خبر لا للحرب الأهلية -يديعوت

الساعة 08:07 ص|29 يونيو 2011

لا للحرب الأهلية -يديعوت

بقلم: ايتان هابر

        ليس صدفة أن عنوان هذا المقال معروف من مكان ما: هذا عنوان بث مناحيم بيغن في ليل "ألتلينا" قبل 63 سنة؛ هذا هو عنوان أحد فصول كتابه "الثورة"؛ وهذا ايضا عنوان في ضوئه تربى عشرات الآلاف في "المعسكر الوطني". لا للحرب الأهلية.

        كطفل أذكر دوما قضية "ألتلينا" كسلسلة صور: سفينة مشتعلة، قبو مقلوب رأسا على عقب في متسودات زئيف (مقر الايتسل) في تل ابيب، صدى عيارات نارية – وصوت واحد: صوت مناحيم بيغن، بالبث الاذاعي، صوت بكاء. قبل وفاته، عندما سُئل كيف يريد أن يذكره التاريخ قال: كمن منع حربا أهلية.

        العداء اليوم بين المعسكرين الأساسين في الدولة، واللذين يُسميان يمينا ويسارا، هو لعب أطفال. "مزاح" كما كانت أمي الراحلة تقول، بالقياس الى شدة الكراهية، انعدام الثقة والاشتباه المتبادل الذي كانوا يتخذونه هنا قبل قيام الدولة وبعدها، حتى منتصف الستينيات. الرجال والنساء دفعوا حياتهم ثمنا في أعقابها، وفقط قبل اسبوع طُرحت هنا ذكرى 16 شهيدا لـ "ألتلينا" (ولم تُحيا ذكرى ثلاثة جنود من الجيش الاسرائيلي سقطوا بالمقابل). كان هذا ليفي اشكول الراحل، رئيس الوزراء، الاول الذي حطم أسوار العداء.

        في السنوات العشرين الاخيرة يُخيل أن دولة اسرائيل تتدهور الى تلك الايام الظلماء، ولكن سيكون هناك من يقول بأن الدولاب دار: هذه المرة، الكراهية أكثر سطوة من ناحية "المعسكر الوطني". من داخله خرج ملك الكارهين الذي قتل رئيس الوزراء. ملك؟ نعم، كونه لا يزال يوجد في اسرائيل غير قليلين ممن يُعد هو في نظرهم صدّيقا كتمار. "عشبة ضارة"، قالوا عنه في ذات المعسكر.

        هل "العشبة الضارة" نبتت واتسعت لتصبح حديقة واسعة؟ حسب مشاهد هذا الاسبوع من قضية الحاخام دوف ليئور، يُخيل أن هكذا هو الحال حقا. ولكن، لشدة الأسف، سبق أن رأينا عنفا أشد من هذا، في منتصف التسعينيات، عندما سعى المستوطنون في يهودا والسامرة الى احباط اتفاق اوسلو.

        وبشأن الحاخام ليئور نقول فقط انه لم يولد بعد من لا ينطبق عليه في اسرائيل القانون، حتى وإن كان حاخاما وعظيما. عظيم في التوراة متساو أمام القانون كآخر الفارغين في السوق. ولكن يوجد ايضا نواة حقيقة في الادعاء بأن ذات القانون لم يطبق، مثلا، على البروفيسور يشعياهو ليفوفيتش، رحمه الله، حاخام وعظيم في اليسار، وصف جنود الجيش الاسرائيلي بـ "يودونازيين" (خَدَمَة النازيين من اليهود). هو ايضا، في حينه، كان مكان للتحقيق معه بل وربما تقديمه الى المحاكمة – ويجب الافتراض بأن رجال اليسار كانوا في حينه سيرفعون الصوت عاليا بمرارة (وهذا يعرفونه جيدا) وإن لم يكن كذلك، فسيرفعون الأيادي والقبضات.

        مواساة اليسار يجب أن تكون بأن عنف جهات معينة في المعسكر الوطني آخذة في الازدياد، ضمن امور اخرى، لأنهم يشعرون بفقدان التأييد من الرأي العام. فهذا ليس العالم وليس الرأي العام العالمي الذي يغلق على دولة اسرائيل التي تثير القلق وتُخرج الى الشارع "الاعشاب الضارة"، بل انزلاق السياسة في اسرائيل الى الوسط والى اليسار: بيبي نتنياهو، تسيبي لفني، تساحي هنغبي وكثيرون آخرون (بينهم يكاد يكون كل ممثلو كديما ومصوتوه) فهموا، وإن كان على نحو متأخر، بأنه لا يمكن الاحتفاظ بكل المناطق كل الوقت.

        مستوطنون ومتوطنون ظاهرون استوعبوا بأن أيامهم (وربما سنواتهم) معدودة في بلدات عديدة في يهودا والسامرة. الزمن لا يعمل في صالحهم. ومع أن الحركة الصهيونية قطعت أشواطا هائلة على كسب الوقت، ولكن رجال اليمين المتزمتين يفهمون اليوم هم ايضا بأن ذرات الرمل تنفد من ساعة الرمل. بيبي نتنياهو يكافح اليوم، ربما عن حق من ناحيته، في المراحل الاخيرة في حربه. أما المستوطنون فهم الذين سيدفعون الثمن.

        المعركة، اذا، ليست على – أو ليست فقط على – كرامة الحاخام ليئور. فبالنسبة للكثير من "الاعشاب الضارة" هذه معركة على البيت – حيال وضد كل العالم تقريبا. صحيح أنه كان بودهم أن يتجاهلوا العالم كله بأناشيدهم، ولكن في الوقت الماضي الاخير أحد ما هناك فوق غفا في اثناء الحراسة. ذاك الشخص يغض النظر من فوق عن تحول دولة اسرائيل الى مزرعة منبوذين في العالم وليس قلقا من الوضع المتدهور. فهل ستبقى ايضا "الاعشاب الضارة" في حينه لتسكن معنا في مزرعة المنبوذين؟ الجواب هو: لا. فهم سيقيمون عندها مستوطنة متساده ب وعلى قمتها سيشعلون عناوين نار. فبالنار يطيب لهم أن يلعبوا.