الاحتلال أن معبر كرم أبو سالم غير مؤهل لاستيعاب أكثر من 20 سيارة، في حين أن واقع الحال يشير إلى عكس ذلك، فالبنية التحتية والإمكانات المتوفرة في المعبر تؤهله لاستيعاب أعداد مضاعفة من السيارات يوميًا، ولو سلمنا جدلًا بصدقية ادعاءات الاحتلال، فلماذا يتم فحص السيارات في معبر بيت حانون "إيرز" ومن ثم شحنها إلى معبر كرم أبو سالم لإدخالها إلى القطاع، ولماذا لا يتم إدخالها من معبر "إيرز" بعد فحصها، وتوفير الوقت والجهد ومزيد من التكاليف التي يتحملها التاجر الفلسطيني ويضيفها على ثمن السيارة ويتحملها المواطن في نهاية المطاف؟؟!!.

قبل وقوع الانقسام في العام 2007، كانت حاجة غزة من السيارات تقدر بنحو 1200 سيارة سنويًا، ما يعني أن غزة في حاجة الآن إلى نحو خمسة آلاف سيارة لتجاوز الأزمة التي خلفها منع سلطات الاحتلال إدخال السيارات منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية مطلع العام 2006.

لا أحد يبرئ الاحتلال من جرائمه، ومن مسؤوليته عن حصار غزة، ومنها تسببه في أزمة السيارات، ولكن وزارة المواصلات في رام الله تتحمل جزءًا من المسؤولية عن المعاناة التي يعيشها سكان غزة بفعل هذه الأزمة، فالوزارة متهمة بالتقصير في تسليط الضوء على هذه الأزمة، وتفعليها عبر طرحها مع الجهات الدولية وممارسة الضغط على المؤسسة الاسرائيلية للسماح بتزويد القطاع بحاجته من السيارات، التي فُقد الكثير منها جراء تدميرها خلال الحرب على غزة قبل نحو سنتين، وفي اعتداءات الاحتلال المتكررة، وفُقد جزء آخر بفعل عامل الزمن وانتهاء عمرها الافتراضي.

كما تتحمل وزارة المواصلات في رام الله المسؤولية عن إفساحها المجال للتلاعب في "الدور" المخصص لكل تاجر من أجل إدخال سياراته، إذ تلعب الواسطة والمحسوبية والرشوة دورًا مهمًا في تقديم تاجر على آخر، وتشير معلومات جمعية تجار السيارات إلى أن هناك تجارًا لم يتمكنوا حتى اللحظة من إدخال سيارة واحدة منذ بدء الاحتلال إدخال أول شحنة سيارات في أيلول من العام الماضي.

إن وزارة المواصلات مطالبة بإدارة الأزمة بشكل صحيح، وبالعمل على توظيف كل الأوراق من أجل الضغط على دولة الكيان لإدخال كل السيارات المحتجزة في الموانئ، وإلى ذلك الحين في إمكانها وضع آلية عادلة تضمن استفادة كل التجار من حركة المعبر، ومنع أي تلاعب في الترتيب على الدور، والتوقف عن الازدواجية في التعامل مع تجار غزة والضفة الغربية، عبر منح تجار غزة فترة سماح كما أقرانهم في الضفة الغربية، وعدم الإصرار على جباية كل الرسوم والجمارك والمستحقات على السيارات بينما هي رابضة في موانئ المؤسسة الإسرائيلية.

غزة لا تزال محاصرة، هذه هي الحقيقة، وأي ادعاءات للاحتلال بأنه أدخل تسهيلات على حركة المعبر التجاري الوحيد ليست سوى "أوهام" واستمرار لسياسة الخداع التي تجيد المؤسسة الاسرائيلية فنونها... إن المؤسسة الإسرائيلية ليست "احتلالًا إنسانيًا" ولكنها احتلال بغيض يتفنن في ممارسة القتل البطيء ضد مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة.